الأحد، 4 مارس 2018

تزاحم سياسي


من الواضح ان الساحة السياسية الفلسطينية في قطاع غزة تشهد حالة من التزاحم متعدد الأطراف ، فتزامن وجود الوفد الأمني المصري، مع وجود محمد العمادي القطري، مع وجود وفد وزاري عالي المستوى من السلطة، في قطاع غزة يومئ بارهاصات حالة من صراع التأثير على مصير وطبيعة تشكيل القرار ومنظومة الحياة في قطاع غزة، ففي الوقت الذي تعتبر مصر نفسها وصية على الولد وعلى البنت الفلسطينية ، جاءت قطر لتمد بيت الزوجية الفلسطيني بمصروفات الحياة ليبقى الولد والبنت على شفى حفرة الموت والحياة، اما المعادلة الفلسطينية فلن تلتقي أطرافها الا بإرادة حتمية فلسطينية تقضي بجمع الشمل للولد مع البنت لتشكل اسرة واحدة متكامله.
فالاخوة المصريين حرصوا في كل مفترقات العمل السياسي المتعلق بالقضية الفلسطينية على ان يصطفوا بجانب فلسطين كفلسطين، وعلى مدار تاريخ القضية كانوا المصريين سنداً ومعيناً لنا في فلسطين، فالدور الذي تقوم به مصر عبر وجود وفدها الأمني في قطاع غزة ليس بجديد على عقولنا وادراكنا للعلاقة بيننا وبينهم،بل ان وجودهم وتبنيهم لحتمية انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية على كافة المستويات يؤكد حرصهم على صيانة البيت الفلسطيني لتبقى فلسطين شامخة صامدة واحدة موحدة في وجه المحتلين. 
ولكن المفارقة تتحقق في الدور القطري المتمثل في عمليات التمويل الاقتصادي لقطاع غزة والذي لم يتطرق الى موضوع المصالحة من حيث جوهر الزيارة، ولم يكن متوافقاً مع الجانب المصري من حيث اتجاهات العمل وخدمة القضية الفلسطينية، فالخلاف بين التوجه القطري والتوجه المصري واضح في منظومة العمل السياسي في المنطقة،
ولكن هل قوى التأثير ستمارس على أطراف الانقسام الفلسطيني سواء بالسلب او الايجاب خلال التواجد المتزامن على ارض قطاع غزة؟ 
تجدر الإشارة هنا الى ان مستوى الوعي الجمعي حول العلاقات الإقليمية وحتى الدولية اصبح اكثر ادراكاً للمصلحة الوطنية الفلسطينية من طرفي الانقسام؟ وذلك يشير الى ضرورة تغليب المصلحة الفلسطينية على أي اجندات يمكن ان تمارس خلال هذه المرحلة الحساسة من تاريخ قضيتنا الفلسطينية، كما ينبغي ان ندرك جميعاً بان غزة باتت محور صراع إقليمي حقيقي تتجلى نتائجه في السيطرة الكاملة على هذه البقعة الصغيرة من الوطن وذلك باتجاه ما يخدم المشروع الصهيوامريكي في المنطقة. 
فحالة التزاحم السياسي القائمة لم تأت جذافاً وانما تشكلت عن وعي وادراك من قبل اطراف عدة من ذوي المصلحة، منطلقين من ان خارطة الفهم والوعي والجغرافيا والتاريخ الفلسطيني يجب ان تتغير، وهنا تكمن حالة المد والجزر بين قطبي الحق والباطل، بين من يريد انهاء الانقسام وبين من يعمل على تغذيته واتساع نطاقه،بين من يعمل على لملمة الجسد الفلسطيني وبين من يعمل على تمزيقه وشرذمته، بين من يسعى لاتمام المصالحة ومن يسعى الى تعزيز الانقسام، 
فالتزاحم السياسي يخلق حالة من الهيجان والهستيريا الحاملة في طياتها تشتيت التركيز على الهدف الرئيس لكل الفلسطينيين وهو التخلص من الاحتلال الجاثم على صدر تاريخنا الفلسطيني، وان تحقيق ذلك الهيجان سيجعل الكثير من يرمي نفسه في أحضان الموت او في غياهب التشرد او في حنايا الاستسلام. 
علينا كفلسطينيين ان نستغل وعينا وادراكنا لكل تفاصيل الماضي ولكل المراحل التي مرت بها قضيتنا وان نعمل على صياغة نسيج وطني واقليمي ودولي قادر على خدمة قضيتنا الفلسطينية في التخلص من الاحتلال وتحرير كامل التراب والانسان الفلسطيني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق