الأحد، 4 مارس 2018

المصالحة والاستدراج للهاوية

د. محمد عبد اشتيوي
من السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة وفي ضوء معطيات المرحلة سواء التي تتعلق باتمام مجريات المصالحة الوطنية او التي تحدث في المنطقة العربيه ان تتجمع كل القوى المعادية لنا كفلسطينيين لتحشد طاقاتها لتقف سداً منيعاً امام تحقيق كامل للمصالحة وانما يهدف كل جهدها الى ابقاء حالة الانقسام تدور في رحى المأمول لشعب مغلوب على امره وان استمرار المماطلة في تحقيق بنود المصالحة من قبل حركة فتح او حركة حماس حتى بالتاكيد يفقدها قيمتها المضافة في نفوس وعقول الجماهير وان ما يدور الان لا يتعدى عملية ادرلة للمصالحة اي التحول من عمليات التنفيذ الحقيقيه لاتمام مراسمها كاملة في ضوء خطه زمنية محددة وواضحة الى ادارة عملياتها ومكوناتها بمنطق الادارة المعتمدة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابه والتقييم لكل خطوة يمكن تنفيذها والاصل ان هذا كله مرتبط بهدف او بعدة اهداف محددة وذلك لن يكون بالتأكيد في رمشة عين ولكنه يحتاج الى وقت طويل وهذا الوقت سيكون سيفاً يقطع رقاب المرضى والجوعى والمعوزين والعاطلين عن العمل ويزجهم في غياهب المجهول منتظرين رفع العقوبات التي بات البعض يتباهى ويجاهر مشرئب العنق بان العقوبات لن ترفع الا بكذا وكذا وما ان وصلنا الى هذا الحد الا ان نكون على شفى هاوية من التيه السياسي والامني والاجتماعي والاقتصادي وهو ما يمكن تفسيره ان غزة تستدرج الى حالة من الضغط التي يجعلها تركع لكل ما يتوق اليه اعداء قضيتنا وعلى راسهم اسرائيل .

اما وان تصل غزة الى مرحلة التيه المشار اليها يعني انها دخلت في تراجع عملي عن المصالحة وحينها لن تتحمل حماس مسئولية ادارة قطاع غزة كما كانت سابقاً لان حماس تعي جيداً ان مقومات صمودها في ادارة القطاع اصبحت مقوضة وان المرحله اختلفت في معطياتها بشكل كبير وهي فعليا تنصلت بذكاء سياسي ملحوظ من عبء كبير في ادارة القطاع وامام ذلك سيستمر منوال التلكؤات والانسحاب التدريجي من قبل حركة فتح في سيطرتها على قطاع غزة تحت العديد من الذرائع كان اولها التمكين المرتبط ببسط السيطره .

وحينها سيكون مصير قطاع غزة سيصبح مجهولاً ستلتهمه تجاذبات القوى المتعددة ويصبح كالغابة القوي فيه ياكل الضعيف حيث ستتلاشى حدود السلطات ومعالم القانون الحاكم وحتى الجهة الحاكمة مما سيحقق ارضية خصبه لدى الجمهور الغزي بالقبول باي حل يمكن ان يطرح عليه خروجاً من حالة الفلتان التي يعيشها وذلك حفاظا على حياة وممتلكات الناس التي باتت عرضة للتعدي عليها بكافة الاشكال الصارخة سواء تمثلت في الهجرة الفردية او حتى الجماعية او القبول باقامة دويلة في غزة مقرونه ببعض المغريات مثل التوسع الجغرافي او من بعض الامتيازات السياديه مثل الميناء والمطار وربما حل قضية اللاجئين بصورة مرضية والاهم في ذلك هو تحقيق حاله الفصل التام ديمغرافياً بين الضفة الغربية وقطاع غزة حيث ستكون الضفه حينها لقمة سائغة لاسزائيل تمزقها كيف تشاء وتديرها بالطريقه التي تريد سواء بزجها في حضن الاردن او من خلال تحويلها الى محليات تخضع لضباط الادارة المدنية الاسرائيلية .

وتبقى خيمة مصر تظلل على قطاع غزة باعتبارها بعداً امنياً يغز خاصرة مصر عند اي اهتزاز لها حيث ستتحقق حالة انفتاح غير مسبوقة وعلاقة استراتيجية تحكمها المصلحة الاقليمية في المنطقة .

باعتار ان العديد من اواصر الصلة تحكم العلاقة بين قطاع غزة ومصر التي تعتبرها غزة وفلسطين كلها بانها قلب العروبة النابض والسد المنيع لشعبنا وعدالة قضيته ، وأنها ستيقى صمام الأمان لشعبنا الفلسطيني.

الشعب يريد !!!!!!!!

د. محمد عبد اشتيوي
لما كانت الجماهير هي الاطار الحاضن لاي قوة سلطوية تمارسها مؤسسات الدولة عند بنائها بالشكل الديمقراطي، فمن الحري بمؤسسات الدولة ان لا تتجاوز هذا الاطار الحاضن وتستخف فيه لدرجة ان ممارساتها تنحصر في ذاتها لا تأبه بغيرها.

وهنا يجدر التنويه الى ان ما تمارسة السلطة ومعها بعض الاحزاب الاخري من تجاهل لقيمة واعتبار الجماهير قد لا يستمر طويلا فغضب الجماهير قد يأتي على الاخضر واليابس ويوجد حالة من التنكر لاي جهة من شانها اذلاله ، وما يدور في هذه المرحلة لا يتعدى ان يكون نظرة ازدراء وتحقير من قبل المتنفذين في القرار  لهذا الشعب المغلوب على امره . ولكن عليهم ان يعلموا ان الجماهير لن تنتظرهم طويلا وان الرهان على نجاحهم من خلال ابقاء العقوبات والضغط المتتالي على الجماهير لن يولد سوى الكراهية والحقد. وهذا ما يريده الاسرائيليين عمليًا. وان الشرارة الجماهيرية قد تحدث في اي لحظة وعندها سيهدم المعبد على ما فيه ويكون الخاسر الاول هي فلسطين والرابح الحقيقي هي اسرائل. ولكن ومن باب لفت انتباه المتغطرسين ومن يدفنون رؤوسهم في التراب مكابرين على انهم الاقوى ، يجدر ان تخرج الجماهير بحشود وافرة لتصل رسالتهم ورايهم للمتحاورين والمساومين على كينونتهم . فلماذا لا يتم التحشيد لمليونية هادرة ليصل صوتها الى عنان السماء وهي تطالب بحقها في الحياه تطالب بانسانيتها تطالب بحقوقها المهدورة المادية منها والمعنوية، وعلى العالم ان يسمع صوت المليونية بكافة محافله بمؤسساته المتعدده والمتنوعه فقد يمارس الضغط على المتنفذين وان تسقط شرعيتهم لتلعوا شرعية الجماهير

الانتفاضة ... !!!!

د . محمد عبد اشتيوي
الانتفاضة كلمة سطرتها كتب التاريخ بمضمون لم يسبق له ان كان فيها، الانتفاضة مصطلح اعتمدته كل لغات العالم كما هو دون تحريف او اي ترجمه يمكن ان تحرفها عن مضمونها الحقيقي، الانتفاضة حروف انبثقت من حالة القهر والظلم والتيه والضياع لمعالم قضيتنا الفلسطينية . الانتفاضه بمفهوم جغرافيا اللغة كلمة تشكلت لتعبر عن قدرة كبيرة لشعب رزخ تحت الاحتلال سنوات طويلة ترهبه كل ادوات القهر والتهميش والتيه ودحره باتجاه انسلاخه عن دينه ووطنه، ليقوم كالمارد بعد ان اعتقد الاحتلال بقزميته لينفض كثبان الظلم عن صدره ويترجل امام اعتى قوة في المنطقة العربيه امام الجيش الذي لا يقهر جيش اسرائيل على حد تعبير الاحتلال ليثبت للعالم بان معادلة الارادة ونيل الحقوق تتقزم امامها خلايا العقل التقليدي ، فالانتفاضة كسرت كل القواعد المعرفية والفكرية التي بناها العقل الترفي، فقلبت كل المعايير والمعادلات واثبتت بان الكف يقابل المخرز عندما تتحقق الارادة الوطنيه.
فكانت حادثة دهس المقطورة لعدد من العمال الفلسطينيين بمثابة الشرارة التي اشعلت الانتفاضة بمحركها النفاث، والتي لم تأت جذافاً وانما جاءت لتترجم نتاج مسيرة طويلة من النضال الوطني للحركات والفصائل الفلسطينية منذ سنوات عديدة خلت ، والتي زرعت جذوة النضال في نفوس وعقول ابناء شعبنا الفلسطيني عبر العديد من الوسائل التعبوية والاقناعية. والتي تمثلت في رسم معالم النضال الوطني عبر العمليات العسكرية من جانب سواء كانت في داخل حدود فلسطين المحتله او خارجها ومن جانب اخر عبر ايجاد ثقافة وطنية تحررية تمثلت بالعديد من الاشكال كالفنون والكتابات والدعم المباشر وغير المباشر لصمود ابناء شعبنا الفلسطيني على ارضه، وكانت فصائل منظمة التحرير هي من تقود العمل الوطني والنضالي على الساحة الفلسطينية، علماً بان بعض الفصائل الفلسطينية كانت في حينها طور التكوين وتشكيل المعالم، مثل الحركات الاسلامية كحركة الجهاد الاسلامي وحركة حماس ، حيث تبنت حينها حركة الجهاد الاسلامي الجمع بين الاطار الفكري الوطني والاسلامي معاً فتمثل حضورها وطنياً وعسكراً قبيل الانتفاضة بقليل اي في عام 1986 حيث تبنت العديد من عمليات الطعن للجنود الاسرائيليين سيما في قطاع غزة وكان على رأسهم المجاهد خالد الجعيدي من مدينة رفح، ومنذ بداية الثمانينات بدأ فعلياً امتداد الفكر الاسلامي الذي تمثل في انشاء المجمع الاسلامي الذي كان يقوده الشهيد المرحوم احمد ياسين ، وفي المقابل تشكل ما يسمى بالمؤسسة الاسلامية وكان على راسها عدد من اعضاء الجهاد الاسلامي مثل الشيخ عبد العزيز عودة وعبدالله الشامي ومحمد ابو سمرة ومن خلفهم الشهيد فتحي الشقاقي. حيث بدأ الطرفان يعملان في خطين مختلفين حيث كانت المؤسسة بمثابة نواة الانطلاق لحركة الجهاد الاسلامي التي ذهبت الى موضوع الجهاد والمقاومة وكان المجمع الاسلامي هو نواة حركة حماس التي ذهبت نحو التعبئة والارشاد والاعداد حينها. 
وعند حادثة المقطورة في 8/12/1987 تقابلت اطياف العمل الوطني والاسلامي لتخرج بانتفاضه جماهيرية عارمة هزت اركان كيان المحتل وقضت مضجعه فكانت الحركة الوطنية هي اول من قاد ونظم ودعم العمل الوطني الجماهيري ومن ثم تجانبت معه القوى الاسلامية مما شكل جبهة وطنية صلبه تكسرت وانهارت امامها كل مخططات المحتل الاسرائلي فتغيرت كل معادلات المنطقة وموازينها وكذلك تغيرت مفاهيم العمل النضالي والوطني لدى كل ابناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وحينها استجاب العالم وتفاعل مع معطيات الانتفاضة وذلك بتغيير الصورة الذهنية لديهم عن كينونة الفلسطينيين ، وهو ما هيأ الى قاعدة دولية حقيقية اصبحت تطالب بحقوق الشعب الفلسطيني على ارضه سياسيا وجغرافيا واقتصاديا وغير ذلك، اما في الجبهة المقابلة والتي تضررت من حدوث الانتفاضة كاسرائيل واعوانها وعلى راسهم الامريكان باتوا حيارى في كيفية اخماد الانتفاضة بكل الاشكال العسكرية وغيرها، ولما كان العالم بغالبيته يصطف مع الفلسطينيين متعاطفاً معهم التف الامريكان ومن يواليهم على اخماد الانتفاضة عبر تمرير مشروع اوسلو واقامة السلطة الوطنية الفلسطينية في بداية التسعينات ، حيث تم سحب البساط الوطني المفعم بالمقاومة من تحت اقدام القوى الفلسطينية المقاومة ليحدث تحول كبير في منظومة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي المعتمد على عمليات التفاوض والدغدغة الوطنية المنبثقة من اتفاقية مترهلة ضعيفة لا تفي بحقوق شعبنا الفلسطيني ،ولكن وكما اشار حينها الشهيد ابو عمار رحمه الله بانه ما كان افضل مما كان ان يتحقق سيما وان كثير من معطيات الدعم والصمود تغيرت في تلك الفترة خاصة منظومة الدعم العربي. 
فكانت اوسلو وذهبت الانتفاضه

ايديولوجيا الصراع العربي الاسرائيلي

د. محمد عبد اشتيوي
سادت العديد من التكهنات الفلسفيه في تفسير ظاهرة الصراع العربي الاسرائيلي، حيث تعددت اتجاهاتها بحسب طبيعة مصدرها ومدى التأثر بهذا الصراع الذي يمكن ان نعتبره صراع العصر، وبعد انهيار الحكم العثماني في حقبة السلطان عبد الحميد الثاني بدايات القرن العشرين، حدث التقسيم للعالم العربي والتي اشرفت عليه بريطانيا ودول الغرب، وهو ما احدث تحولاً كبيراً في طبيعة العلاقات الثنائية بين العرب انفسهم وبين الكيان الجديد الذي زرعته بريطانيا في قلب الامة العربية وهو الكيان الإسرائيلي.

وقد ارتكز ذلك التحول في طبيعته على تجنب البعد العقيدي والديني الذي كان سائداً والذهاب الى البعد العلماني وفصل الدين عن الدوله، وهو ادراك حقيقي بان العرب اذا ابتعدوا عن دينهم واتجهوا لمناصب حكم الدولة سيتحقق لديهم الاختراق الفكري وتصبح منطلقات حكمهم لبلادهم مرتبطة بمصلحة وجودهم وليس بحفاظهم على دينهم.

