السبت، 21 يوليو 2018

رؤية فلسطينية في قانون القومية

د . محمد عبد اشتيوي
لم يأت إقرار الكنيست بالقراءة الاولى لقانون القومية طارئاً، وانما جاء ضمن سلسلة خطوات واجراءات منهجية متجذرة في عقلية وعقيدة اليهود الطامعة بالسيطرة على ارضنا الفلسطينية والتي تأتي ضمن تحقيق مشروعهم الاوسع بإيجاد ما يسمى بإسرائيل الكبرى، ونحن كفلسطينيين يتوجب علينا ان نقف امام هذه الخطوة متفكرين ، سيما وانها جاءت ضمن بيئة سياسية دولية واقليمية مساعدة لأي غطرسة وتغول اسرائيلي على مقدراتنا الفلسطينية وحتى العربية، فالنظام الدولي مصطف مع اسرائيل بكل امكاناته، والنظام العربي مسلوب الارادة وخاضع للنظام الدولي الغربي ، بل تعدى ذلك بكثير حيث اصبح يعبر عن شخصية النظام الدولي الغربي وينطق باسمه ويمرر مخططاته ويتبنى افكاره ويدعمها بكل ما اوتي من امكانات، فلا موانع ولا عقبات ولا راد للغطرسة الاسرائيلية، بل تتزايد الجهات التي تدعمها وتغطيها وتعطيها وتشرعنها بل وتحسن ادارتها. 
ولكن الجانب الاهم الواجب التركيز عليه ان نحدد طبيعة الصراع مع هذا العدو ، فقانون القومية بما حوى من بنود يؤكد بان طبيعة الصراع مع العدو الاسرائيلي هو صراع عقدي متجذر ، صراع وجود وليس صراع حدود، واكبر دليل على ذلك لم يرد اي بند يحدد حدود معالم دولة اسرائيل ، وهنا اشارة الى نية التوسع في الوجود الذي لا تحكمه حدود، اضافة الى ان ما ورد من بنود في قانون القومية ظهرت وانطلت عليها مفاعيل الجانب الديني والعقدي عند اليهود، وهو مالم يختلف عما اشار اليه الدين الاسلامي في كثير من المواطن، وبالرجوع الى اسفار بني صهيون مثل سفر يشوع بن نون وغيره من اسفارهم ، تجد بان اليهود يحملون عقيدة الابادة والقتل لغيرهم ليحققوا كينونتهم وذواتهم بمنطق الاحلال حتى لو كان الثمن تدمير الامة بأكملها، وان ما دار وما زال يدور من مناورات تفاوضية مع اليهود لا تعدو ان تكون ضمن اطار التكتيكات الترويضية الهادفة التي لا ولم ولن تبتعد عن غايتهم في تطبيق عقيدتهم التي اشارت اليها بروتوكولات بني صهيون منذ زمن بعيد. 
ومن اهم ما يعززه قانون القومية المزعوم حالة العنصرية والتمييز العرقي، التي بنيت في اساسها على تحديد معالم المراد تحقيقه للدولة اليهودية التي يسعون اليها منذ زمن، وان اقرار ذاك القانون سيضفي مزيداً من عنصرة الفكر والعقيدة والدين والسلوك والارض والمصير لصالح اليهود. وهو ما يمكنه ان يجعل المنطقة ملتهبة على كثير من الصعد، حتى لو كان ذلك بشكل نسبي، وستبقى حالة الصراع مع المحتل قائمة ودائمة بدوام احتلاله للأرض الفلسطينية ولكن علينا ان نعتبر مما يدور في محاولة لتحسين القدرة على ادارة الصراع باتجاه تحقيق ما يمكن تحقيقه لصالح قضيتنا الفلسطينية.

الصيانة من منظور سياسي

د . محمد عبد اشتيوي

لقد مر المشروع الوطني الفلسطيني بالعديد من المحطات التي أنهك بعضها الكثير مقومات العمل ومقومات الصمود في وجه أعتى احتلال في تاريخنا الحديث، وإذا ما تتبعنا معطيات تلك المحطات وآثارها نجد بأننا كحالة فلسطينية بحاجة إلى إعادة إنتاج لذواتنا و لقضيتنا من خلال تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف، حيث من الجدير أن نقف عند نقاط الضعف بهدف تصحيحها باعتبارها نتوءً سلبياً قد يضر بمشروعنا الوطني ككل، وهنا يتحقق مفهوم الصيانة بمضمونه العملي، وذلك يحتاج إلى قناعة ثقافية لدى أصحاب القرار الفلسطيني ممن يستطيعون التأثير في تغيير المعادلات الوطنية لصالح قضينا برمتها ، وجدير حينها أن يقف أصحاب القرار عند كل صغيره وكبيرة يمكنها أن تسهم في تعزيز المعادلة لصالح المشروع الوطني الفلسطيني، فيؤخذ بالاعتبار الاهداف الوطنية العامة التي يتوجب على المشروع الوطني تحقيقه، مقابل أدوات وأساليب وخطط واستراتيجيات وسياسات العمل الوطني المتبعة، وعمليات الصيانة حريٌّ أن تربط كل معطيات العمل الوطن مع الاهداف المتوقع تحقيقها، وذلك لأن لا تكون صيانة الوسائل و الأدوات هي الهدف المنشود، وعليه فلابد من التركيز على أن المشروع الوطني وجد من قاعدة الحاجة إلى تحرير الأرض، والانسان من دنس المحتلين.
إذن عمليات الصيانة يجب أن تشمل كل معطيات المشروع الوطني وصولا إلى حالة وطنية صحية يمكن الإنطلاق منها نحو تحقيق الاهداف الوطنية العامة.
فالصيانة في مضمونها العام تشير إلى تصحيح المعطوب أو إ صلاح الخلل، ومن جانب آخر هي المحاولة فى الحفاظ على مستوى معين من الأداء الصحي والسليم،
وبالرغم من الاجتهادات الوطنية التي تقدمها فصائل العمل الوطن باتجاه طرد المحتلين عن أرضنا، إلا أن عدونا لم يفتأ للحظة في وضع العقبات أمامها، بل أنه يذهب في كل لحظة لارتكاب الجرائم في محاولة لتوسيع رقعه احتلاله لأرضنا ومقدراتنا، وكل ذلك يأني في إطار تعطيل مسيرة مشروعنا الوطني، والمتتبع لمراحل الصراع مع هذا العدو المحتل يجد بأن أساليبه وأدواته وسياساته وخططه سواء كانت السياسية أو العسكرية أو غيرها تتغير وتتبدل من فينة إلى أخرى وذلك بحسب متطلبات المرحلة وبما تخدم مصلحته في وجوده على أرضنا، في المقابل علينا كفلسطينيين أن نتناغم مع تلك التغيرات من خلال استحداث وابداع أساليب وأدوات وخطط وسياسات جديدة، تأتي في مضمونها لصيانة المشروع الوطني بإستبعاد أو تعديل وتطوير ما هو قائم أو ايجاد حالة ابداعية جديدة-
ولا تجوز أي عملية استحداث أو تطوير أو تغير أو صيانة بعيدا عن ربطها بالأهداف العامة للمشروع الوطني، وأن عمليات الصيانة تلك لا يجوز أن تفهم بمنطق التراجع أو التخاذل أو العجز وانما يجب أن تكون في إطار الأبداع السياسي والتحول الايجابي نحو ما هو أفضل لمشروعنا الوطني، وأن حالة عدم التوافق الكلى لفصائل العمل الوطن حول مدى قناعتهم بعمليات الصيانة المشار لها لا يجب أن تكون محط صراع بيننا وانما يحب أن ينظر اليها من باب التكامل للأدوار مادام الهدف واحد فكل فصيل قد يؤمن بأساليب وأدوات مغايرة عن التي يؤمن بها الفصيل الآخر ، فهذا أمر منطقي ويمكن الانتفاع به وطنياً.

التصعيد والوعيد

د . محمد عبد اشتيوي
في ظل التفاعلات المتلاحقة على ساحة قطاع غزة، والمتعلقة بحالة التصعيد والوعيد الاسرائيلي ، كان لا بد من الاشارة الى ان ذلك لم يأت من عدم، وانما هو اجراء مخطط من قبل الاسرائيليين، فبعد الدخول في حالة الاحراج ومربع الاتهام امام المجتمع الدولي بقتل الابرياء من ابناء قطاع غزة سيما ما وقع في ١٤/مايو الجاري ، جعل من الاحتلال الاسرائيلي يعمل بكل طاقته الى تغيير موازين اللعبة وقلب المعادلة لصالحه ، فبعد ان مسكت مسيرات العودة زمام الملعب السياسي وباتت تتفاعل محلياً ودولياً لصالح الفلسطينيين ، ذهب الاحتلال الى الاستعانة بعدد من الاطراف العربية وغيرها للتفاوض مع الفلسطينيين لإنهاء مسيرات العودة على الحدود مع الارض المحتلة، خاصة وانه يخوض حالة صراع امني وعسكري على الجبهة الشمالية مع جبهة لبنان وسورية، ومع تدخل تلك الاطراف للحد من تأثيرات مسيرات العودة والتلويح ببعض الامتيازات التي يمكن ان تخفف عبء الحياة في قطاع غزة، كان هناك قراراً بفتح معبر رفح البري طوال شهر رمضان، وكان هناك قراراً باستئناف العمل في معبر كرم ابو سالم رغم ما اصابه من تدمير خلال عمليات الاقتحام المتكررة، وكان هناك قراراً بإدخال المساعدات المتنوعة من جهات خارجية لقطاع غزة ، وكان هناك توجهاً عملياً لإنهاء مسيرات العودة تماماً ولكن ضمن صفقة تم البدء في التفاوض حولها منذ ايام، وكما يعلم الجميع ان الاسرائيليين يلعبوا في كل ما في جعبتهم من اوراق تفاوضية لتحقيق افضل نتائج لهم. فذهبوا بالتفكير الى عمليات التصعيد العسكري تدريجياً لجر المقاومة الى الرد فيصار الى تحول المفهوم السلمي كما رسمه العالم في مخيلته حول ما يدور بقطاع غزة الى التحول والاقتناع بوجود صراع عسكري وان اسرائيل هي ،ومن جانب اخر عمدت اسرائيل الى عمليات التصعيد والوعيد لكسب ورقة ضغط عند عمليات التفاوض القائمة وبيع القصة الى الجهات الوسيطة بوقف القصف والتصعيد والوعيد كأنها تنازلت عن شيء كبير جداً ومطلوب من الفلسطينيين التنازل مقابله. علماً بان اسرائيل في ظل تصاعد وتيرة العمل العسكري على الجبهة الشمالية سيكون التصعيد على الجبهة الجنوبية ليس في صالحها، سيما وانها تفتح على نفسها كل الجبهات وهذا امر ليس ببسيط، فالهدف الرئيس من عمليات التصعيد والوعيد تنحصر في نجاح اسرائيل بتحقيق افضل النتائج من التفاوض مع حركة حماس والاطراف ذات العلاقة بقطاع غزة

فقدان البوصلة السياسية

د . محمد عبد اشتيوي

من السذاجة السياسية لو اعتقدنا ان عدم تحديد معالم مرحلة ما بعد الرئيس ابو مازن ليست من صالح الاحتلال الاسرائيلي، فحالة الهلامية والضبابية التي تخيم على المفاهيم الدستورية والقانونية القاضية بطبيعة تداول السلطة وانتقالها بحسب القانون الفلسطيني المعدل ،لم تكن جزافية ولكنها مبرمجة ضمن خطوط عرض وطول التفكير الاحتلالي بدقة، وقد جعلها الاحتلال هدفا يمكن ان يبني عليه اعتباراته خلال المرحلة القادمة، حيث عملت الالة الاعلامية الاسرائيلية منذ زمن بعيد على بث روح الفرقة والكراهية بين كل الاطراف الفلسطينية ، وعززت قواعد الحقد والكراهية بقوة لتنطلق حلبة الصراع على السلطة بعد مرحلة ابو مازن ، وحينها ستتوه البوصلة الوطنية ،وسيكون لكل طرف من الاطراف وجهته التي يصبو اليها، وان الذهاب الى عقد المجلس الوطني في دورته الاخيرة، يمكن البناء عليها باعتبار ان هذا المجلس هو الجسم البديل عن المجلس التشريعي الفلسطيني الذي افرزته السلطة الوطنية وما هي الا مخرج من مخرجات منظمة التحرير الفلسطينية وامتداد عملي لقرار المجلس الوطني الفلسطيني، وما رشح من اقوال عن لسان عزام الاحمد بان الاخ سليم الزعنون يمكنه ان يسد الفراغ السياسي والدستوري عند غياب الرئيس ابو مازن لهو دليل على ذلك، وحينها ستستعر معركة الشرعيات بين تولي رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك رئاسة السلطة في الفترة الانتقالية ٦٠ يوما حتى اجراء الانتخابات الرئاسية ،ام سيتولاها الزعنون رئيس المجلس الوطني.

وأمام هذا السيناريو ستجد التشللات قد ظهرت، وتاهت البوصلة السياسية عبر التجاذبات الفصائلية ، وقد تمتد الى تجاذبات القوى الفردية من اصحاب النفوذ والحضور الشخصي او الامني او السياسي او الوطني او الاقليمي او غير ذلك، وهو ما سيزيد الطين بله وسيجعل من المشروع الوطني مهلهلاً منهكاً بعد حالة من استنزاف القوى الفلسطينية الداخلية، وحينها قد يصل الحال الى مرحلة استجداء الاحتلال للخروج من دوامة الصراع على السلطة وامام حالة الضعف والوهن سيفرض الاحتلال ومن معه الحلول التي تخدم وجوده في المنطقة والتي ستكون بلسان ومطلب الفلسطينيين.

الفراغ الدستوري أمر جد خطير ، والدخول في حالة التيه الوطني ستفقد المشروع الوطني قيمته ووجهته نحو التحرير، وسيتحقق تحول كبير في المنطقة لن يكون لصالح الفلسطينيين خاصة وان الكثيرين استنمروا علينا وعلى قضيتنا وهم بانتظار ان ينقضوا علينا لانهاء قضيتنا بشكل كامل. 
فرصة توحيد البوصلة الوطنية قائمة وعلى كل الشرفاء ان يلتقطوها وان يحافظوا عليها وان يحققوا مقومات التشبث بها مهما كان الثمن، فطريق الوحدة الوطنية مفتوح والقانون الدستوري الذي نظم العلاقات بين الاطراف موجود والنظم واللوائح الحاكمة للسلوك الوطني موجودة فلماذا لا تتوحد الجهود وان تفعلها بحق وتنطلق نحو عملية ديمقراطية تحتكم الى اراء وتوجهات الجمهور ، فليكن صندوق الانتخابات هو الحكم.

