الأحد، 4 مارس 2018

ايديولوجيا الصراع العربي الاسرائيلي

د. محمد عبد اشتيوي
سادت العديد من التكهنات الفلسفيه في تفسير ظاهرة الصراع العربي الاسرائيلي، حيث تعددت اتجاهاتها بحسب طبيعة مصدرها ومدى التأثر بهذا الصراع الذي يمكن ان نعتبره صراع العصر، وبعد انهيار الحكم العثماني في حقبة السلطان عبد الحميد الثاني بدايات القرن العشرين، حدث التقسيم للعالم العربي والتي اشرفت عليه بريطانيا ودول الغرب، وهو ما احدث تحولاً كبيراً في طبيعة العلاقات الثنائية بين العرب انفسهم وبين الكيان الجديد الذي زرعته بريطانيا في قلب الامة العربية وهو الكيان الإسرائيلي.

وقد ارتكز ذلك التحول في طبيعته على تجنب البعد العقيدي والديني الذي كان سائداً والذهاب الى البعد العلماني وفصل الدين عن الدوله، وهو ادراك حقيقي بان العرب اذا ابتعدوا عن دينهم واتجهوا لمناصب حكم الدولة سيتحقق لديهم الاختراق الفكري وتصبح منطلقات حكمهم لبلادهم مرتبطة بمصلحة وجودهم وليس بحفاظهم على دينهم.

ولكنهم في المقابل لم يتنازلوا عن فكرهم العقائدي للحظة فتشكلت العديد من المنظمات التبشيرية، وتمسك اليهود بعقيدتهم التوراتية التي كانوا وما زالوا ينطلقون في ضوئها عند اي قرار مصيري لدولتهم المزعومة، وهنا تجدر الاشارة الى ان الاسرائيليين ومعهم الامريكان ومن يدعمهم من دول الغرب حددوا طبيعة الصراع عقائدياً، فخلال مئة عام مضت مارسوا كل ما يستطيعوا لتشويه الدين الاسلامي ورسموا صورة ذهنية لدى اجيالهم بأن الاسلام يمثل الارهاب في كافة جوانبه.

والمتتبع للتاريخ يجد أن الامريكان بعد ان قادوا العالم بعد الحرب العالمية الثانية حرصوا على مبدأ فرق تسد وكانت اسرائيل ذراعهم الحادفي المنطقة العربية، حيث عملوا معاً على دعم وتشكيل العديد من العصابات الدينية ليأخذوهم الى مربع فكري عقدي متطرف لا يؤمن بالأخر معتمداً على مرتكزات عقديه تبريراً لممارساته الإرهابية.

وقد نجحوا في ذلك عندما اوجدوا العديد من الصراعات العربية العربية سواء على مستوى الدولة نفسها او على مستوى الاقليم، وقد تعاطت معهم العديد من الدول العربية التي ارتبط مصير سادتها وحكامها بمدى تعاطيهم مع السياسة الصهيوامريكية في المنطقة بعيداً عن تشكيكهم بتلك السياسات بانها في غير صالحهم.

وبعيداً عن سرد مسميات التوجهات العقائدية الدينية التدميرية التي نمت وترعرعت بدعم امريكي اسرائيلي في المنطقة فجدير ان يذكر بان الحس الديني والعقدي لدى اغلب حركات التحرر في المنطقة لم يخبو مطلقاً وكان واضحاً في طبيعة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، ولو نظرنا الى مجموع العقل الثوري الفلسطيني سنجده لم يخرج عن منطلقات الفكر العقدي حول ارتباطنا كفلسطينيين بهذه الارض المقدسة، وذلك مقابل ما يتبناه الكيان الغاصب في طبيعة احتلاله لارضنا من روايات وهرتقات يعتبر منبعها التوراة والمنطلق الديني.

امام ذلك فلا يجوز لنا ان ندفن راسنا في التراب كمسلمين  وعرب وفلسطينيين ونقول بان صراعنا مع اليهود هو صراع سياسي او حتى جغرافي، ولكن يجب ان نكون على يقين بان اسرائيل تعتبر صراعها معنا عقائدي من منطلق ديني بحت، فصراعنا معهم هو صراع وجود وليس صراع حدود، هم لن يكونوا الا على انقاضنا نحن والمتتبع لطبيعة الصراع معهم يتيقن بانهم لن يقبلوا غيرهم على ارضنا ارض فلسطين ومحطات التاريخ دللت على ذلك.

وان تكون طبيعة الصراع دينية هذا لا يعني ان نجانب العمل السياسي ضمن منظومة العمل السياسي والدبلوماسي مع معطيات ومكونات العالم العربي او الدولي، ولكن لا يجب ان ننسى حقيقة الصراع معهم وبالرجوع الى اصفار توراتهم نجد حقيقة صراعهم معنا، فجلها تشير الى قتل العرب وتدمير زروعهم وحتى حيواناتهم، اي ان صراعهم معنا صراع وجود متجذر في عقيدتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق