الأحد، 28 يوليو 2013

التداؤبية الادارية

التداؤبية الادارية
يتردد الى مسامعنا بشكل متكرر مصطلح "العمل الدؤوب, وفلان دأب في عمله" فكلمة "دأب" تعني الاستمرار على الشيء بجدية, أي ان العامل عندما يكون دؤوبا في عمله يكون مستمرا وجادا  فيه بما يحقق أفضل النتائج النهائية, ولكن السؤال الهام هنا لو كانت منظمات الأعمال تتكون من اكثر من عامل فيها فهل نتاج اعماله ستتساوى لو عمل كل منهم بمفرده ام لو عملوا مع بعضهم كفريق عمل؟ في ضوء هذا السؤال لا بد من التوضيح بان منظمات الاعمال المتعلمة والتي تعتمد في مضمون ادارتها على مبدأ النظم الادارية تطبق مبدأ التداؤبية والذي يعبر مي مضمونه بأن جميع العاملين في المنظمة هم جزء من نظام متفاعل ديناميكيا مع البيئة الداخلية والبيئة الخارجية, وأن المخرجات الكلية لهذا النظام المتفاعل هي اكبر من مجموع نتاج كل عامل على حدة.    
ولما كان النظام الانتاجي يتكون من مجموعة من العناصر المتشابهة التي تتفاعل مع بعضها البعض سعيا نحو تحقيق هدف مشترك بينها, فان ادارة التفاعل لتلك العناصر هي الأهم من قبل ادارة النظام الانتاجي وذلك سعيا نحو الحصول على أفضل المخرجات الكلية للمنظمة,
فالعاملين في المنظمة هم من أهم المدخلات للنظام الانتاجي, فاذا تمت ادارتهم بشكل جيد فمن الطبيعي ان تكون المخرجات جيدة والعكس صحيح, وعلى ذلك فقد عمد الكثير من اصحاب رؤوس الاموال الى تفعيل استثماراتهم بشكل يضمن لهم تعظيم العائد على الاستثمار, الامر الذي يفرض عليهم اتباع افضل السبل تجاه ذلك التعظيم, مما دفعهم نحو تغيير نظم وسياسات وآليات الانتاج في منظماتهم, وجعلهم يعتمدون على مبدأ التخصص في العمل بحيث يقوم كل عامل من العاملين بإتمام جزء معين من الانتاج ليندمج بعد ذلك مكملا لأجزاء أخرى قام بإتمامها زملائه من العاملين, ليتشارك جميع العاملين في انجاز العمل النهائي, وهذا يؤكد مبدأ الابتعاد عن التفرد في العمل من قبل شخص معين حتى لو أنجز ذاك العمل بإتقان تام, لأنه لن تكون النتائج الكلية في مستوى النتائج التي اعتمدت على مبدأ التعاون والتخصص والتشارك كفريق عمل يكمل بعضه بعضا.

في هذا الاطار استطيع ان أمثل مبدأ التداؤبية بأعضاء جسم الانسان, فلو وجدنا اجمل العيون واجمل الجفون وغير ذلك, لن نشعر بحيويتها وجمالها الا اذا اقترنت بمكونات الجسم الاخرى, ولن نشعر بنتاج عملها لو كانت خارج اطار الجسم, أما اذا تكاملت مع قريناتها من اعضاء الجسم نشعر بجمالها ونتاج اعمالها المتمثلة في السلوك المتكامل للإنسان. واذا تعطل عضو من اعضاء الجسم فمن الطبيعي ان يؤثر على الاعضاء الاخرى وتكون النتائج الكلية للعمل ليست على ما يرام, وهو مبدأ جاء به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".