الاثنين، 25 ديسمبر 2017

التمتين السياسي

التمتين السياسي
قد تتوالد المصطلحات المتنوعة نظراً للحاجة اليها وما يمكن ان يخدم مضمونها في مرحلة معينة، ولكن هناك بعض المصطلحات التي يجب ان نقف امام مضمونها بدقة وتفكر، مثل مصطلح التمتين ، وهو مصطلح ياتي ليدلل على تقوية نقاط القوة  وتجاوز نقاط الضعف ، حيث ان عمليات التاهيل والتدريب والتصحيح لنقاط الضعف قد يستنزف الكثير من الطاقة، ولكن الاعتماد على نقاط القوة للانطلاق نحو تحقيق الاهداف ولو نسبياً يجعل من نقاط الضعف تتناقص امام نجاحات العمل المتحققة .
ونحن في المجتمع الفلسطيني وبحسب تقديري اننا بحاجة ماسة الى ممارسة التمتين السياسي ليحل محل الترقيع او التصحيح السياسي لمنظومة العمل الوطني الممارسة.
فلو بحث السياسيون عن نقاط الجمع والالقاء ونقاط القوة التي تعزز موقفنا في الصراع مع العدو الاسرائيلي ، وتم الابتعاد او تجاوز نقاط الفشل والضعف التي تشوب مسيرتنا التحررية وتعرقل وصولنا الى انجاح مشروعنا الوطني بكافة جوانبه، لوجدنا بان قواسم الالتقاء بين مكونات العمل السياسي والوطني كثيرة ، وان نقاط القوة التي تجمعنا كفلسطينيين كثيرة، ولكن الاحتلال يحرص دوما على التقليل من اهميتها ويمارس مبدأ فرق تسد في اغلب مخططاته تجاه ادارته للصراع معنا كفلسطينيين،
التمتين تعني المتانة تعني القوة تعني التعاضد تعني التعزيز تعني الجمع لا التفريق ، فامام كل هذه المضامين بالتاكيد سيتاح للعمل السياسي اختراقات لجدران التشرذم والتفرق ستتاح فرص الزيادة والتعزيز لقوة موقفنا كفلسطينيين ، وتجعل من اي نجاح يتحقق رافعة ليحل محل الاخفاقات والمواطن السلبيه في مشروعنا الوطني والتي ستتلاشى تدريجياً .
فتمتين جبهتنا الداخلية يجعل من الكل الفلسطيني صخرة تتحطم عليها كل المؤامرات وستكون قاعدة قوية للانطلاق نحو مجابهة المحتلين ذهابا لتحقيق النصر المحتم باذن الله

الجمعة، 22 ديسمبر 2017

الصيانة السياسية

الصيانة السياسية

مع تعدد المراحل التي مرت بها القضية الفلسطينية ومع تغير معطيات الظروف والبيئات، كان لزاما اجراء تحولات جوهرية في طبيعة معطيات وادوات ووسائل الصراع مع العدو الاسرائيلي،
وان الابقاء على نمط او اسلوب سياسي تقليدي ليصار الى اسقاطه على كل المراحل بنفس المكونات حتى لو اختلف الزمان والمكان، فذلك امر عبثي بالمطلق، وهو ما يعتبر قصور او عمى سياسي واضح ، فمن لم يرى تلك التغيرات لن يرى الحاضر ولا المستقبل لطبيعة الصراع القائم.
فمع تراتب العمل السياسي الفلسطيني خلال حقبات زمنية متتالية ، والذي اقترن بممارسات فعلية على الارض سواء اتخذت اجراءات عسكرية او سلمية ، كان لزاماً حدوث تحولات تتناسق مع ذلك التراتب ، وكما هو معلوم فان الثابت في السياسة هو المتغير، فلا يجوز باي حال من الاحوال الثبات سياسياً عند حدود او افكار محدده ، وان الاستمرار فيها يمكن ان يحقق خيبات امل كبيرة تكون آثارها سلبيه على طبيعة الصراع ، ولكن من حين الى اخر فان الحالة السياسية وما يتبعها من متغيرات تحتاج الى عمليات صيانة سواء على المستوى الجوهري او الشكلي ، وهو ما يحقق حالة التناغم مع اي تغيرات حاصله.
فمفهوم الصيانة يعبر عن التحول من وضعية العطب او الخلل الحاصل في محاولة للحصول على وضعية الصواب والتجويد. ولا يخفى على احد بان طبيعة العمل السياسي الرافد في الصراع مع اسرائيل يحتاج الى تطبيق مفهوم الصيانه السياسية بشكل مستمر. وذلك مقابل تعدد الاساليب والطرق التي تتبعها اسرائيل في مواجهة تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني وجعل كل المتغيرات تصب في مصلحتها.
والصيانة السياسية ستكون كفيله بخلق بيئة متجددة مهيئة لنمو الحالة الوطنية الحاضنه للمشروع الوطني الفلسطيني ، وكذلك تجعل من ديمومة وفعالية العمل السياسي مستمراً ومؤثراً تجاه حالة الحداثة والمعاصرة في المنظومة الاحتلالية التي تمارس ضد ابناء شعبنا الفلسطيني .
وان القرارات ونظم العمل التي كانت تصلح في زمن معين قد لا تصلح في زمن آخر وبذلك يترتب اعادة النظر من حين الى آخر مدى مناسبة الاساليب والادوات النضالية بما يتوافق مع المرحلة وتمتد عمليات الصيانة الى ات تصل الى التحولات الفكرية كذلك والمنهجية التي تتبعها قوى العمل الوطني، فإن نظم ومفاهيم ومناعج العمل لا يجوز ان تبقى متكلسة جامدة لا تتحول بتحول وتغير البيئة المحيطة، وانما يجب تصيينها بما يجعلها اجود وانجع في تاثيراتها المتعددة رفداً لحالة الصمود والتحدي أمام العدو.

السبت، 16 ديسمبر 2017

ايديولوجيا الصراع العربي الاسرائيلي

د. محمد عبد اشتيوي
سادت العديد من التكهنات الفلسفيه في تفسير ظاهرة الصراع العربي الاسرائيلي، حيث تعددت اتجاهاتها بحسب طبيعة مصدرها ومدى التأثر بهذا الصراع الذي يمكن ان نعتبره صراع العصر، وبعد انهيار الحكم العثماني في حقبة السلطان عبد الحميد الثاني بدايات القرن العشرين ، حدث التقسيم للعالم العربي والتي اشرفت عليه بريطانيا ودول الغرب، وهو ما احدث تحولاً كبيراً في طبيعة العلاقات الثنائية بين العرب انفسهم وبين الكيان الجديد الذي زرعته بريطانيا في قلب الامة العربية وهو الكيان الاسرائيلي، وقد ارتكز ذلك التحول في طبيعته على تجنب البعد العقيدي والديني الذي كان سائداً والذهاب الى البعد العلماني وفصل الدين عن الدوله، وهو ادراك حقيقي بان العرب اذا ابتعدوا عن دينهم واتجهوا لمناصب حكم الدولة سيتحقق لديهم الاختراق الفكري وتصبح منطلقات حكمهم لبلادهم مرتبطة بمصلحة وجودهم وليس بحفاظهم على دينهم. ولكنهم في المقابل لم يتنازلوا عن فكرهم العقائدي للحظة فتشكلت العديد من المنظمات التبشيريه ، وتمسك اليهود بعقيدتهم التوراتيه التي كانوا وما زالوا ينطلقون في ضوئها عند اي قرار مصيري لدولتهم المزعومة، وهنا تجدر الاشاره الى ان الاسرائيليين ومعهم الامريكان ومن يدعمهم من دول الغرب حددوا طبيعة الصراع عقائدياً ، فخلال مئة عام مضت مارسوا كل ما يستطيعوا لتشويه الدين الاسلامي ورسموا صورة ذهنية لدى اجيالهم بان الاسلام يمثل الارهاب في كافة جوانبه، والمتتبع للتاريخ يجد بان الامريكان بعد ان قادوا العالم بعد الحرب العالمية الثانية حرصوا على مبدأ فرق تسد وكانت اسرائيل ذراعهم الحادفي المنطقة العربية، حيث عملوا معاً على دعم وتشكيل العديد من العصابات الدينية ليأخذوهم الى مربع فكري عقدي متطرف لا يؤمن بالاخر معتمداً على مرتكزات عقديه تبريراً لممارساته الارهابية،وقد نجحوا في ذلك عندما اوجدوا العديد من الصراعات العربية العربيه سواء على مستوى الدولة نفسها او على مستوى الاقليم، وقد تعاطت معهم العديد من الدول العربية التي ارتبط مصير سادتها وحكامها بمدى تعاطيهم مع السياسة الصهيوامريكية في المنطقة بعيداً عن تشكيكهم بتلك السياسات بانها في غير صالحهم، وبعيداً عن سرد مسميات التوجهات العقائدية الدينية التدميرية التي نمت وترعرعت بدعم امريكي اسرائيلي في المنطقة فجدير ان يذكر بان الحس الديني والعقدي لدى اغلب حركات التحرر في المنطقة لم يخبو مطلقاً وكان واضحاً في طبيعة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، ولو نظرنا الى مجموع العقل الثوري الفلسطيني سنجده لم يخرج عن منطلقات الفكر العقدي حول ارتباطنا كفلسطينيين بهذه الارض المقدسة، وذلك مقابل ما يتبناه الكيان الغاصب في طبيعة احتلاله لارضنا من روايات وهرتقات يعتبر منبعها التوراة والمنطلق الديني.

امام ذلك فلا يجوز لنا ان ندفن راسنا في التراب كمسلمين  وعرب وفلسطينيين ونقول بان صراعنا مع اليهود هو صراع سياسي او حتى جغرافي، ولكن يجب ان نكون على يقين بان اسرائيل تعتبر صراعها معنا عقائدي من منطلق ديني بحت، فصراعنا معهم هو صراع وجود وليس صراع حدود، هم لن يكونوا الا على انقاضنا نحن والمتتبع لطبيعة الصراع معهم يتيقن بانهم لن يقبلوا غيرهم على ارضنا ارض فلسطين ومحطات التاريخ دللت على ذلك.

وان تكون طبيعة الصراع دينية هذا لا يعني ان نجانب العمل السياسي ضمن منظومة العمل السياسي والدبلوماسي مع معطيات ومكونات العالم العربي او الدولي، ولكن لا يجب ان ننسى حقيقة الصراع  معهم وبالرجوع الى اصفار توراتهم نجد حقيقة صراعهم معنا ، فجلها تشير الى قتل العرب وتدمير زروعهم وحتى حيواناتهم، اي ان صراعهم معنا صراع وجود متجذر في عقيدتهم.

الأربعاء، 13 ديسمبر 2017

اتحد الهدف واختلفت الوسائل

اتحد الهدف واختلفت الوسائل
انطلاقاً من المفهوم الوطني والسياسي تجاه حالة التشكيل التكويني والبنيوي لمنظومة العمل التحرري الهادف الى التخلص من الاحتلال الاسرائيلي لارضنا الفلسطينية، فان العمل ضمن المنظومة الايكولوجية وما تحواه من تراكيب متعدده ومتنوعة يجعل من فصائل  سيترتب عليه تحديد استراتيجيات ووسائل وادوات العمل  التنفيذي على الارض ، وهنا قد يتجه كل فصيل اتجاه غير متطابق مع اتجاهات الفصائل الاخرى معتقداً بان التحرير حتماً سيتحقق من بوابته الفكرية والسلوكية،وغيره من الفصائل كذلك. 
وبالرغم من ان جميع منطلقات الفصائل والحركات الفلسطينية كانت موحدة من حيث الهدف وهو تحرير ارض فلسطين من الاحتلال الاسرائيلي ، وان جميعها حريص على رسم لوحة فنية وطنية مشرقة تعبر عن حالة النصر والتمكين الوطني بكافة اركانه وصوره. وان التعددية في مكونات اللوحة  الفنية يعطيها جمالاً اكثر ، والمهم في ذلك فن التركيب لتلك المكونات، وان التنسيق المشترك بين فصائل العمل الوطني والاسلامي  باعتبارهم المكون الرئيس لتلك اللوحة الوطنية يجعلها اكثر قبولاً وابهج جمالاً ، فتعدد الوسائل لا يضيع الهدف، فالوان العلم تتعدد ولكنها تجمع في حناياها وطن. 
فالوطنية لا تعني التفرد بل تعني الجمع والتحشيد، الوطنية لا تعني الاقصاء للاخر ولكنها تعني التكامل والتجنيد. 
فطالما اتحد الهدف والمصير لكل فصائل العمل الوطني والاسلامي .فلا ضير ان تتعدد الوسائل والتكتيكات طالما ستكون حتما جزءاً من تشكيل اللوحة الفنية الوطنية التحررية لشعبنا الفلسطيني