غزة المدينة الفاصلة

د . محمد عبد اشتيوي
تعاقبت المؤامرات بكافة ألوانها وانواعها على قطاع غزة عبر مراحل طويلة من الزمن، وما كانت غزة الا الصخرة التي تتحطم عليها تلك المؤامرات، وكثير هم من تمنوا كما تمنى "رابين"زوال قطاع غزة من الخارطة الجيوسياسية وأن يبتلعها البحر وتغرق، لكنهم وفي كل مرة يتيقنوا من ان قطاع غزة يذود بجذوة النضال وتتفلق كل الساكنات ليخرج اشباله ونساؤه وشيوخه لتنتفض في وجه ظالميه ومغتصبيه والمتآمرين عليه، ويثبت بانه يمثل بيضة القبان في المعادلة الفلسطينية ككل ولربما في منظومة الامن الاقليمي بشكل عام، ولما كان افلاطون قد تمنى قديماً ان تتحقق المدينة التي يحكمها الفلاسفة ظناً منه انهم لحكمتهم سوف يجعلون كل شيء في تلك المدينة معيارياً، وبناء عليه ستكون مدينة فاضلة. اصطدم بالكثير من المعطيات والعقبات التي تزيد من الابتعاد عن تحقيق حلمه.

أما ونحن أمام جميع المبادرات والخطط والقرارات التي ذهبت لتطويع قطاع غزة وجعله مدحي تحت وطأة اي من الجبابرة والحكام بهدف خدمة توجهات غربية احتلالية في المنطقة للحفاظ على مصالحها ، فيجب ان يدركوا جيداً بأن غزة لن تكون المدينة الفاضلة التي حلم بها افلاطون، ولن تكون المدينة التي تسير وفق معايير للأسف اعتقدوا انهم وضعوها وما على قطاع غزة أن يسير عليها. والتعبير عن مدينة غزة كمدينة فاصلة هو تعبير عن ضمنية جغرافيا قطاع غزة ككل.

وفي كل مرة تثبت غزة بانها المدينة الفاصلة وليس المدينة الفاضلة التي تمناها اعداؤها، فكانت الفاصلة لكل المؤامرات والصراعات التي دارت حولها ، وجعلت من نفسها مخزوناً وطنياً على المستوى الاستراتيجي لقضيتنا الفلسطينية، غزة المدينة الفاصلة عندما افشلت كل المشاريع التمريرية التي حاول الكثيرين زرعها في حنايا وفكر ووجدان ابناء قطاع غزة.، غزة المدينة الفاصلة عندما سطرت صمودها خلال عدة حروب شنت عليها ولم تعطي عدونا نشوة النصر ولو للحظة، بالرغم من كل التضحيات التي قدمتها غزة، غزة المدينة الفاصلة عندما وقفت في وجه الصلف الاسرائيلي عند محاولته الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة والي خطط لها شارون منذ التفكير في الانسحاب احادي الجانب عام ٢٠٠٥ فحققت قطبي معادلة وطنية اصبحت عنواناً لكل الوطنيين في فلسطين وهي (لا دولة في غزة ولا دولة بدون غزة) وهذا يؤكد بان غزة هي المدينة الفاصلة في مصير قضيتنا الفلسطينية ككل..

والمتتبع سياسياً لأبعاد صفقة القرن يجد بان تحقيق المشروع اليهودي في المنطقة وضمان امنه واستقراره ككيان له معالمة السيادية الخاصة ارتبط بقطاع غزة، الذي يسعى الى قذفه خارج الجسم الفلسطيني الاصيل باتجاه شبه جزيرة سيناء، وهو تعبير حقيقي عن مدى تاثير قطاع غزة في المشروع الصهيوامريكي الجديد، وهنا كذلك كانت وما زالت غزة هي المدينة الفاصلة، التي تقف كشوكة في حلق كل من يحاول تمرير ذاك المشروع التصفوي لقضيتنا الفلسطينية. فلا ولم ولن تسمح غزة ان تقذف في غياهب الجغرافيا الجديدة لتكون العتبة الحقيقية لتعميد المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة.فلن تتحقق احلام اعدائنا تجاه قطاع غزة وستبقى غزة المدينة الفاصلة في كل مؤامراتهم، ولن تكون المدينة الفاضلة كما يحلمون.

غزة بين التفجير والتهجير

د . محمد عبد اشتيوي

بعد عملية التفجير التي استهدفت موكب رئيس الوزراء ومعه مدير المخابرات القادمين من رام الله الى غزة، يغلب التفكير عند الجميع في من هم وراء ذلك التفجير، منتظرين نتائج التحقيق التي تطحن في رحاها كل التفاصيل التي يمكن ان تدل على الفاعل، على اعتبار ان التعرف عليه سيحدد الهدف من التفجير ومن الجهة المستفيدة مما حصل.
وفي اطار تحليل احد السيناريوهات المتوقع بانه يطبق على قطاع غزه، ان تبدأ حالة ارباك للمشهد السياسي المتعلق بوضعية قطاع غزة، وان توضع كثباناً من العقبات امام اتمام المصالحة وانهاء الانقسام بين شطري الوطن، سيما وان حركتي فتح وحماس وصلتا الى حد كبير من الجمود في سيرورة اجراءات تنفيذ الاتفاقات بينهما، فكان التفجير وما تلاه من ارتدادات سعيا من عدة جهات تتآمر على قطاع غزة وتذهب نحو خلق جبهة اتهامات متبادلة بين الطرفين وهو ما سيزيد من الشقة والمسافة بينهما، وان تغذية هذه الحالة من اللجاجة قد تتطور تدريجياً من خلال استبدال نمط الاتهامات الى الاعتداءات المتبادلة، وقد تتمثل الاعتداءات على قطاع غزة بمزيد من العقوبات وتضييق الخناق اكثر واكثر مثل التجفيف شبه الكامل للموارد المالية او منع دخول المحروقات او منع دخول بعض مستلزمات الحياة اليومية او تخفيض نسبة الكهرباء او تعطيل عمل البنوك او غير ذلك مما يمكنه شل عصب الحياة لي القطاع ، واعتبار التفجير الذي حصل بمثابة نقطة انطلاق لكرة الثلج المتدحرجة التي سيزداد في ضوئها مسلسل من التفجيرات الهلامية، وبذلك تكون قد تحققت مرحلة فقدان السيطرة على الامن من قبل حركة حماس وهو ما يجعلها متهمة امام الجماهير وامام كل المحافل بانها جعلت غزة مرتعاً للإرهاب وان حياة المواطنين فيهة غير آمنة، وهو ما سيكون مبرراً لتدخلات عديدة من اكثر من جهة، فحالة الفلتان الامني قد تكون جزءاً من سيناريو صفقة القرن ، حيث سيصبح المواطن الغزي لا يفكر الا بالنجاة بنفسه واهله وبالهروب من دوامة العنف والتفجيرات الحاصلة في غزة ، وحينها سيكون المواطن الغزاوي مهيأً للهجرة من قطاع غزة الى اي مكان آخر آمن، وهو ما سيتطابق مع المخطط الذي تسرب في وسائل الاعلام الخاص بتطبيق صفقة القرن التي جاء بها الرئيس الامريكي دونالد ترامب والذي يحوى اقامة كيان سياسي في غزة يسمى دولة غزة الكبرى بعد ضم جزء من الاراضي المصرية من شمال سيناء او ما يطلقون عليه بغلاف غزة، فتبدأ حالة الهجرة من غزة الى الاراضي السيناوية بحثاً عن الامان ليصار تشكيل كيان سياسي جغرافي موحد يدمج بين اراضي قطاع غزة وبين غلافها المقتطع اراضي سيناء. يسمى دولة غزة الكبرى.
اذن يكون بذلك التفجير هو بداية التهجير، واذا كان الامر كذلك فليس من الضروري معرفة الاشخاص الفاعلين بقدر ما هو ضروري معرفة الجهة التي تقف خلفه، نظراً لان المعادلة لا تتمثل اطرافها بأشخاص وانما بجهات او جماعات او حتى دول لها اهدافها واجنداتها الخاصة.

المواطنة المنقوصة

د . محمد عبد اشتيوي
يولد المواطن الفلسطيني بالفطرة منتمياً لأرضه ووطنه، مفعماً بتعابير الوطن التي تشكل كينونته الوطنية . والتي من خلالها يمكن ان يتشكل مضمون المواطنة لديه وهي المضمون الذي يعبر عن التزام المواطن الادبي والاخلاقي بتقديم الواجب الوطني واي متطلبات او سلوكيات من شانها خدمة الوطن دون ان ينتظر اي مقابل. وهو تعبير واضح عن الانتماء الوطني الصادق. الامر الذي يحقق لدى المواطن حالة من الرضا عن الذات تجاه الوطن. ففي اغلب دول العالم ينظر الوطن الى مواطنيه نظرة واجب في تحقيق الرفاهية ومتطلبات الحياة والتي بالتأكيد ستنعكس على تحقيق الرضا عند المواطن.
اما في قطاع غزة يتضح بان مضمون المواطنة منقوص. وذلك نظراً لوجود خلل في تحقيق المعادلة، فبالرغم من تبني السواد الاعظم من ابناء شعبنا لمضامين المواطنة الحقيقية والانتماء الحقيقي للوطن ويقدموا كل ما لديهم من امكانات ، الا انهم لم يشعروا بالرضا الوطني نظرا لحالة العجز التي يمر بها الوطن فاصبح غير قادر على تلبية احتياجات المواطن، اصبح غير قادر على تحقيق الرضا لديه، فلا ماء ولا كهرباء ولا عمل ولا سفر ولا مستقبل . فغياب الامل لجيل ان لم يكن لأجيال متعاقبة جعل من معادلة المواطنة مختلة وغير متوازنة. وهو ما جعل اليأس الوطني يتسلل لدي العديد من ابناء قطاع غزة، وهو ما دفعهم الى الدخول في حالة احباط وفتور وتنكر لأغلب متغيرات المرحلة التي يمكنها ان تؤثر في صياغة الواقع الحالي. وهو ما يمكن التعبير عنه بالمواطنة المنقوصة . فان اي تراجع لدافعية المواطن نحو تقديم ولو جزء من خدماته وقدراته وامكاناته للوطن يمكن تشخيصه بانه مواطنة منقوصة. 
امام هذه الحالة فلا بد من تعزيز الوعي الوطني لدى الاجيال المتعاقبة والتاكيد على ان المواطن يجب ان يعطي الوطن ولا ينتظر اي مقابل ، وان الحالة الوي يمر رها الوطن فلسين وقطاع غزة تحديداً هي حالة لا ارادية فرضها الاحتلال الإسرائيلي ومعه متغيرات المنطقة والاقليم والتفاعلات الدولية. وهو ما يشكل حالة مرضية استثنائية يجب ان يتشافى ويتعافى منها الوطن عبر تعزيز مفهوم المواطنة الصادقة وبذل كل جهد يمكنه ان يسهم في طرد الاحتلال من على ارضنا ومن سمائنا وبحرنا لتتحقق معادلة المواطنة بشقيها بشكل متوازن .
قطاع غزة يحتاج منا الكثير وان المخزون الوطني الموجود في قطاع غزة كبير وكبير جدا . يمكن لكل الوطن فلسطين الاعتماد عليه في معادلة التحرير. وان ذلك المخزون حتما لا ينضب مهما تسلل الاحباط وانغلاق الافق والشعور بالتردي الوطني. فقطاع غزة سيبقى عمود الخيمة الوطنية لقضيتنا الفلسطينية . ومهما اشتدت المؤامرات عليه سيبقى ابناؤه هم الاجدر بحمل راية المشروع الوطني بجانب كل الشرفاء من ابناء الوطن فامام الوطن فلا بد وان تزول كل عوامل التجزئة الجغرافية وان تنصهر كل الامكانات والقوى والمقدرات في بوتقة الوطن الكبيرة.

المصالحة بين حالتي التكلس واللياقة الوطنية

د . محمد عبد اشتيوي
أمام حالة التكلس التي تمر بها مراحل إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس باعتبارهما القطبين الرئيسيين في احداث الانقسام الفلسطيني منذ العام 2007، ورغم التبني والرعاية الكاملة لجمهورية مصر العربية ومعها العديد من الدول العربية وغير العربية الداعمة باتجاه استكمال واتمام المصالحة الفلسطينية وانهاء الانقسام الحاصل، الا ان ذلك لم يتم حتى اللحظة وذلك تحت مجموعة من الذرائع والمبررات منها المنطقي ومنها غير المنطقي، فلقد وقفت حركة فتح عند عتبة مضمون التمكين الكامل تحت وفوق الأرض في قطاع غزة، ووقفت حماس عند تحقيق الأمان الوظيفي لموظفيها وضرورة تبني السلطة الفلسطينية كامل موظفيها ودفع مرتباتهم، وأعربت عن عدم تخليها عن سلاحها باعتباره سلاح لمقاومة الاحتلال لا غير، وهو ما أبطأ خطوات التقدم نحو تنفيذ الاطار العام للمصالحة الذي تم التوافق عليه في بداية شهر أكتوبر من العام 2017.
إن حالة التكلس وشبه الجمود السياسي التي تنتاب طرفي الانقسام لم تخرج عن اطار الحفاظ على هيبة ومكانة وسلطة وهيمنة كل منهما على الأرض، وان ذلك يمكن ان يكون على حساب العديد من مقدرات الشعب والقضية الفلسطينية بأكملها، وأن اهم تلك المقدرات هو الانسان الفلسطيني فالكل يعلم مستوى الضنك والضغط الذي بات يعيشه الموطن الفلسطيني المرهون بالتوافق بين طرفي الانقسام، ولم يقف ذلك عند المواطن فحسب بل امتد الى المقدرات الوطنية الاقتصادية وكذلك الاجتماعية والتي انعكس كل ذلك على تردي الحالة السياسية للقضية الفلسطينية برمتها.
فالحساسية الوطنية تستدعي ان يشعر كل من فتح وحماس بشعور وحاجة الشعب وان يعتدا بمقتضيات صموده وتعزيزها على الأرض وليس العكس، ولكن تغليب المفهوم الحزبي من الواضح انه يطغى على السلوكيات الوطنية بشكل عام. ومن الواجب الوطني والسياسي لأي جهة تتقلد منصة الحكم في البلاد ان تعتد بالجماهير وتنطلق منها باتجاه أي خطوة في الصراع مع المحتلين، وذلك يتطلب العديد من الأفكار التي تجعل من الجماهير جزءٌ من صناعة القرار الوطني.
فلماذا لا يتم تحشيد القوى الجماهيرية بكل مكوناتها الرافعة من الاكاديميين والكتاب وأصحاب الراي وقادة العمل الوطني والقادة السياسيين ورجال الدين وأصحاب الحظوة الاجتماعية وأصحاب التأثير المجتمعي بكافة صورهم، وان يتم الذهاب نحو مؤتمر شعبي جماهيري جامع لكل مفاصل ومكونات العمل الوطني الفلسطيني لتوضع أمامهم على طاولة النقاش والحوار حقيقة ما يدور خلال هذه المرحلة الحساسة لقضيتنا الفلسطينية، للخروج بتصورات ومقترحات نابعة من حاجتهم الحقيقية ورؤيتهم الواقعية لمجريات العمل الوطني والسياسي، وان يكون للجماهير دور في صناعة وتركيب القرارات الوطنية في المرحلة القادمة، وهو ما سيجنب فتح وحماس وحتى باقي الفصائل الوطنية تحمل مسئولية القرارات الفردية او الحزبية الخارجة من رؤية فصائلية وحزبية بحتة.
أما امام حالة التكلس السياسية الحاصلة فهناك عدد من التساؤلات التي يمكن في ضوئها بناء عدد من التصورات التي يمكن ان توضع محلاً للنقاش والبناء عليها ما أمكن، وذلك للخروج من حالة التكلس والانتقال الى حالة وطنية مرنة قادرة على عمليات التكيف الوطني والسياسي مع متطلبات المرحلة واحتياجات المواطن والوطن بشكل عام، ومنها:

-لماذا لا يتم إعادة هيكلة الحكومة والمجيء بحكومة تكنوقراطية توافقية تكون المسئولة عن إعادة هيكلة العمل في قطاع غزة تحديداً بشكل مهني وضمن رؤية وطنية جامعة؟
– لماذا لا يتم حصر جميع الأسلحة والأدوات المساندة لعمل الأجهزة الأمنية المتواجدة في قطاع غزة لتوضع تحت تصرف الوزراء أصحاب التخصص ليعاد توزيعها وتخصيصها بعد إعادة هيكلة كاملة لقوى الامن الموجودة في قطاع غزة بتوافق ثنائي بين الحركتين؟
-لماذا لا تقوم الحكومة بتشكيل قوة تنفيذية تأتمر بأمرها سواء على المستوى العسكري التابع للأجهزة الأمنية، أو على المستوى المدني بما يتعلق بعمل الوزارات ودوائر العمل الحكومية، وذلك اعتماداً على موظفي السلطة القدامى والذي من الممكن إعادة تأهيلهم وصقل مهاراتهم من جانب ومن جانب اخر تدعيمهم بموظفين مؤهلين سواء من قطاع غزة او حتى بشكل مؤقت من الضفة الغربية. علة ان تكون هذه القوة نواه لتفعيل باقي الموظفين تحت عباءتها بحسب تشكيلات وتوزيعات للعمل من جديد. واعتقد ان هذه الفكرة ليست بجديدة بل إن حركة حماس طرحتها بعد ان فازت في الانتخابات عام 2006 وتقلد الشهيد سعيد صيام وزارة الداخلية.
-لماذا لا تعمل حركة حماس لتبقى فصيلاً وطنياً مقاوماً يحافظ على منظومة العمل الوطني من خلال هذا المفهوم، وان تكون رافده وداعمة لأي عمل وطني سواء على المستوى السياسي او العسكري منطلقة من مفاهيمها ورؤيتها الخاصة لتحرير ارضنا الفلسطينية.
– لماذا لا يتم العمل بالشراكة بين فتح وحماس على تقاسم الأدوار في تعزيز مبدا الفصل بين السلطات “التشريعية-القضائية-التنفيذية” على ان يتم إعادة هيكلة الجهاز القضائي بشكل يسمح من ممارسة العمل القضائي بحيادية مطلقة عن أي توجهات فصائلية منفردة.
– لماذا لا يرتهن إعادة تشكيل المجلس التشريعي بقرار رئاسي بإجراء وتنفيذ العمليات الديمقراطية عبر تحديد موعد محدد وواضح للانتخابات بكافة مجالاتها ومن ضمنها المجلس التشريعي، ولك وفق برنامج متفق عليه ضمنياً وزمنياً بين الطرفين وبحسب ما تم الاتفاق عليه عند التوقيع على بنود المصالحة في القاهرة.
-لماذا لا تقوم حماس بتفعيل نظام التقاعد لموظفيها الحاليين في محاولة للوصول الى أقل عدد ممكن منهم ليصار الى ادماج ما تبقى منهم ضمن الكشوف الرسمية لموظفي الحكومة وتبنيهم بكافة حقوقهم الوظيفية. وان تقوم بتبني الاعداد الزائدة على مستوى حركي كبديل عن المستوى الوظيفي الرسمي؟
-لماذا لا يتم الفصل بين سلاح السلطة والأجهزة الأمنية وبين سلاح المقاومة التابع للفصائل، على ان يتم التوافق على سلاح سلطة واحدة يوضع تحت تصرف الحكومة وليس غيرها؟ أي ان تحتفظ حماس فقط بسلاح المقاومة كسلاح مرهون وجوده بوجود الاحتلال الإسرائيلي وان يتم وضع خطوط عريضة لطبيعة التعامل معه وطنياً. وذلك سيحقق حالة من التكامل الوطني بين العمل السياسي والعمل العسكري بين الحركتين والمجموع الوطني بشكل كامل.
-لماذا لا يتم التعامل مع قطاع غزة على انه جزء أصيل من الوطن وما يتبع ذلك من التزامات مالية وبشرية بكل مجالاتها؟ وأن يندرج القطاع ضمن الموازنة السنوية العامة للحكومة بكافة جوانبها من حيث الدخولات والمصروفات اللازمة، بما لا يجعل قطاع غزة حمولة زائدة وطنياً.
إن حالة التكلس والجمود الحالية لا ولن تخدم قضيتنا الفلسطينية بالمطلق بل ستحقق ما يصبو اليه اعداءنا في تكريس الفرقة والتشرذم والتشلل، وان يبقى شعبنا ضعيفاً لا يقوى على مجابهة أي من المخططات المرسومة لإنهاء قضيتنا الفلسطينية سيما في ضوء الرؤية الامريكية الأخيرة او ما يطلق عليها صفقة القرن

شو يعني تنظيم .؟

د . محمد عبد اشتيوي

تفتحت أعيننا منذ كنا صغاراً على كلمة تنظيم؛ تنظيم فتح تنظيم الجهاد ؛ تنظيم الجبهة الشعبية او الديمقراطية او غيرها من التنظيمات؛ فارتبط مضمون كلمة تنظيم بالتشكيلات والحركات الوطنية المقاومة للاحتلال الاسرائيلي.
ولكن جدير بنا ان نقف هند معنى ومضمون كلمة تنظيم على المستوى العلمي والعملي، وهو ما سيجعل حالة الربط بين معتقداتنا لمضمون الكلمة وبين ممارستها اكثر وضوحاً .
فالتنظيم يعبر عن عملية ادارية تهدف الى تحويل الخطط الى واقع عملي ملموس، وان هذه العملية تكون مبنية على ثلاث تاءات او ما يسمى بمبدأ ال( ت.ت.ت) 
فالتاء الاولى هي تاء ( تقسيم العمل) 
والتاء الثانية هي تاء ( تخصيص العمل)
والتاء الثالثة هي تاء ( تنسيق العمل)
فتقسيم الاعمال الى مستويات قيادية وإشرافيه وتنفيذيه يجعل من الاعمال لا تنحصر عند جهة واحده فقط
اما تخصيص الاعمال فتعني ان نضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فالعمل السياسي يحتاج الى السياسيين والعمل العسكري يحتاج الى العسكريين وكل قسم فيهما يحتاج ما يناسبه من تخصصات فنية ومهنية
اما تنسيق الاعمال فيعبر عن حالة الجمع بين الاعمال التي قُسمت والتنسيق بينها لكي لا يحدث تصادم وازدواجية في المهمات واحداث ارباكات قد تحرف العمل عن تحقيق اهدافه
فاذا غابت احدى التاءات تاه العمل واصبح عشوائياً غير منظم. ومن هذا المنطلق جاءت كلمة التنظيم لتنظم العمل وتضبط تنفيذه من خلال استغلال المقدرات والامكانات المتاحة كمدخلات ، ليصار الى تسخيرها واستخدامها في تحقيق الاهداف المرجوة
وقضيتنا الفلسطينية في ظل المؤامرات التي تحاك ضدها لصالح الاحتلال الاسرائيلي لا تحتمل العشوائية في العمل ، فقضيتنا بأمس الحاجة الى العمل المنظم العمل الهادف المبرمج باتجاه تحقيق اهدافنا الوطنية المتمثلة في دحر الاحتلال عن ارضنا. فالتنظيم يعني الاستغلال الامثل لكل ما نملك من طاقات مقاومة، التنظيم يعني المزج بين كل مكونات العمل المقاوم عسكرياً وسياسياً وغير ذلك، التنظيم يعني الحصول على افضل مخرجات ونتائج عبر افضل استغلال لمقدرات العمل الوطني، التنظيم يعني تكاتف وتظافر الجهود باتجاه تحقيق الغلبة على المحتل، التنظيم يعني ان يعمل كل منا بحسب تخصصه ومجال عمله بمهنية وفنية عاليه تضمن افضل النتائج ضد الاحتلال.
وان التنظيمات المقاومه الموجودة على ساحة العمل الوطني الفلسطيني تشكل في مجملها منظومة العمل الوطني المقاوم للاحتلال، وان تلك التنظيمات تمثل المقدرات والامكانات الحقيقية للعمل الوطني . فلو اعتد كل تنظيم من التنظيمات الفلسطينية بممارسة العمل التنظيمي بشكل مهني ومننهجي فبالتاكيد ستتحقق منظومة متكاملة من العمل الوطني القادرة على الحفاظ على قضيتنا الفلسطينية وعلى دحر الاحتلال من على ارضنا، وقضيتنا في امس الحاجة الى التنظيم.

نداء في فضاءات الوهم

د. محمد عبد اشتيوي
تتوازى العديد من اللقاءات السياسية والمؤتمرات العلمية والندوات التنظيريه مع العديد من تفاصيل مجريات العمل السياسي في قطاع غزة .

فنجد العديد من الفصائل والأحزاب والمؤسسات والجمعيات والمراكز أصبح هدفاً رئيسا لهم عقد لقاءات حوارية لمناقشة قضية مطروحة عمليا على الساحة السياسية؛ ومع تعدد وتكرار عقد تلك اللقاءات كان حريّ الوقوف أمام ما يمكن أن تقدمه تلك اللقاءات من فائدة على المستوى الوطني سواء للخروج من الأزمات التي يمر بها قطاع غزة.

ومن المتعارف عليه ان مثل هذه اللقاءات تكون وسيله وليس هدفاً؛ وسيلةً للوصول الى نتائج او توصيات من شأنها المساهمة في تحقيق الاهداف ؛ اما ان تصبح تلك اللقاءات هدف تشغيلي لتلك المؤسسات فذلك يفقد نتائجها قيمتها الحقيقية؛ وبمجرد ان ينتهي اللقاء تذهب نتائجه ادراج الرياح.

وان كان بعض المؤسسات تخرج بنتائج وتوصيات فاعلة يمكنها ان تساعد في صياغة واقعنا الفلسطيني بشكل افضل ولكن الاهم هنا من الجهة التي يمكن ان تتلقف تلك النتائج للاعتماد عليها في حل المشكلات وبناء التصورات وتحديد الرؤى والسيناريوهات المستقبلية لواقعنا الذي نعيش.

الدول المتقدمة تجعل جزءا كبيرا من ميزانيتها مخصصاً للبحث العلمي؛ وتعتبره جزءا اصيلا في منظومه ادارتها للدولة. ولا تهمل اي مخرجات علمية او بحثية بالمطلق بل تبني عليها استراتيجياتها واجراءات عملها المستقبلي.

اما في فلسطين فالبحث العلمي يعتبر امرا ثانويا لا مكان له امام حالات صراع المسئوليات والسلطة ؛ لا مكان له امام حالة التفرد في القرارات وتعزيز ثقافة الحزب الواحد وعدم قبول الاخر.

وبذلك تكون جميع المؤسسات التي تعقد مثل تلك اللقاءات كالذي ينادي في فضاءات الوهم ؛فنداءاتهم غير مجدية؛ فهم واهمون اذا اعتقدوا بان هناك من يسمعهم او يعتد بنتاج اعمالهم؛ واهمون اذا اعتقدوا ان جهة ما ستتلقف نتائج وتوصيات لقاءاتهم لتبني عليها قراراتها.

غزه تستنزف كثيرا من الاموال في محاوله لطرق جدران الخزان بعقد تلك اللقاءات علّ صاحب الخزان او من بداخل الخزان او من هم حول الخزان يلتفتوا الى معاناة أهل غزة قبل ان يموتوا مثل من ماتوا في قصة الخزان.
لك الله يا غزة.

الأحد، 22 أبريل 2018

جمعة الكاوتشوك والتطهير النفسي

تعددت الآراء حول جدوى اشعال اطارات الكاوتشوك كٱحد مظاهر التظاهر السلمي التي يتضمنها برنامج مسيرة العودة التي بدٱت فعالياتها منذ الثلاثين من مارس، فهناك من شجع وايد وهناك من تحفظ او رفض الفكرة وامام ذلك تجدر الاشارة الى ان علماء النفس اشاروا الى ما يسمى بمفهوم التطهير النفسي الذي يشير الى ضرورة التفريغ النفسي من ادران وشوائب الحياة وضغوطها وذلك يتٱتى بٱكثر من اسلوب . فالكثير من الناس الذين يشعرون بحالة من الضغط النفسي في دول اوروبا يلجٱون الى تخصيص يوم او اكثر في كل سنة يكون الشخص منهم مهيٱ.

لتكسير وتخريب اي شيء امامه فشاهدنا بعضهم يكسر الاطباق وآخرين يحطم محتويات البيت او غير ذلك.  ولم ياتي ذلك جذافا وانما جاء بتوجيهات اطباء نفسيين حيث يتحقق جرائها حالة من الراحة النفسية بمستوى نسبي ومتفاوت بين الاشخاص.  

ولكن المهم في حالتنا الفلسطينية ان معطيات ومقومات الضغط النفسي متوفرة بوفرة خاصة ضمن الظروف التي يمر بها قطاع غزة . فان المواطن في قطاع غزة يتحمل مالا يطيقه اي من مواطني العالم فلا ماء ولا كهرباء ولا عمل ولا دخل ولا زواج ولا مستقبل . وطن مسلوب حرية مقيدة حصار قاتل . جيل من الشباب تنهشه البطالة والفقر والمرض الموت اصبح اسمى ما يتمنى . جيل ارهقته الافات والامراض الاجتماعية.

كل ذلك يقف صغيرا امام حالة القهر الوطني التي يعيشها المواطن الفلسطيني جراء اغتصاب ارضة وربوض الاحتلال على صدره يكتم انفاسه يقتل احلامه الوطنية يحرمه من ادنى حقوقه في وطنه . قضم الارض وفتت الشعب وشتت الاحزاب وقتل الوحدة وقسم العقول . فممارسات الاحتلال  وحالة الانقسام وكل ما انف ذكره اليس بكفيل ان يحقق ضغطارنفسيا لدى المواطنين .

شعبنا للاسف لا يمتلك الاطباق الفاخرة ليقوم بتكسيرها لتطهير نفسيته شعبنا ابدع في  التفكير  وفي كل مرة يثبت شعبنا الفلسطيني انه قادر على كسر كل المعادلات الروتينية التي يعتقد بحتميتها العالم .
اشعال الكاوتشوك فكرة للتعبير عن حالة التفريغ والتطهير النفسي ضمن اطار الاعمال الوطنية للتعبير عن حالة الضغط والقهر التي يعيشها شعبنا المظلوم.  فهل شعبنا ممنوع كذلك من التعبير عن غضبه ؟

اشعال الكاوتشوك هو احد اتجاهات المقاومة ضد الاحتلال فلا تحرموا ابناء قطاع غزة من التعبير عن وطنيتهم وعن غضبهم . فاشعال الكاوتشوك ليش باشعال قنبلة نووية يمكن ان تمسح كيان الاحتلال من على الوجود.  ولن تخترق غلاف الاوزون الوطني كما صوره البعض . فالبيئة التي يعيشهارالمواطنين في قطاع غزة مشوبة بما هو اخطر بكثير من دخان الكاوتشوك .

وما دام اشعال الكاوتشوك يغيظ الاحتلال ويهز كيانه بهذه الطريقة فما بال المثبطين في تعجيز قوة الفعل والتقليل من اهميته ؟ الكاوتشوك عمليا لم ولن يٱخذ الطابع العسكري في المقاومة فهو اسلوب سلمي بحت ويتطابق منهجيا مع توجهات واهداف مسيرة العودة

الاقتراع والضياع من منظور سلطوي


يسعى الكثير من طلاب السلطة والجاه الى الوصول لمبتغاهم اعتماداً على الكثير من المعطيات والمتغيرات التي يمكن ان تشكل جزءاً من التكوين السلطوي لهم، فلو تتبعنا طبيعة وكيفية وصول الكثير من اصحاب السلطة والنفوذ لمواقعهم نجدهم تجاوزوا خطوط المسموح به ليحققوا طموحهم في السلطة. وهو ما تؤكده العديد من لجان التحقيق والحقائق التي تظهر تباعاً بما يتعلق بكينونة وجودهم في السلطة، ورغم كل التجاوزات التي قد يكونوا مارسوها الا انهم يصرون على الانطلاء بعباءة العفة والشرف والوطنية ، ويمارسوا سلطتهم المطلقة دون تقبل ادنى نقد من اي مواطن ، وان تم ذلك تجد ممارسة استغلال النفوذ والغلبة ، تجد صاحب السلطة دخل في مربع اللاتوازن ليقوم باي عمل من شأنه المحافظة على كينونته السلطوية، فمنهم من يوغل اكثر واكثر في بطش الاخرين في محاولة لتقزيمهم وثنيهم عن معارضته، ومنهم من يحاول سحب المعارضين الى مربعه مربع الفساد، ليصار الى توريطهم وجعلهم ينكسرون اخلاقياً ووطنياً ووظيفياً واجتماعياً وهو ما يدعم اطالة فترة سلطته.
اما اذا تعذر عليه ممارسة ما ورد فيكون امامه طريقين يمكنه سلوك احدهما، وهما الذهاب نحو الاقتراع او الضياع.
فالذهاب نحو الاقتراع هو تعبير حضاري يمكن ان يكون ناتج اما عن قناعة صاحب السلطة بضرورة تقبل الراي الاخر وضرورة تعزيز الروح الديمقراطية في الحكم ، والايمان بمبدأ المشاركة على كافة المستويات التي تعزز مبدأ الكفاءة والبذل الوطني، وان الذهاب الى صندوق الاقتراع والانتخابات هي المنجى والاكثر جدوى من اي طريق آخر، وهي التي تعطي مساحة لتبادل الادوار في ادارة العمل السلطوي .
اما الطريق الاخرى فهي الذهاب نحو الضياع وهو التعبير عن حالة العجز عن ممارسة الاقتراع ، وسبل تحقيق هذا الجانب متعددة ، فاذا تحققت لدى صاحب السلطة شعور بعدم قدرته على المحافظة على سلطته ونفوذه وبدأ يفقد توازنه تجده يدخل في حالة اللاتوازن ويتخبط في قراراته ويترنح حتى يصيب بناره كل من حوله ،وقد يحرق الاخضر واليابس ليحافظ ولو على جزء من سلطته التي سيفقدها امام المعارضة ، وهو ما يحقق الخلل في كل موازين العمل سواء بما يتعلق بأصحاب السلطة او بالمحكومين، وعند فقدان الشعور بالسيطرة وتحقيق ما يريد، من الممكن ان يصل الى مرحلة التدمير الذاتي تحت تعزيز منطق عليا وعلى اعدائ ،فاذا تحقق الاقتراع فلا يمكن ان يتحقق الضياع.

هيبة الجماهير


هيبة الجماهير
تناوبت الأحداث الصعبة على قضيتنا الفلسطينية بهدف اضعافها وتقويض جذوتها بكل مقوماتها، وقد تآمر العديد من الأطراف علينا كفلسطينيين سواء من المحيط العربي او من الدول الغربية، وهو ما استنزف فعلياً الكثير من طاقاتنا وامكاناتنا المحسوسة، وهو ما عبر عنه الاحتلال بأنه حالة إهتراء لمحددات القضية ومضمونها، وهو ما يمكنه من التسلل الى جوهرنا وهدمنا من الداخل بالعديد من الأساليب الدنيئة التي مارسها تجاهنا، ولكن الاحتلال وفي كل مرة يصطدم بعكس دراساته وتقاريره وقناعاته ويجد بان هناك مارداً فلسطينياً ينتظره بين جنبات القهر والظلم ، بين حنايا النائبات، بين حبات الرمل المجبولة بدماء أبناء الوطن الشرفاء، ينتظره في وعينا في ضمائرنا في كينونتنا التي راهن على اندثارها طويلاً، ولم يفتأ ذاك المارد ان ينطلق في وجه الاحتلال ليعبر عن قدرته التي تدخل ضمن مفهوم اللامنطق، كما يفسره الكثيرين، ففي كل المراحل التي تطلبت ان يكون، كانت له الغلبة والتأثير والقدرة على صياغة الواقع بكل تفاصيله.
فقد كانت الجماهير وفي كل مراحل ومحطات العمل الوطني التحرري بكل ما تحمله من قدرات وإمكانات وقناعات وطنية تمثل ذلك المارد الوطني المهيب،  فعززت هيبتها عندما نفضت كثبان الظلم من على صدرها وثارت في وجه الاحتلال لتطالب بحقوقها في وطنها وفي كينونتها وحريتها المسلوبة، وفي كل مرة كان يدرك الاحتلال بانه امام جماهير تختلف في طبيعتها عن أي من جماهير دول العالم، وهذا ما وجده خلال مواجهته في قمع أبناء شعبنا في الكثير من المذابح والانتهاكات وما عقبها من تجديد العنفوان الثوري في الانتفاضة الفلسطينية الأولى أو عبر الحروب المتعاقبة التي شنها على الفلسطينيين، ومن قبل ذلك في كل مواطن المواجهة التي دارت مع الشعب الفلسطيني.
وفي ومضة وطنية جديدة كانت مسيرة العودة لتعبر عن ابتكار وطني جديد مقاوم للاحتلال، كانت الجماهير عماده الأساس، وهي التي صفدت الغول العسكري الإسرائيلي من استخدام مقدراته العسكرية في مواجهة الصدور العارية حتى لو كان هذا المفهوم يحتكم الى النسبية.
ومن اهم مواطن القوة التي جعلت من هيبة الجماهير الفلسطينية الثائرة تنمو في صدور واذهان المحتلين، سلميتهم التي فاقت قوتهم العسكرية من حيث هيبتها ووقعها العملي والنتائج التي تحققها على مستوى كسب الراي العام الدولي والإنساني مع قضيتنا الفلسطينية، فهيبة الجماهير التي قزمت آلة البطش الإسرائيلية، استطاعت أن تحول الكثير من مرتكزات فكر الصراع القائم بيننا كفلسطينيين وبين الاحتلال الإسرائيلي، حيث وقع الاحتلال في براثن معاداة المفاهيم الإنسانية والتجاوزات الحقوقية لمنظومة القانون الدولي في الكثير من المواطن. 
فهيبة الجماهير التي اوجدتها مسيرة العودة لم يصنعها فصيل ولم يصنعها قائد او بطل قومي، وانما تكورت وتشكلت انطلاقاً من جبلة الانسان الفلسطيني الثائر الذي تربى وترعرع على حب وطنه وعدم المساومة او التفريط في حقه مهما اشتد الظلم عليه، وحتى لو كانت التنظيمات الفلسطينية رافدة سواء على المستوى المادي أو المعنوي لتلك الجماهير، فهي لم تعدُ أن تحقق لهم لوجستيات الابتكار للعمل المقاوم، فالمسيرة جمعت في حناياها كل الثقافات الوطنية والمجتمعية والعلمية والمعرفية والعرفية، جمعت الاتجاهات الإسلامية والوطنية واليسارية والمستقلين وكل فئات المجتمع متعددة الفكر والاتجاهات.
فقد مثلت المسيرة بوتقةً حوت بين جنباتها قيماً ندر وجودها منذ فترة في المجتمع الفلسطيني، فقد شكلت لوحة وطنية فلسطينية بامتياز تشكل جمالها في البعد الجمعي والتصالحي الموحد لكل أطياف العمل الوطني الفلسطيني، وعبرت عن اشجان وحنين وآمال وأحلام جيل بأكمله دون أي اعتبارات فصائلية او حزبية بل حددت لها وجهة واحدة هي الحالة الوطنية لا غيرها.    


الأحد، 4 مارس 2018

المصالحة والاستدراج للهاوية

د. محمد عبد اشتيوي
من السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة وفي ضوء معطيات المرحلة سواء التي تتعلق باتمام مجريات المصالحة الوطنية او التي تحدث في المنطقة العربيه ان تتجمع كل القوى المعادية لنا كفلسطينيين لتحشد طاقاتها لتقف سداً منيعاً امام تحقيق كامل للمصالحة وانما يهدف كل جهدها الى ابقاء حالة الانقسام تدور في رحى المأمول لشعب مغلوب على امره وان استمرار المماطلة في تحقيق بنود المصالحة من قبل حركة فتح او حركة حماس حتى بالتاكيد يفقدها قيمتها المضافة في نفوس وعقول الجماهير وان ما يدور الان لا يتعدى عملية ادرلة للمصالحة اي التحول من عمليات التنفيذ الحقيقيه لاتمام مراسمها كاملة في ضوء خطه زمنية محددة وواضحة الى ادارة عملياتها ومكوناتها بمنطق الادارة المعتمدة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابه والتقييم لكل خطوة يمكن تنفيذها والاصل ان هذا كله مرتبط بهدف او بعدة اهداف محددة وذلك لن يكون بالتأكيد في رمشة عين ولكنه يحتاج الى وقت طويل وهذا الوقت سيكون سيفاً يقطع رقاب المرضى والجوعى والمعوزين والعاطلين عن العمل ويزجهم في غياهب المجهول منتظرين رفع العقوبات التي بات البعض يتباهى ويجاهر مشرئب العنق بان العقوبات لن ترفع الا بكذا وكذا وما ان وصلنا الى هذا الحد الا ان نكون على شفى هاوية من التيه السياسي والامني والاجتماعي والاقتصادي وهو ما يمكن تفسيره ان غزة تستدرج الى حالة من الضغط التي يجعلها تركع لكل ما يتوق اليه اعداء قضيتنا وعلى راسهم اسرائيل .

اما وان تصل غزة الى مرحلة التيه المشار اليها يعني انها دخلت في تراجع عملي عن المصالحة وحينها لن تتحمل حماس مسئولية ادارة قطاع غزة كما كانت سابقاً لان حماس تعي جيداً ان مقومات صمودها في ادارة القطاع اصبحت مقوضة وان المرحله اختلفت في معطياتها بشكل كبير وهي فعليا تنصلت بذكاء سياسي ملحوظ من عبء كبير في ادارة القطاع وامام ذلك سيستمر منوال التلكؤات والانسحاب التدريجي من قبل حركة فتح في سيطرتها على قطاع غزة تحت العديد من الذرائع كان اولها التمكين المرتبط ببسط السيطره .

وحينها سيكون مصير قطاع غزة سيصبح مجهولاً ستلتهمه تجاذبات القوى المتعددة ويصبح كالغابة القوي فيه ياكل الضعيف حيث ستتلاشى حدود السلطات ومعالم القانون الحاكم وحتى الجهة الحاكمة مما سيحقق ارضية خصبه لدى الجمهور الغزي بالقبول باي حل يمكن ان يطرح عليه خروجاً من حالة الفلتان التي يعيشها وذلك حفاظا على حياة وممتلكات الناس التي باتت عرضة للتعدي عليها بكافة الاشكال الصارخة سواء تمثلت في الهجرة الفردية او حتى الجماعية او القبول باقامة دويلة في غزة مقرونه ببعض المغريات مثل التوسع الجغرافي او من بعض الامتيازات السياديه مثل الميناء والمطار وربما حل قضية اللاجئين بصورة مرضية والاهم في ذلك هو تحقيق حاله الفصل التام ديمغرافياً بين الضفة الغربية وقطاع غزة حيث ستكون الضفه حينها لقمة سائغة لاسزائيل تمزقها كيف تشاء وتديرها بالطريقه التي تريد سواء بزجها في حضن الاردن او من خلال تحويلها الى محليات تخضع لضباط الادارة المدنية الاسرائيلية .

وتبقى خيمة مصر تظلل على قطاع غزة باعتبارها بعداً امنياً يغز خاصرة مصر عند اي اهتزاز لها حيث ستتحقق حالة انفتاح غير مسبوقة وعلاقة استراتيجية تحكمها المصلحة الاقليمية في المنطقة .

باعتار ان العديد من اواصر الصلة تحكم العلاقة بين قطاع غزة ومصر التي تعتبرها غزة وفلسطين كلها بانها قلب العروبة النابض والسد المنيع لشعبنا وعدالة قضيته ، وأنها ستيقى صمام الأمان لشعبنا الفلسطيني.

الشعب يريد !!!!!!!!

د. محمد عبد اشتيوي
لما كانت الجماهير هي الاطار الحاضن لاي قوة سلطوية تمارسها مؤسسات الدولة عند بنائها بالشكل الديمقراطي، فمن الحري بمؤسسات الدولة ان لا تتجاوز هذا الاطار الحاضن وتستخف فيه لدرجة ان ممارساتها تنحصر في ذاتها لا تأبه بغيرها.

وهنا يجدر التنويه الى ان ما تمارسة السلطة ومعها بعض الاحزاب الاخري من تجاهل لقيمة واعتبار الجماهير قد لا يستمر طويلا فغضب الجماهير قد يأتي على الاخضر واليابس ويوجد حالة من التنكر لاي جهة من شانها اذلاله ، وما يدور في هذه المرحلة لا يتعدى ان يكون نظرة ازدراء وتحقير من قبل المتنفذين في القرار  لهذا الشعب المغلوب على امره . ولكن عليهم ان يعلموا ان الجماهير لن تنتظرهم طويلا وان الرهان على نجاحهم من خلال ابقاء العقوبات والضغط المتتالي على الجماهير لن يولد سوى الكراهية والحقد. وهذا ما يريده الاسرائيليين عمليًا. وان الشرارة الجماهيرية قد تحدث في اي لحظة وعندها سيهدم المعبد على ما فيه ويكون الخاسر الاول هي فلسطين والرابح الحقيقي هي اسرائل. ولكن ومن باب لفت انتباه المتغطرسين ومن يدفنون رؤوسهم في التراب مكابرين على انهم الاقوى ، يجدر ان تخرج الجماهير بحشود وافرة لتصل رسالتهم ورايهم للمتحاورين والمساومين على كينونتهم . فلماذا لا يتم التحشيد لمليونية هادرة ليصل صوتها الى عنان السماء وهي تطالب بحقها في الحياه تطالب بانسانيتها تطالب بحقوقها المهدورة المادية منها والمعنوية، وعلى العالم ان يسمع صوت المليونية بكافة محافله بمؤسساته المتعدده والمتنوعه فقد يمارس الضغط على المتنفذين وان تسقط شرعيتهم لتلعوا شرعية الجماهير

الانتفاضة ... !!!!

د . محمد عبد اشتيوي
الانتفاضة كلمة سطرتها كتب التاريخ بمضمون لم يسبق له ان كان فيها، الانتفاضة مصطلح اعتمدته كل لغات العالم كما هو دون تحريف او اي ترجمه يمكن ان تحرفها عن مضمونها الحقيقي، الانتفاضة حروف انبثقت من حالة القهر والظلم والتيه والضياع لمعالم قضيتنا الفلسطينية . الانتفاضه بمفهوم جغرافيا اللغة كلمة تشكلت لتعبر عن قدرة كبيرة لشعب رزخ تحت الاحتلال سنوات طويلة ترهبه كل ادوات القهر والتهميش والتيه ودحره باتجاه انسلاخه عن دينه ووطنه، ليقوم كالمارد بعد ان اعتقد الاحتلال بقزميته لينفض كثبان الظلم عن صدره ويترجل امام اعتى قوة في المنطقة العربيه امام الجيش الذي لا يقهر جيش اسرائيل على حد تعبير الاحتلال ليثبت للعالم بان معادلة الارادة ونيل الحقوق تتقزم امامها خلايا العقل التقليدي ، فالانتفاضة كسرت كل القواعد المعرفية والفكرية التي بناها العقل الترفي، فقلبت كل المعايير والمعادلات واثبتت بان الكف يقابل المخرز عندما تتحقق الارادة الوطنيه.
فكانت حادثة دهس المقطورة لعدد من العمال الفلسطينيين بمثابة الشرارة التي اشعلت الانتفاضة بمحركها النفاث، والتي لم تأت جذافاً وانما جاءت لتترجم نتاج مسيرة طويلة من النضال الوطني للحركات والفصائل الفلسطينية منذ سنوات عديدة خلت ، والتي زرعت جذوة النضال في نفوس وعقول ابناء شعبنا الفلسطيني عبر العديد من الوسائل التعبوية والاقناعية. والتي تمثلت في رسم معالم النضال الوطني عبر العمليات العسكرية من جانب سواء كانت في داخل حدود فلسطين المحتله او خارجها ومن جانب اخر عبر ايجاد ثقافة وطنية تحررية تمثلت بالعديد من الاشكال كالفنون والكتابات والدعم المباشر وغير المباشر لصمود ابناء شعبنا الفلسطيني على ارضه، وكانت فصائل منظمة التحرير هي من تقود العمل الوطني والنضالي على الساحة الفلسطينية، علماً بان بعض الفصائل الفلسطينية كانت في حينها طور التكوين وتشكيل المعالم، مثل الحركات الاسلامية كحركة الجهاد الاسلامي وحركة حماس ، حيث تبنت حينها حركة الجهاد الاسلامي الجمع بين الاطار الفكري الوطني والاسلامي معاً فتمثل حضورها وطنياً وعسكراً قبيل الانتفاضة بقليل اي في عام 1986 حيث تبنت العديد من عمليات الطعن للجنود الاسرائيليين سيما في قطاع غزة وكان على رأسهم المجاهد خالد الجعيدي من مدينة رفح، ومنذ بداية الثمانينات بدأ فعلياً امتداد الفكر الاسلامي الذي تمثل في انشاء المجمع الاسلامي الذي كان يقوده الشهيد المرحوم احمد ياسين ، وفي المقابل تشكل ما يسمى بالمؤسسة الاسلامية وكان على راسها عدد من اعضاء الجهاد الاسلامي مثل الشيخ عبد العزيز عودة وعبدالله الشامي ومحمد ابو سمرة ومن خلفهم الشهيد فتحي الشقاقي. حيث بدأ الطرفان يعملان في خطين مختلفين حيث كانت المؤسسة بمثابة نواة الانطلاق لحركة الجهاد الاسلامي التي ذهبت الى موضوع الجهاد والمقاومة وكان المجمع الاسلامي هو نواة حركة حماس التي ذهبت نحو التعبئة والارشاد والاعداد حينها. 
وعند حادثة المقطورة في 8/12/1987 تقابلت اطياف العمل الوطني والاسلامي لتخرج بانتفاضه جماهيرية عارمة هزت اركان كيان المحتل وقضت مضجعه فكانت الحركة الوطنية هي اول من قاد ونظم ودعم العمل الوطني الجماهيري ومن ثم تجانبت معه القوى الاسلامية مما شكل جبهة وطنية صلبه تكسرت وانهارت امامها كل مخططات المحتل الاسرائلي فتغيرت كل معادلات المنطقة وموازينها وكذلك تغيرت مفاهيم العمل النضالي والوطني لدى كل ابناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وحينها استجاب العالم وتفاعل مع معطيات الانتفاضة وذلك بتغيير الصورة الذهنية لديهم عن كينونة الفلسطينيين ، وهو ما هيأ الى قاعدة دولية حقيقية اصبحت تطالب بحقوق الشعب الفلسطيني على ارضه سياسيا وجغرافيا واقتصاديا وغير ذلك، اما في الجبهة المقابلة والتي تضررت من حدوث الانتفاضة كاسرائيل واعوانها وعلى راسهم الامريكان باتوا حيارى في كيفية اخماد الانتفاضة بكل الاشكال العسكرية وغيرها، ولما كان العالم بغالبيته يصطف مع الفلسطينيين متعاطفاً معهم التف الامريكان ومن يواليهم على اخماد الانتفاضة عبر تمرير مشروع اوسلو واقامة السلطة الوطنية الفلسطينية في بداية التسعينات ، حيث تم سحب البساط الوطني المفعم بالمقاومة من تحت اقدام القوى الفلسطينية المقاومة ليحدث تحول كبير في منظومة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي المعتمد على عمليات التفاوض والدغدغة الوطنية المنبثقة من اتفاقية مترهلة ضعيفة لا تفي بحقوق شعبنا الفلسطيني ،ولكن وكما اشار حينها الشهيد ابو عمار رحمه الله بانه ما كان افضل مما كان ان يتحقق سيما وان كثير من معطيات الدعم والصمود تغيرت في تلك الفترة خاصة منظومة الدعم العربي. 
فكانت اوسلو وذهبت الانتفاضه

ايديولوجيا الصراع العربي الاسرائيلي

د. محمد عبد اشتيوي
سادت العديد من التكهنات الفلسفيه في تفسير ظاهرة الصراع العربي الاسرائيلي، حيث تعددت اتجاهاتها بحسب طبيعة مصدرها ومدى التأثر بهذا الصراع الذي يمكن ان نعتبره صراع العصر، وبعد انهيار الحكم العثماني في حقبة السلطان عبد الحميد الثاني بدايات القرن العشرين، حدث التقسيم للعالم العربي والتي اشرفت عليه بريطانيا ودول الغرب، وهو ما احدث تحولاً كبيراً في طبيعة العلاقات الثنائية بين العرب انفسهم وبين الكيان الجديد الذي زرعته بريطانيا في قلب الامة العربية وهو الكيان الإسرائيلي.

وقد ارتكز ذلك التحول في طبيعته على تجنب البعد العقيدي والديني الذي كان سائداً والذهاب الى البعد العلماني وفصل الدين عن الدوله، وهو ادراك حقيقي بان العرب اذا ابتعدوا عن دينهم واتجهوا لمناصب حكم الدولة سيتحقق لديهم الاختراق الفكري وتصبح منطلقات حكمهم لبلادهم مرتبطة بمصلحة وجودهم وليس بحفاظهم على دينهم.

ولكنهم في المقابل لم يتنازلوا عن فكرهم العقائدي للحظة فتشكلت العديد من المنظمات التبشيرية، وتمسك اليهود بعقيدتهم التوراتية التي كانوا وما زالوا ينطلقون في ضوئها عند اي قرار مصيري لدولتهم المزعومة، وهنا تجدر الاشارة الى ان الاسرائيليين ومعهم الامريكان ومن يدعمهم من دول الغرب حددوا طبيعة الصراع عقائدياً، فخلال مئة عام مضت مارسوا كل ما يستطيعوا لتشويه الدين الاسلامي ورسموا صورة ذهنية لدى اجيالهم بأن الاسلام يمثل الارهاب في كافة جوانبه.

والمتتبع للتاريخ يجد أن الامريكان بعد ان قادوا العالم بعد الحرب العالمية الثانية حرصوا على مبدأ فرق تسد وكانت اسرائيل ذراعهم الحادفي المنطقة العربية، حيث عملوا معاً على دعم وتشكيل العديد من العصابات الدينية ليأخذوهم الى مربع فكري عقدي متطرف لا يؤمن بالأخر معتمداً على مرتكزات عقديه تبريراً لممارساته الإرهابية.

وقد نجحوا في ذلك عندما اوجدوا العديد من الصراعات العربية العربية سواء على مستوى الدولة نفسها او على مستوى الاقليم، وقد تعاطت معهم العديد من الدول العربية التي ارتبط مصير سادتها وحكامها بمدى تعاطيهم مع السياسة الصهيوامريكية في المنطقة بعيداً عن تشكيكهم بتلك السياسات بانها في غير صالحهم.

وبعيداً عن سرد مسميات التوجهات العقائدية الدينية التدميرية التي نمت وترعرعت بدعم امريكي اسرائيلي في المنطقة فجدير ان يذكر بان الحس الديني والعقدي لدى اغلب حركات التحرر في المنطقة لم يخبو مطلقاً وكان واضحاً في طبيعة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، ولو نظرنا الى مجموع العقل الثوري الفلسطيني سنجده لم يخرج عن منطلقات الفكر العقدي حول ارتباطنا كفلسطينيين بهذه الارض المقدسة، وذلك مقابل ما يتبناه الكيان الغاصب في طبيعة احتلاله لارضنا من روايات وهرتقات يعتبر منبعها التوراة والمنطلق الديني.

امام ذلك فلا يجوز لنا ان ندفن راسنا في التراب كمسلمين  وعرب وفلسطينيين ونقول بان صراعنا مع اليهود هو صراع سياسي او حتى جغرافي، ولكن يجب ان نكون على يقين بان اسرائيل تعتبر صراعها معنا عقائدي من منطلق ديني بحت، فصراعنا معهم هو صراع وجود وليس صراع حدود، هم لن يكونوا الا على انقاضنا نحن والمتتبع لطبيعة الصراع معهم يتيقن بانهم لن يقبلوا غيرهم على ارضنا ارض فلسطين ومحطات التاريخ دللت على ذلك.

وان تكون طبيعة الصراع دينية هذا لا يعني ان نجانب العمل السياسي ضمن منظومة العمل السياسي والدبلوماسي مع معطيات ومكونات العالم العربي او الدولي، ولكن لا يجب ان ننسى حقيقة الصراع معهم وبالرجوع الى اصفار توراتهم نجد حقيقة صراعهم معنا، فجلها تشير الى قتل العرب وتدمير زروعهم وحتى حيواناتهم، اي ان صراعهم معنا صراع وجود متجذر في عقيدتهم.

التمتين السياسي

د. محمد عبد اشتيوي
قد تتوالد المصطلحات المتنوعة نظرًا للحاجة اليها وما يمكن ان يخدم مضمونها في مرحلة معينة، ولكن هناك بعض المصطلحات التي يجب ان نقف امام مضمونها بدقة وتفكر، مثل مصطلح التمتين، وهو مصطلح ياتي ليدلل على تقوية نقاط القوة وتجاوز نقاط الضعف، حيث ان عمليات التاهيل والتدريب والتصحيح لنقاط الضعف قد يستنزف الكثير من الطاقة، ولكن الاعتماد على نقاط القوة للانطلاق نحو تحقيق الاهداف ولو نسبياً يجعل من نقاط الضعف تتناقص امام نجاحات العمل المتحققة.

ونحن في المجتمع الفلسطيني وبحسب تقديري اننا بحاجة ماسة الى ممارسة التمتين السياسي ليحل محل الترقيع او التصحيح السياسي لمنظومة العمل الوطني الممارسة.

فلو بحث السياسيون عن نقاط الجمع والالقاء ونقاط القوة التي تعزز موقفنا في الصراع مع العدو الاسرائيلي، وتم الابتعاد او تجاوز نقاط الفشل والضعف التي تشوب مسيرتنا التحررية وتعرقل وصولنا الى انجاح مشروعنا الوطني بكافة جوانبه، لوجدنا بان قواسم الالتقاء بين مكونات العمل السياسي والوطني كثيرة، وان نقاط القوة التي تجمعنا كفلسطينيين كثيرة، ولكن الاحتلال يحرص دوما على التقليل من اهميتها ويمارس مبدأ فرق تسد في اغلب مخططاته تجاه ادارته للصراع معنا كفلسطينيين،

التمتين تعني المتانة تعني القوة تعني التعاضد تعني التعزيز تعني الجمع لا التفريق، فامام كل هذه المضامين بالتاكيد سيتاح للعمل السياسي اختراقات لجدران التشرذم والتفرق ستتاح فرص الزيادة والتعزيز لقوة موقفنا كفلسطينيين ، وتجعل من اي نجاح يتحقق رافعة ليحل محل الاخفاقات والمواطن السلبيه في مشروعنا الوطني والتي ستتلاشى تدريجيًا.

فتمتين جبهتنا الداخلية يجعل من الكل الفلسطيني صخرة تتحطم عليها كل المؤامرات وستكون قاعدة قوية للانطلاق نحو مجابهة المحتلين ذهابا لتحقيق النصر المحتم باذن الله.

تبريخ غزة

د . محمد عبد شتيوي
تحتدم الضغوط على قطاع غزة من جهات متعددة، فالجميع ينظر الى غزة نظرة ذات أهمية تختلف عن مثيلاتها من بقاع الوطن وجغرافيته، فالاحتلال الاسرائيلي يعتبر غزة هاجسه الذي لاينتهي ، وامريكا والدول العظمى تنظر الى غزة بعين الخطورة وانها نقطة تحول مهمة في طبيعة المنطقة وطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي ، وحتى دول الإقليم تنظر الى غزة على انها بؤرة السلام والحرب، فهل غزة تشكل كل تلك الهواجس والتخوفات والتحرزات لاي خطوة او قرار يمكن ان يتخذ من أي جهة حولها؟ 
في اطار المضمون الاستراتيجي الذي تحمله قوى الصراع في المنطقة وغيرها ، نجد غزة تشكل نقطة تحول مركزية فعليه في كثير من الاتجاهات سواء على مستوى مصير القضية الفلسطينية او على مستوى استقرار دول الإقليم المحيطة، وبالمتابعة الى دراماتيكا التحولات الفكرية السياسية والتي فكرت بتغيير معالم الخارطة الديمغرافية والسياسية .نجد بان غزة تتحول الى بوتقة انصهار لاغلب تلك الأفكار والمخططات ، وان غزة عندما تقول كلمتها المؤثرة رغم ضعف إمكاناتها تجعل من العالم كله يقف شاخصاً يتفكر في تفاصيل هذه البقعة الصغيرة من الأرض الكبيرة في كينونتها الضمنية. 
وان حالة الحصار المفروض على غزة لم تأت عبثاً وانما جاءت لتكون حلقة في سلسلة الضغوطات التي تهدف الى تبريخ غزة فكان الانقسام وكان اغلاق المعابر وكانت الكهرباء والماء والدواء والبطاله والفقر وانتشار الجريمة والمخدرات وحالات النصب والاحتيال وحالات الفلتان الأخلاقي والاجتماعي والتحلل من الذات والذهاب نحو المجهول ، كل ذلك وغيره لم يأت عبثاً وانما جاء ليجعل من غزة جريحة تستصرخ هواة الطريق ليفعلوا ما يشاؤا لتنتشل أنفاسها من بين زحام الضغوطات والمشاكل التي تغرق بها. 
فتبريخ غزة هو الهدف الرئيس لكل القوى المقيته التي تبحث عن مصالحها والتي لن تتحقق الا بتقزيم تأثير أي تفاعلات من شانها معاضدة مكونات الوطن الجغرافيه الأخرى.
ولقد سجل التاريخ ان غزة ما تخلت في لحظة عن ان تكون الرصاصة الأولى في صدرها دفاعاً عن أي شبر او أي مقاتل او أي كرامة مست من الأعداء، فعلى الدوام كانت غزة رافدة للعمل الوطني بكل مكوناته وكانت غزة صاحبة الكلمة والقرار في كثير من المواضع التي تحافظ على مشروعنا الوطني الفلسطيني، 
فحالات الضغط المتنوعة لن تبرخ غزة مطلقاً لان غزة اذا برخت سيتطاول عليها صبية المرحلة وستنكسر شوكة فلسطين فغزة هي الشوكة التي تغز الأعداء على مر السنين،فلا تبرخو غزة،فلا تبرخو غزة.

الجريمة في المجتمع الغزي

د. محمد اشتيوي
لم تتحقق الجريمة كممارسة غير منضبطة في المجتمع الغزي من فراغ، وانما جاءت تتويجاً لجهود بذلت منذ زمن وبشكل موجه نحو تفيكي المجتمع الغزي وانحدار مستوى القيم الدينية والعرفية الحاكمة للسلوك ، وقد استخدمت العديد من الأدوات والأساليب والطرق في سبيل تحقيق ذلك، وكان الهدف الرئيس منها هدم مقومات وتماسك المجتمع والتي ستئول به الى غياهب التيه واسقاط كل المعايير التي يمكن ان تجعله ان يتقدم قيد انمله باتجاه تحرير ارضه وتحديد مصيره، 
فكان الحصار الإسرائيلي والذي تعددت اثاره في كافة الاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها والتي تمثلت في ممارسات سلوكيه لافراد الشعب تتوجت في وجود الانقسام والشرذمة للكل الفلسطيني ، وقد نجح الاحتلال فعلا ان يجذر مفهوم الانقسام في نفوس أبناء شعبنا الفلسطيني والذي وضع قطاع غزة في دائرة الاستهداف بعد ان سيطرت حركة حماس عليها واعتبار ان السلطة الشرعية دحت بالقوة فباتت تتفنن في وضع الخطط والأساليب التي تساعدها في إعادة اللحمة للكل الفلسطيني ، ولكن الاحتلال سعى وما زال الى عزل قطاع غزة الذي يعتبره شوكة المقاومة ومنبت المقاومة والقوة التي تناوئه على مدار احتلاله للأرض الفلسطينية، وذلك امام سيطرته شبه الكامله على الضفة الغربيه والتحكم فيها ميف يشاء، 
وامام عدم قدرة العدو على كسر شوكة غزة عسكرياً حيث مارس مجموعه من الحروب عليه في مدة قصيرة ولم يحقق أهدافه التي أراد ،فقد عمد الاحتلال ان يهدم المجتمع الغزي بكافة السبل والهدف ان يكون مجتمعنا الفلسطيني ضعيف البنية معلهل التكوين فيصار الى تمرير اهداف الاحتلال كيف ومتى شاء. 
ففكر في أسلوب مغاير الى القوة والغطرسة فذهب باتجاه التسلل الى عقول ووجدان أبناء مجتمعنا الغزي فبدأ باطباق الحصار على غزة وتقنينه بما يسمح ان لا يضعه امام أي اتهام دولي بقتل جماعي للقطاع، فاوقف العماله وزاد من نسبة البطاله وقلص نسبة الكهرباء كاحد مقومات الإنتاج وسرق المياه الجوفيه النقية فاصبح ما يقارب 95‎%‎ من مياه قطاع غزة غير صالحة للشرب وبحسب تقارير هيئات الأمم المتحدة فقطاع غزة خلال أعوام قليله قادمة سيصبح غير صالح للحياة الآدميه، ومن جانب اخر بث المخدرات بين صفوف شبابنا وفتح امامهم كافة الوسائل التي تجعلهم منحرفين دينياً واخلاقياً واجتماعياً ، فتفشى الفقر وقلة الدخل للاسرة وزادت اعداد المدمنين، وزادت السرقات وارتكاب المخالفات القانونية والدينية والعرفية ، واما فيروس التخريب المجتمعي الذي يبثه الاحتلال بين جنبات مكونات مجتمعنا الفلسطيني عبر التسهيلات التي اوجدها في وسائل الاتصال خاصة ما يعرف بالعالم الافتراضي الذي اصبح مصدراً للمعرفة والتربية للأجيال الجديدة ، فتحلل العديد من أبناء مجتمعنا من ضوابط الدين والأخلاق والأعراف المجتمعية وذهب باتجاه ما يخرجه من واقع الفقر والتيه المجتمعي الذي يعيشه فحدث التفكك الاسري وحدث التفكك المجتمعي وحدث التفكك الوطني ، وهو ما يتساوق مع اهداف الاحتلال والمتربصين بمجتمعنا الغزي .
اما اذا تطرقنا لاسباب الوصول الى هذه الحالة فيمكن ان نوجزها بالتالي
- غياب المثل والضوابط السلوكيه على مستوى منهجي والذي يسهم بالتكيد في بناء الشخصية السويه
- انطواء الثقافة الوطنية لتكون مجتزأه بحسب كل لون من الوان فصائل العمل الوطني الفلسطيني 
- فقدان الثقة بالمنظومة التربوية وحتى الدينية التي يمكنها صناعة كيان الشخصية الوطنية القادرة على طلب حقوقها
- فقدان المقومات الاقتصادية التي يمكن ان تسهم في العزوف عن ممارسة الجريمة 
- غياب المسئولية الوطنية تجاه طبيعة تشكيل الفكر الوطني والتربوي لدي الأجيال 
- التفكك الاسري الحاصل نتيجة متغيرات متعدده تداخلت لتشكل وعي فردي جديد لدى الابناء
فالجريمة هي نتاج مقومات متداخلة يمكن ان تنشأ شخصية الفرد عليها ، فالبيئة بكل معوناتها الملموسة وغير الملموسة لها دور كبير ورئيس في تشكيل الحالة السلوكية عند أبناء المجتمع ، فمستوى الجريمة يمكن ان يزيد او او ينقص مقابل تلك المقومات ومستوى التعاطي معها.

مجلس الإنقاذ الوطني

د. محمد عبد شتيوي
امام تعددية الازمات التي يمر بها قطاع غزه بشكل خاص والقضية الفلسطينية بشكل عام ، وامام المؤامرات الدولية والإقليمية التي تحاك ضد القضية الفلسطينية والتي تهدف لانهائها على قاعدة تحقيق امن دولة إسرائيل، وفي ضوء الظلم الذي يخيم على على كل تفاصيل حياة الفلسطينيين، تعالت العديد من المبادرات والتوجهات والسيناريوهات المطلوب تنفيذها للخروج من عنق الزجاجه ولحل تلك الازمات القائمة وكان مؤخراً المناداه بتشكيل هيئة انقاذ وطني او تيار انقاذ وطني او غير ذلك، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل لاي هيئه او أي جسم امكانيه الفعل بعيداً عن مرجعية تساندها وتحمي قرارها؟ وهل سيقبل الشعب أي شخص يمكن ان يمتطي موجة الإنقاذ ليجعل من نفسه قائداً يصول ويجول في مقدرات شعبنا؟ وهل فصائل العمل الوطني ستتقبل اجسام جديدة طارئه تحتل مكانتها السياسية لتشكل حالة وعي جديدة لابناء شعبنا ؟ الكثير الكثير من التساؤلات تفرض نفسها امام ما يطرح من مبادرات، ولكن لو تعاملنا ابجدياً منطلقين من مفاهيم العمل الوطني والسياسي نجد بان ثمة مقدرات وطنية واجسام سياسية يمكنها ان تشكل مجلس او هيئة انقاذ فعلي للشعب الفلسطيني ، فبعيداً عن حالة الانقسام الحاصله بين الضفة الغربية وقطاع غزة ، فلو ذهبنا باتجاه الجسم الوطني الأهم في التكوين السياسي وهو المجلس التشريعي وتم العمل على تفعيل كل مكوناته ودوافعه نحو خدمة أبناء شعبنا الفلسطيني ، باعتبار ان أعضاء المجلس التشريعي لن يكون عليهم خلافاً جماهيرياً بل هم خيار الشعب وجاؤوا لينوبوا عن الشعب في المطالبه بحقوقه ومتطلباته المتنوعه ، وامام عجز الحكومة في توفير ادنى متطلبات العيش لابناء شعبنا وتحديداً في قطاع غزة لماذا لا يتم جمع كل أعضاء المجلس التشريعي ليشكلوا هيئة انقاذ وطنية على قاعدة الشرعية الشعبية لتقوم بتمثيل الشعب امام كافة المحافل الرسمية وغير الرسمية وتطالب بحقوقه وتوفر متطلبات عيشه، وذلك سيسهل على أي طرف خارجي للتعامل معهم سواء بما يتعلق بالمساعدات او أي اتفاقات ممكنه تخدم أبناء شعبنا، على ان يذهب مجلس او هيئة الإنقاذ نحو تحشيد كافة الطاقات والإمكانات الشعبية لتساعد وتساهم في تخطي هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية ، وان يكون لهذه الهيئه التاثير الكبير على قوى المقاًومة سيما العاملة في قطاع غزة ليصار الى تحديد معالم المرحلة القادمة بعناية ودقة كبيرة ولكي لا تختلط الأوراق ومما سيساعد على ذلك ان أعضاء المجلس التشريعي وهم نفسهم أعضاء مجلس الانقاذ الوطني هم من فصائل العمل الوطني كافة ومن قطاعات الشعب المختلفة، وبكل بساطة سيكون مجلس او هيئة الإنقاذ عملت بعيداً عن أي التزامات او أي اتفاقات دوليه او مع اطراف خارجيه مثل ما قامت به السلطة الوطنية ككيان سياسي يمثل الشعب الفلسطيني، فملس الانقاذ الوطي يتشكل للوقوف بجانب أبناء شعبنا اولاً من الناحية الإنسانية وكذلك ليحافظ على ثوابته الوطنية من رؤية شعبية جامعة، خاصة وان الجماهير أصبحت اقل انتماءً لتلك الاتفاقيات التي اوصلتنا كشعب فلسطيني الى هذه المرحلة، 
ولكن الأهم وقبل ان ننطلق نحو مفهوم الانقاذ يجب ان تكون مضامين الإنقاذ واضحة ومتطلبات واهداف المرحلة القادمة محددة . أي يجب ان تنطلق مسيرة الإنقاذ الوطني من خطة واضحة ومتكامله تشمل في. ثناياها كل التفاعلات المتوقعه واثارها الإيجابية والسلبيه وانعكاساتها على قضيتنا الفلسطينية . 
فما المانع ان يتصدر أعضاء المجلس التشريعي مجتمعين حول فكرة الإنقاذ الوطني؟ وهم مفوضين من الشعب ويتمتعون بشرعية امامه، فحالة الجمع الوطني قد تشكل ضاغطاً رئيساً على أي طرف يمكن ان يعتقد بانه قادر على السيطرة على قضيتنا الفلسطينية وان من حقه رسم خارطة المنطقة من منظور مغاير لمتطلبات شعبنا الفلسطيني .

المسؤولية الإنسانية وعلاقتها بالمسؤولية السياسية

د . محمد عبد اشتيوي

المسؤولية كمصطلح مجرد تتأتى ضمن ما يناط بالفرد او الحكومة منرصلاحيات ممنوحة ليصار مساءلتها عن نتاج الاعمال التي نتجت عن تلك الصلاحيات الممنوحة لها من قبل الجهة التي منحت اصلاً تلك الصلاحيات، وهناك العديد من المصطلحات المشابهة تبين العلاقة بين اطراف العلاقة مثل المنظمات والكيانات العاملة ضمن المنظومة المجتمعية ومثل علاقة الشعب والحومة، ومنها المسؤولية المجتمعية وهي التي تعبر عن الالتزام الادبي والأخلاقي من قبل أي مؤسسة او كيان ضمن منطقة جغرافية محددة تجاه المجتمع من خلال تحقيق متطلباته واحتياجاته ضمن ما يسمح به النظام والقانون. 
اما المسؤولية السياسية او الوطنية تاتي كتعبير عن الالتزام بمساحة الصلاحيات التي منحت للساسة وأصحاب القرار تجاه تحديد حدود الدوله وكل مكوناتها وتحديد المصير السياسي لها وتحديد علاقاتها المحلية والخارجية بما يسمح لها بالعيش ضمن منظومة دوليه فاعله، وياتي باب المساءله هنا من قبل الشعب لقيادته السياسية عن مدى التزامها بالثوابت الوطنية والصلاحيات التي منحها الشعب لهم، وحينها من حق الشعب ان يستمر في منح شرعيته لتلك القيادة او يسعى لتغييرها ، فالمسؤولية السياسية تتحقق من قبل القيادة السياسية تجاه الشعب ولكن المساءلة السياسية تتحقق من قبل الشعب للقيادة السياسية، 
اما المسؤولية الإنسانية فهي تعبير عن الالتزام الادبي والأخلاقي والمهني من قبل أصحاب القدرة والقرار بتوفير جميع متطلبات واحتياجات الحياة الانسانيه لجميع من هم في الدولة بغض النظر عن انتماءاتهم او الوانهم، فيتم النظر الى الانسان كقيمة مجردة يتم العمل على تحقيق افضل مستوى له في العيش ، في المقابل تاتي المسائلة من قبل الشعب لكل من يملك قرار وقدرة على مساعدتهم في ان يعيشوا بانسانية مجردة بحسب الصلاحيات والمساحة التي منحوها إياه.
امام هذه المفاهيم فلا يجوز باي حال من الأحوال الخلط بينها مطلقاً كان يتم استغلال الجانب الإنساني كاداة ضغط سياسية او العكس، علماً بان كل جانب منها يحتاج الى عامل التخصص والمهنية التي يمكن ان تشكل قاعدة للانطلاق منها عند تنفيذ أي من النشاطات المجتمعية او الجماهيرية بشكل عام.

هندسة العقول

د.محمد عبد اشتيوي
يمر شعبنا الفلسطيني في هذه الآونة بمرحلة شديدة الخطورة ، حيث عمد الاحتلال وأعوانه على استخدام العديد من الوسائل الهجومية على أبناء شعبنا منها العسكرية الترهيبية ومنها الترغيبية، والتي لم تحقق مبتغاه من شعبنا الصامد الصابر القابض على وطنة والمحافظ على ثوابته رغم كل ما دفعه من اثمان طيلة فترة الاحتلال، فلجأ الاحتلال ومعه كل اعوانه المتآمرين على قضيتنا الفلسطينية الى ممارسة أساليب مغايرة تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني لتحقيق مبتغاه في السيطرة على كل مقدراتنا الفلسطينية الأرض والشجر والحجر وحتى الانسان، وذلك من خلال إعادة التفكير والانتقال من المواجهة المباشرة الى مرحلة دغدغة العقول في محاولة لمخاطبة العقل الباطن بدلا من العقل الظاهر لدى الفلسطينيين ، فحالة فشلهم كانت واضحة في التعامل مع العقل الواعي او الظاهر ، فذههبوا الى التسلل الى العقل الباطن في محاولة لاعادة هندسة الأفكار والمعتقدات والقيم التي يحملها المواطن الفلسطيني.

فهندسة العقول ما هي الا تعبير عن فن تركيب الأفكار والقيم والمعتقدات لدى الانسان بشكل هادف وموجه ليحقق حالة من التحول الضمني والسلوكي للافراد ليصبح ما كان غير مقبول في الامس هو مقبول اليوم والعكس صحيح.

وان تعبير هندسة العقول يتمثل كذلك في إعادة تأثيث العقول بافكار جديدة قابلة للنمو والتطور عبر ما يسمى بالفيروس الفكري الذي يصاحبه وجود بيئة مناسبة لينمو ويكبر ويتحول الفكر الجديد الى واقع وممارسة حقيقيه على الأرض.

وما يمارسه الاحتلال ومن خلفه أمريكا حالياً على الشعب الفلسطيني هو ترجمة واضحة لاعادة هندسة عقول أبناء شعبنا من خلال تعزيز حالة الحصار والضغط والتشوية للفكر الوطني والديني ، ليجعل من عقل المواطن كتلة من الجمود ترفض واقعها بكل اللغات ناقمة على كل ما يدور في بيئتها المحيطة، ليصبح العقل مهيأً لقبول أي مخرج نحو أي فضاء اخر يعتبره انقاذاً لما كان فيه.

فالاحتلال واعوانه يراهنون على إيجاد حالة من التحول الفكري لدىرالمواطن الفلسطيني سيما في قطاع غزة، معتقدين بان فيروساتهم الفكرية بإمكانها ان تعيد هندسة عقول الفلسطينيين وتغيير نظرتهم الى وطنهم والى وطنيتهم وتغيير مضامين الانتماء الوطني باتجاه قبول أي مخرج يمكن ان يحررهم من حالة الحصار والضغط والقلة والعوز والعقوبات الممارسة عليهم.

وهنا تجدر الإشارة الى ان الاحتلال الإسرائيلي مارس هذا المفهوم مرات عديدة وباساليب متنوعه على أبناء شعبنا الفلسطيني، ولكنها كانت تندرج تحت بند غسيل العقول في محاولة لسلخ المواطن الفلسطيني عن ارضه ووطنه وجدانياً عبر العديد من الاغراءات المقدمة سواء عبر ممارسة فلسفة التطبيع ، او من خلال توفير كل مسهلات النزلاق الأخلاقي والديني والوطني ، ولكنه وبعد فشلة في تفريغ عقل المواطن الفلسطيني من وطنيته بكل الأساليب المذكورة ، ذهب باتجاه الترهيب والضغط واختلاق الشرذمات الوطنية من أحزاب وتكتلات وجماعات فكرية يمكن للمواطن التقوقع فيها بعيدا عن الوطن سعياً وراء امنه وامانه وسعيا لحصوله على لقمة عيشه ، وهذا ما يراهن عليه الاحتلال تفريغ الوطنية من مضمونها التي يحملها المواطن الفلسطيني في عقله ووجدانه وزرع مضامين جديدة تخدم مخططات الاحتلال وتعزز وجوده على الأرض الفلسطينية.

رمال سياسية متحركة

د . محمد عبد اشتيوي
تحتدم أمواج العمل السياسي على الساحة الفلسطينية ، حيث تتشكل مؤامرة كبيرة تجاه قضيتنا سعياً في انهائها لصالح الاحتلال الإسرائيلي , فقد عمد القطب المعادي لقضيتنا والمتنكر لحقوقنا في ارضنا فلسطين ان يدخلنا في دهاليز سياسية ضيقة، معتمدين على مبدأ إدارة الازمة بالازمة وهو ما يعرف بالإدارة بالازمات، ولكن المتتبع للتاريخ الفلسطيني يدرك ان إرادة البقاء على ارضنا فلسطين متجذرة في نفوسنا وفي جيناتنا السلالية.
ومن ابرز الدهاليز التي ازلقت اليها القضية الفلسطينية، دهليز الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، فكان افضل نتاج خرج به الاحتلال الإسرائيلي لخطط وتدابير طال العمل عليها لتفتيت عضد وقوة المجتمع الفلسطيني . 
ومع تعدد المحطات والمشاريع الانهاكية التي استدرجت اليها القضية الفلسطينية ، تشكلت حالة تتشابه بالرمال المتحركة التي يسعى الفرد للهروب من جزء منها ليجد نفسه يغوص في جزء اخر منها ، وما ان ينتقل من مكان الى اخر يجد نفسه قد استنزفت وخارت قواه ليصبح مترنحاً لا يسعى الا ان يبقى على قيد الحياة. 
فرمال السياسة المتحركة جعلت من قضيتنا الفلسطينية تغوص في منهكات الحياة تارة لتخرج الى شرذمات الجسد الفلسطيني تارة أخرى ، وما نعيشه اليوم من حصار وعقوبات وتسلط وشرذمات وتفتيت وتيه في التفكير وضبابية الهدف وفقر وتجويع وفقدان الامل وتلاشي المستقبل والغرق في الامراض ووطأة التجهيل الموجه وهذيان الوطنية واندثار الاحلام وإرساء التثبيط والفشل وفقدان بوصلة العقيدة والمعتقد، كل ذلك يجعل من الأرضية السياسية لقضيتنا الفلسطينية كالرمال المتحركة وهو ما يبتغيه اعداءنا لنا، 
ولكن صخرة الإرادة التي يمتلكها شعبنا الفلسطيني صلبة فقد تكسرت وتفتتت عليها العديد من المؤامرات، والرهان فقط على تلك الإرادة التي اثبتت ان الكف قادر وبقوة ان يجابه المخرز وان الدم ينتصر على السيف ، فالمعادلة الفلسطينية لا يعلم حقيقتها ترامب او الإسرائيليين او غيرهم ممن يتآمرون على قضيتنا، فصحيح ان إمكانيات الغلبة والنصر بحسب اعتقادهم هي ملكهم ولكنهم لا يعلمون مدى قوة وصلابة الإرادة الفلسطينية ،
فصفقة القرن التي ابتدعها الرئيس الأمريكي ترامب ومعه الإسرائيليين ومن لف لفيفهم ليست بقدر محتوم على قضيتنا الفلسطينية وانما هي اجتهادات وتلاعب في معطيات المرحلة خاصة وان ترامب ومن معه يدركون هوان وضعف ووهن العالم العربي والإسلامي في هذه المرحلة من الزمن ، ومن باب التذكير ان صفقة القرن لا ينطبق عليها مفهوم الصفقة ، فالصفقة تتم بين طرفين متنازعين او متصارعين حول شيء معين، وما يطبقه ترامب في صفقته يتم فقط من طرف واحد ففلسطين ليست طرفاً في صفقته وهذا ما اعلنه بكل وقاحة عندما أشار الى ان راي القيادة الفلسطينية غير ضروي في الصفقة وان تطبيقها سيتم باتجاه واحد .
وامام ما تسعى اليه أمريكا وإسرائيل في وضع القضية في مربع تحكمه رمال السياسة المتحركة، كان لا بد لنا كفلسطينيين ان نجمع قوانا ونعمل بعكس ما أراده اعداءنا لنا ، 
وأول خطوات الرد يجب ان تتحقق المصالحة الوطنية بكل مكوناتها لتلتحم كل مكونات العمل الوطني الفلسطيني وتكون قادرة على رد أي مؤامرة وان تخرج من رمال السياسة المتحركة التي تهدف الى انهاكها واغراقها ومن ثم القضاء عليها،
كما يتوجب علينا كفلسطينيين ان نعمل ضمن رؤية سياسة ووطنية موحدة حتى لو اختلفت الوسائل 
وان يتجه كل مكونات العمل الوطني لتشكيل جبهة وطنية صلبة تتحطم عليها كل المؤامرات من خلال توحيد الجهود والامكانيات ووضعها تحت راية واحدة هي راية فلسطين.

شماعة المصالحة

د . محمد عبد اشتيوي
المتتبع لمجريات اتمام انهاء الانقسام وتعزيز المصالحة الوطنية كنتاج لجهود متظافرة من العديد للقوى المحلية والاقليمية والدولية يجد بان العديد من الاطراف  ذات علاقة باعادة اللحمة الفلسطينية سواء المستفيد من تحقيقها او من الابقاء على حالة الانقسام.

فمنذ اللحظة التي تبعت التوقيع في 12/10 على تنفيذ اتفاقية المصالحة الموقعه عام 2011 بدأت الضغوطات والابتزازات والمساومات من قبل من يسعون الى حصاد ثمار المصالحة خاصة اسرائيل التي ما فتئت ان تستغل اي فرصة في المنطقة لصالحها فمن خلال تدخلاتها المباشرة او غير المباشرة عبر مندوبيها او اذرعها المختلفة دحرجت امام اطراف المصالحة كرات ملتهبة من نار الخلافات المتجذرة في نفوس المتحزبين القائمين على اتمام المصالحة.

