الأربعاء، 15 مايو 2013

الرقابة والغابة


الرقابـــــــــة والغابــــــــــة
كثير ما يتردد مصطلح الرقابة في العديد من القطاعات المتنوعة, منها الأمني والاداري وحتى الاجتماعي, وفي ضوء المعتقدات السائدة تجاه عملية الرقابة فالرقابة مصطلح يرتبط مع الكثير من المضامين السلبية القمعية والعقابية, حتى اصبح الانسان لا يقبل هذا المصطلح من الناحية النفسية والعملية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : ما السبب في هذا الاعتقاد؟
في اطار الاجابة عن هذا التساؤل لا بد لنا أن نتعمق بتفاصيل ومضامين المصطلح من الناحية العلمية والعملية, نجد بأن الرقابة ليست غاية وليست نتيجة أو هدف يسعى المسئولون اليها, وانما هي أحد النشاطات الادارية التي يمكن من خلالها التعرف على واقع العمل الحقيقي للأفراد ومن خلالها يمكن ان نضع ايدينا على نقاط القوة ونقاط الضعف في العمل الممارس, ولكنها يجب ان تنطلق من معايير ومقاييس محددة مسبقا لكي يتم مقارنة العمل الحقيقي والفعلي بالعمل المخطط والمتوقع أن يكون, والفارق بينهما يمثل الفجوة أو الخلل الذي من المفترض أن يتم تصحيحه من أجل اتمام العمل على أكمل وجه.
وتقسم الرقابة الى قسمين رئيسين هما:
أ‌-       الرقابة الايجابية: فهي الرقابة التي تعمل على تعزيز نقاط القوة باستمرار لجميع مكونات ومدخلات عناصر نظام الانتاج للوصول الى نتائج تتطابق مع ما تم التخطيط اليه مسبقاً. وتحرص على تعزيز نقاط القوة وتصحيح نقاط الضعف .
ب‌-  الرقابة السلبية: وهي الرقابة التي تعتمد على ضبط الاخطاء بعد حدوثها وعمل ما يلزم للابتعاد عن الخطأ في المرات القادمة. أي أنها تتعامل مع النتائج فقط, ولا تعتد بأي من معززات العمل, وتعتمد على نظام التصيد في العمل وفي النتائج بعيدا عن مفهوم الوقاية.
ولا بد للعملية الرقابية أن تخضع لمعايير محددة وواضحة يجب أن تكون موضوعة عند التخطيط للعمل, ومهام تلك المعايير أن تكون مرجعية يقاس بها العمل عند تنفيذه, فاذا غابت المعايير وتاهت مقاييس العمل أصبحت ساحة العمل كالغابة التي لا تحتكم لأي من المعايير, لأن العمل الفعلي لأي فرد لا يتم مقارنته بمعيار عمل مفترض, وانما يترك تقييم العمل الفعلي لأهواء ومزاجيات المسئول عن الرقابة والتقييم. وذلك من شأنه أن يحدث حالة من الهلامية والتيه التنظيمي سواء عند الادارة العليا أو عند الافراد العاملين, وأن غياب المعايير بالعمل وجعلها كالغابة المفتوحة لا بد له أن يفرز بعض الحالات التنظيمية التي تنعكس على نتاج العمل بشكل كبير ويمكن أن نذكر منها على سبيل السرد لا الحصر ما يلي:
1-    تدني مستوى أداء العاملين نظرا لقناعتهم بمبدأ "من يعمل ومن لا يعمل سيان".
2-    الابتعاد عن منهجية العمل المخططة والذهاب نحو ما يرضي الادارة العليا.
3-    سيادة الخوف والرعب الوظيفي من نتائج أي عمل قد لا يلقى قبول من الادارة العليا.
4-    عدم افصاح العاملين عن جميع قدراتهم وامكاناتهم الكامنة بما يحقق مفهوم "تكلفة الفرصة البديلة".
5-    تدني مستوى الرضا والانتماء التنظيمي الناتجة عن مبدأ "عدم تكافؤ الفرص".
6-    السعي وراء الهروب من العمل مما يحدث خللاً في القيمة المعرفية ورأس المال الفكري بالمؤسسة.
في ضوء النقاط المذكورة جدير أن نضع تصورا صحياً لمعالجة ظاهرة غياب معايير العمل والابتعاد عن تحويل ساحة العمل الى غابة تغيب عنها المعايير يعمها الظلم والقهر الوظيفي, ويمكن ان نحدد هذا التصور في النقاط التالية:
1-    الحرص على وجود خطة واضحة ومحددة من حيث الأهداف وسبل الوصول اليها.
2-    إعمال المعايير الوظيفية المجمدة وتفعيلها لتنعكس ايجاباً على العمل والعاملين.
3-    تفعيل الجهات المختصة للوقوف على مدى تطبيق معايير العمل المنصوص عليها تنظيمياً.
4-    الدفع باتجاه تبني ثقافة تنظيمية تحترم أنظمة وقوانين العمل والمنظمة.
5-    تفعيل مبدأ الشراكة وعمل الفريق والابتعاد عن المركزية الادارية واقصاء العاملين .
6-    الالتزام بتطبيق المعايير المنصوص عليها عند الرقابة على اداء العاملين
7-    الابتعاد عن مبدأ التصيد للأخطاء في نتائج أعمال العاملين.
8-    الحرص على تفعيل مبدأ التعزيز بدلاً من مبدأ العقاب فقط