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

فقـــــــــر الــــــــــــدم الإداري

فقـــــــــر الــــــــــــدم الإداري
يعتبر العنصر البشري هو العنصر الأهم  في مدخلات وعناصر الإنتاج ، إذ يعتبر المرتكز الرئيس في العملية الإدارية من حيث تحويل المدخلات إلى مخرجات ، وعلى ذلك فان العنصر البشري يمثل الدم الذي يجري في عروق المنظمات ، فلولا الدم الذي يجري في عروق الكائن الحي ما تحققت الحياة لذلك الكائن ، وان وجود العنصر البشري في المنظمة يمثل ذلك الدم الذي يجري في عروق المنظمة ، فلولاه ما تحققت الحياة لتلك المنظمة، فلو تخيلنا أي منظمة من المنظمات كمستشفى مثلا أو مدرسة أو جامعة وهي خالية  تماماً من العنصر البشري سواء من الموظفين أو من متلقي الخمة فنجد تلك المنظمة كالجسد بدون روح خالية من عنصر الحياة ، فما فائدة المباني وهي خالية من العنصر البشري؟ من المؤكد لا فائدة منها ، من هنا يتبين أهمية العنصر البشري كعنصر رئيس من عناصر العملية الانتاجية في المنظمات ، ولكن لو لم يتوفر العنصر البشري بالكم والكيف المطلوب ، هل ستنجز مهمات المنظمة بالشكل السليم ؟ أم أن خللا سيحدث نتيجة عدم توفير الإمكانات والقدرات اللازمة لذلك؟ وهنا نود التركيز على مصطلح الفقر في وجود العنصر البشري وامكاناته التي يمتلكها والذي اعتبرناه الدم للمنظمة٠

علما بان الدم يتكون من سائل يسمى البلازما، والبلازما تتكون من ثلاث عناصر أساسية هي:-
 - كرات الدم الحمراء:هي المسؤولة  عن نقل الأكسجين من الرئتين بواسطة تدفق الدم إلى الدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى والأنسجة في الجسم،
-  كرات الدم البيضاء: وهي المسؤولة عن محاربة العدوى السلبية للجسم
 - الصفائح الدموية : وهي التي تساعد على تخثر الدم بعد الصابة بأي جرح بالجسم
في ضوء ذلك يتبين أن فقر الدم يتمثل في نقص كرات الدم الحمراء المسؤولة عن حيوية الجسم عبر نقل الأكسجين من الرئتين إلى أعضاء الجسم. ضمن هذا المفهوم ومن باب الإسقاط العلمي ، فلما اعتبرنا أن العنصر البشري هو الدم الذي يجري في عروق المنظمة، فان كرات الدم الحمراء تمثل جانب مهم من القدرات التي يجب أن يمتلكها العنصر البشري نفسه ،

إذن فقر الدم الإداري يتمثل في نقطتين أساسيتين هما :-
-  أولا: النقص في العنصر البشري نفسه وهو الكيان الحاضن للعديد من الإمكانات والقدرات والعناصر المتنوعة 
-  ثانيا: النقص في الإمكانات والقدرات التي يمتلكها العنصر البشري
 وعليه فان فقر الدم الإداري يحدث حالة من الهذيان والدوار والترنح التنظيمي حيث يفقد المنظمة حيويتها وقدرتها على إتمام مهامها بالشكل المخطط اليه والمتوقع , والأهم احداث التغير في الحالة الادراكية للمنظمة تجاه الأشياء، مما يجعلها متصدعة لا تقوى على مجاراة قريناتها من المنظمات الحيوية ويمنعها من مناغمة أي تطورات قد تحدث حولها مما يفرض حالة من التغير في معطيات ومتغيرات الواقع التنظيمي للمنظمة.
وتعتبر هذه الحالة حالة مرضية تستدعي التدخل العلاجي والعمل على تدعيم حالة النقص أو الفقر الاداري سواء في عدد العاملين المطلوبين للعمل أو في طبيعة ونوعية القدرات التي يمتلكها هؤلاء العاملين باتجاه اعادة عامل الحيوية والتوازن للمنظمة مما يجعلها قادرة على اتمام مهامها على أكمل وجه.