فكان هناك من يتلكك ويماطل حتى تحقيق اجندات قد تخدم اسرائيل سواء بشكل مباشر او غير مباشر  وكان اهم ما طرح وبات نقطة خلاف كأداء هو سلاح المقاومة او بسط السيطرة والتمكين كما اطلق عليها او ملف الامن او ملف الموظفين  وغيرها من الملفات المتعدده.

امام ذلك ظهر واضحاً خلال الفترة الماضية ان كل طرف من اطراف التحاور  جاهز ليتصيد اي خطأ يصدر من الطرف الاخر .

وكان المجهر مسلط ومركز على تيار الاصلاح الديمقراطي في حركة فتح معتقد البعض ان التيار اكثر الجهات تضررا من انجاز المصالحة معتقدين ان حالة التهميش او الاقصاء له من الحلبة السياسية قد تنشىء حالة من ردة الفعل لتخريب المصالحة ولكن التيار كان موقفه واضح داعم للمصالحة بكافة تفاصيلها، ولما خاب فألهم في توريط التيار وطنياً في تخريب المصالحة ذهبوا يبحثون عن شماعة اخرى ليعلقوا عليها ذلك الفشل ، وما ان حدثت شرارة المقاومة من قبل الجهاد الاسلامي انهالت الاتهامات واكتظت التصريحات التي تحمله خراب جهود المصالحة خاصة وانها فرصة ليدفع الجهاد الاسلامي ثمن اصطفافه للحالة الوطنية ولمصلحة قطاع غزة ضمن منظومة العمل الوطني والاسلامي المتوافق على رؤية متقاربة نحو التعامل مع معطيات المرحلة الحالية.

فشماعة الجهاد الاسلامي باتت هي الاقوى لتتحمل وزر  الاخفاقات المقصودة لافشال المصالحة وهي مبرر مقبول لدى الكثير من اقطاب المنطقة واصحاب المصالح في فشلها

ولن يقف تحميل مسئوليات اي فشل قادم عند الجهاد الاسلامي وانما سيمتد الى اي شماعة اخرى يمكن ان تعترض على اي اجندة غير مقبولة وطنياً

إحراج أمريكا

د. محمد اشتيوي
أمام حالة الصلف والهيجان العدواني الامريكي ضد كينونتنا الفلسطينية وضد مقدساتنا الدينية ، وأمام حالة العنجهية الاسرائيلية المسنودة على صلف الامريكان، وما يدور الان حول الاعتراف الضمني او حتى الصريح بالاعتراف بان القدس هي عاصمة دولة اسرائيل، اعتقد بأن العالم العربي بأسره يعيش حالة من الوهن والضعف غير المسبوقة في تاريخ أمتنا العربية والاسلامية، وأن الحالة الفلسطينية كذلك لا تمثل جبهة قوية يمكنها ان تواجه القرارات الظالمة سيما وأن حالة الاستحقاق السياسي والسيادي لترامب الامريكي يمكنها ان تتحقق على حساب مجمل ما يملكه العالم العربي كله وبكل مكوناته البشرية والمادية وغير ذلك، اي ان تحقيق أحلام وآمال الاسرائيليين في تجذير أنفسهم في هذه الارض تتبناه امريكا مهما كان ثمن تنفيذه، ولكن السؤال المهم الذي يجب ان يطرح الان وبعد حوالي ثلاث عقود من الزمن المبني على المفاوضات والتسويف وقتل الفكر الوطني لدى الاجيال بكافة الاساليب، لم ينجز اقل القليل من استحقاقاتنا الوطنية وارجاح حقنا الوطني كفلسطينيين من المحتلين.

ما الفائدة في استمرار وجود اجسام ادارية وظيفية في فلسطين؟؟؟؟؟ فمهما تعددت المسميات والمراتب الوظيفية التي ساعد في تعزيزها الاحتلال لتحتل فكرنا ويرتبط مصير اجيال منا فيها ، فهل تبقى قيمة لأي من تلك الاجسام والمسميات، فلا السلطة ولا مكوناتها المختلفة قادرة ان تحقق كرامة اي فلسطيني على ارضه، مع علمنا ان الرئيس ابو عمار رحمه الله وتبعه الرئيس ابو مازن ومعه كافة مكونات العمل الوطني الفلسطيني وبغض النظر عن مستوى الاختلاف في توجهاتهم نحو طرق واساليب التحرير الوطني، الا انهم جميعاً عملوا على دحر الاحتلال من على ارضنا بكافة الطرق والاساليب السياسية والدبلوماسية والسلمية وغيرها، الا ان الحالة الفلسطينية ومشروعنا الوطني يراوح مكانه من حيث التأثير في التغيير لمنظومة القهر والاحتلال الجاثم على صدور كل الفلسطينيين.

وان قرار ترامب بنقل السفارة الامريكية الى مدينة القدس لهو تحول خطير في طريقة التفكير والممارسة الامريكية والاسرائيلية، حيث بذلك يكونوا تخطوا محاذير لم يكن يطاق الاقتراب منها من قبل سيما وأن مدينة القدس بما تشمل من مساجد وكنائس تاخذ البعد الديني والعقدي وليس الوطني فحسب، فبذلك تكون أبواب الصراع كافة قد فتحت وعلى جميع المستويات، وهذا يتطلب مقومات منا كفلسطينيين ومن العالم العربي ومن العالم الاسلامي.

ولما كانت مقومات المواجهة لدينا كفلسطينيين محدودة فلماذا لا يتم احراج امريكا واسرائيل ومن خلفهم بأن يعلن السيد الرئيس حل السلطة الوطنية الفلسطينية والتي أصلاً جاءت نتيجة اتفاقية أوسلو التي هندستها ودعمتها أمريكا وتلهفت عليها اسرائيل، لايجاد حالة تحول في طبيعة الصراع العربي الاسرائيلي.

حل السلطىة يعني ان تبقى جميع الارض الفلسطينية محتلة وان تتحمل اسرائيل مسئولية ذلك سياسياً وقانونياً ومادياً وغير ذلك، فاذا كان الحفاظ على مشروعنا الوطني يمكن ان يتم بالعودة الى الخلف خطوات فلا ضير اذا كان في مصلحة الوطن. دعونا ان نتخلى عن المناصب وعن المكاسب وليبقى الوطن

التكافل والتغافل .؟

قد تتشابه الكلمات من حيث بنيتها ولكنها تختلف في دلالتها ومعانيها ، فلو اسقطنا مصطلحين مثل التكافل والتغافل على ما يدور في قطاغ غزة في هذه المرحلة، فماذا سيكون مدلولاتهما الفعلية على واقع القطاع. 
فالتكافل مصطلح يعني التعاضد والتشارك والتلاحم المصيري المشترك ، وهو مضمون حيوي يتطلب تحقيقه عندما يصيب الضنك المجتمع ويصبح الفرد في حاجة الاخر لانه لم يقوى على قوام حياته ، واننا في قطاع غزة وامام ما يفرض علينا من حصار وفرض عقوبات لا تقل في مضمونها الفعلي عما يحققه الحصار من تقزيم للحاله الوطنية ومحاولة المساس بمنطلقات شعبنا الفكرية التحرريه والتي تهدف اصلاً وبشكل موجه الى تركيع شعبنا ورفع رايه الاستسلام والقبول بالمجهول مهما كانت طبيعته، فالكل يتآمر علينا لصالح عدونا المحتل بدلا من تعزيز صمودنا على ارضنا ودعم كل مقومات التحرر والاستقلال، ولكن من تتبع التاريخ يجد بان صور التكافل تعددت عند اشتداد الازمات على قطاعنا الحبيب سواء خلال الانتفاضة الأولى او عبر الحروب التي شنتها إسرائيل على القطاع ، فكان تحشيد الهمم وجمع المساعدات من الجماهير للجماهير وكانت تتحطم كل الحواجز والعقبات ليصل المقتدر الى المحتاج، وهذا العمل متجذر في جينات تكوين الانسان الفلسطيني ، فغزه لن تترك غزة تنهار كما يريد الاحتلال ومعه الاخرين، ولكن جدير بنا ان نقف عند من مارسوا التغافل عما يحدث في قطاع غزة ، وكانهم يدفنون رؤسهم في التراب . قان وسائل الاتصال باتت تسهل وصول ونقل المعلومات لكافة انحاء المعمورة، ولكن العديد من أبناء جلدتنا سواء داخل فلسطين او خارجها تغافلوا عما يحدث سواء عمداً او قسراً ولكن النتيجة واحده، تغافلوا ما نحن فيه تغافلوا اهاتنا تغافلوا صرخاتنا تغافلوا كيف نموت تغافلوا كيف نعيش تغافلوا كل شيء يخصنا ، ليحافظوا على مصالحهم الفردية ونسوا الوطن فلسطين ، تغافلوا ليحققوا مجد عدونا في احكام السيطرة على شوكة فلسطين قطاع غزة، تغافلوا ليتركوا المجال لذبحنا في غزة بكل الطرق . 
ولكن التكافل سيغلب التغافل لا محالة ولا بد ان نتعلم من دروس الماضي التي اشارت الى انه اما ان نحيا جميعاً او نموت جميعاً ، وان كل مؤامرات التصفيه لقضيتنا باءت بالفشل تكسرت وانهارت امام تكافل شعبنا وتماسكة حتى ولو في اللحظة الأخيرة، فالتكافل تزرع الامل في نفوس كل التائهين من الجوعى والمرضى والمحرومين، التكافل تعزز امل الوصول الى حريتنا المرتقبة حتى ولو بعد حين، التكافل تصقل تفكيرنا نحو تجميع قوانا لننطلق نحو الأفضل دائما، 
ان نغيث انفسنا بانفسنا افضل بكثير من ان نبيع انفسنا بالرخيص ، وانطلاقاً من عزة وكرامة أبناء قطاع غزة المهمشين نطلق دعوة لكل من بقيت في دمه برة انتماء الى وطننا فلسطين ولكل من تاهت به الدنيا ليصرف نفسه بعيدا عن هذا التراب الطاهر، تكافلوا ولا تغافلوا تكافلوا ولا تغافلوا تكافلوا ولا تغافلوا 
بالتكافل قوتنا وبالتغافل موتنا وضياع قضيتنا ، وحماك الله يا غزة العزة.

النطح بقرون مكسورة

د. محمد عبد شتيوي
أي حالة منافسة او صراع تفرضها متغيرات الحياة على هذه الأرض تحتاج الى مقومات وإمكانات، وهي التي تتفاوت بين الجهات المتصارعة، والصراع في مضمونه يشير الى غلبة جهة او طرف على حساب الجهة الأخرى ، وان حالة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تخضع لهذه القاعدة من حيث الاستراتيجيات التي يتبناها العدو تجاهنا كفلسطينيين، وان إمكانية التغلب على العدو ليست ضرباً في الخيال وانما تحتاج الى مقومات جمع لكل عناصر التكوين الفلسطيني لتعبر عن حالة متينه يمكن الانطلاق منها نحو التحرير والغلبة، ولكننا امام الواقع المتردي الذي تعيشه القضية الفلسطينية والتي تظهر في ملامحه حالة التفتت والتشرذم المبنيه على نشوء ثقافة جديدة في مجتمعنا الفلسطيني وهي ثقافة التحزب وعدم تقبل الاخر، وهذا ما جعل اتساع المسافة بين الأحزاب والحركات والفصائل متسعة وكبيرة وتحتاج الى جهود جمة من اجل ردمها وترميمها لتعاد اللحمة الوطنية من جديد ، وتجدر الإشارة الى ان هذا الحال لم يتحقق من فراغ وانما سعى عدونا اليه منذ زمن مضى الى ان حقق أهدافه بتفريقنا عن بعضنا البعض وجعل من الكل الفلسطيني كيانات متفردة كل منها يغرد بحسب اهوائه ومبتغاه، وللأسف الشديد تساوق الكثير من أبناء شعبنا مع ما أراده الاحتلال وذلك لتغليب مصلحتهم الخاصة على مصلحة الوطن العامه، وجعلوا من مقومات الصراع من العدو متبعثرة لا تقوى لقوام نفسها. 
وامام هذا المشهد التراجيدي كان من الطبيعي ان سقطت الكثير من النبال من جعبة الرئس أبو مازن ومعه ساسة شعبنا وقاداته ليصبحوا عاجزين عن مناوأة الاحتلال ومصارعته، ولم تقف ثقافة الفرقة الى هذا الحد بل سعى كل فصيل او حزب الى تكسير نبال غيره من الأحزاب والفصائل الفلسطينية الأخرى ولم ينتظر ان يأتي الاحتلال ليكسرها حتى ، فحدث الهوان والضعف والتردي فينا كشعب فلسطيني ، وضعفت جبهتنا الداخليه حتى كسرت قرون المصارعة مع العدو، فبات العدو يحقق الغلبة المستمرة علينا بعد ان كسر قروننا بتفريق قوتنا واضعاف جبهتنا الداخلية ، فلا الفصائل الوطنية ولا الإسلامية تستطيع ان تحمل هم الوطن لوحدها ولا أبو مازن والسلطة بما يحملونه من مفاهيم وطنية يستطيعون مجابهة عدونا لان قروننا مكسرة. جسدنا الفلسطيني تهاوى منه أجزاء عضوية ،جعلت من عدونا يستخف بنا فقرون المقاومة لها هيبتها في قلب عدونا ، فما اجمل الراس عندما يقود قرونه لمصارعة عدوه ويحقق عبرها الغلبه والنصر ،فاذا تكسرت القرون اصبح الصراع جنون ، والراس بلا قرون هو حتماً كالبحث عن المنون، 
انطلاقاً من هذه المفاهيم علينا ان نجتمع ولا نتفرق وان الرئيس أبو مازن لن يكون قوياً كما لو جمع كل مكونات العمل الوطني الفلسطيني باعتبارهم جزء لا يتجزأ من تشكيل اللوحة الوطنية الفلسطينية وهم جزء اصيل كذلك في تحديد مصيرهم ومصير قصيتنا الفلسطينية ، فعندما تجتمع السياسة مع القوة تقوى جبهتنا حتماً ورحم الله الشهيد أبو عمار كان محنكاً في الجمع بينهما فكان من جانب يناور على المستوى السياسي وكان يدعم المقاومة من جانب اخر، كان ينمي القرون الفلسطينية ليعزز قدرتنا على المقاومة والصراع باتجاه تحقيق الغلبة على عدونا المحتل.