ولكنهم في المقابل لم يتنازلوا عن فكرهم العقائدي للحظة فتشكلت العديد من المنظمات التبشيرية، وتمسك اليهود بعقيدتهم التوراتية التي كانوا وما زالوا ينطلقون في ضوئها عند اي قرار مصيري لدولتهم المزعومة، وهنا تجدر الاشارة الى ان الاسرائيليين ومعهم الامريكان ومن يدعمهم من دول الغرب حددوا طبيعة الصراع عقائدياً، فخلال مئة عام مضت مارسوا كل ما يستطيعوا لتشويه الدين الاسلامي ورسموا صورة ذهنية لدى اجيالهم بأن الاسلام يمثل الارهاب في كافة جوانبه.

والمتتبع للتاريخ يجد أن الامريكان بعد ان قادوا العالم بعد الحرب العالمية الثانية حرصوا على مبدأ فرق تسد وكانت اسرائيل ذراعهم الحادفي المنطقة العربية، حيث عملوا معاً على دعم وتشكيل العديد من العصابات الدينية ليأخذوهم الى مربع فكري عقدي متطرف لا يؤمن بالأخر معتمداً على مرتكزات عقديه تبريراً لممارساته الإرهابية.

وقد نجحوا في ذلك عندما اوجدوا العديد من الصراعات العربية العربية سواء على مستوى الدولة نفسها او على مستوى الاقليم، وقد تعاطت معهم العديد من الدول العربية التي ارتبط مصير سادتها وحكامها بمدى تعاطيهم مع السياسة الصهيوامريكية في المنطقة بعيداً عن تشكيكهم بتلك السياسات بانها في غير صالحهم.

وبعيداً عن سرد مسميات التوجهات العقائدية الدينية التدميرية التي نمت وترعرعت بدعم امريكي اسرائيلي في المنطقة فجدير ان يذكر بان الحس الديني والعقدي لدى اغلب حركات التحرر في المنطقة لم يخبو مطلقاً وكان واضحاً في طبيعة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، ولو نظرنا الى مجموع العقل الثوري الفلسطيني سنجده لم يخرج عن منطلقات الفكر العقدي حول ارتباطنا كفلسطينيين بهذه الارض المقدسة، وذلك مقابل ما يتبناه الكيان الغاصب في طبيعة احتلاله لارضنا من روايات وهرتقات يعتبر منبعها التوراة والمنطلق الديني.

امام ذلك فلا يجوز لنا ان ندفن راسنا في التراب كمسلمين  وعرب وفلسطينيين ونقول بان صراعنا مع اليهود هو صراع سياسي او حتى جغرافي، ولكن يجب ان نكون على يقين بان اسرائيل تعتبر صراعها معنا عقائدي من منطلق ديني بحت، فصراعنا معهم هو صراع وجود وليس صراع حدود، هم لن يكونوا الا على انقاضنا نحن والمتتبع لطبيعة الصراع معهم يتيقن بانهم لن يقبلوا غيرهم على ارضنا ارض فلسطين ومحطات التاريخ دللت على ذلك.

وان تكون طبيعة الصراع دينية هذا لا يعني ان نجانب العمل السياسي ضمن منظومة العمل السياسي والدبلوماسي مع معطيات ومكونات العالم العربي او الدولي، ولكن لا يجب ان ننسى حقيقة الصراع معهم وبالرجوع الى اصفار توراتهم نجد حقيقة صراعهم معنا، فجلها تشير الى قتل العرب وتدمير زروعهم وحتى حيواناتهم، اي ان صراعهم معنا صراع وجود متجذر في عقيدتهم.

التمتين السياسي

د. محمد عبد اشتيوي
قد تتوالد المصطلحات المتنوعة نظرًا للحاجة اليها وما يمكن ان يخدم مضمونها في مرحلة معينة، ولكن هناك بعض المصطلحات التي يجب ان نقف امام مضمونها بدقة وتفكر، مثل مصطلح التمتين، وهو مصطلح ياتي ليدلل على تقوية نقاط القوة وتجاوز نقاط الضعف، حيث ان عمليات التاهيل والتدريب والتصحيح لنقاط الضعف قد يستنزف الكثير من الطاقة، ولكن الاعتماد على نقاط القوة للانطلاق نحو تحقيق الاهداف ولو نسبياً يجعل من نقاط الضعف تتناقص امام نجاحات العمل المتحققة.

ونحن في المجتمع الفلسطيني وبحسب تقديري اننا بحاجة ماسة الى ممارسة التمتين السياسي ليحل محل الترقيع او التصحيح السياسي لمنظومة العمل الوطني الممارسة.

فلو بحث السياسيون عن نقاط الجمع والالقاء ونقاط القوة التي تعزز موقفنا في الصراع مع العدو الاسرائيلي، وتم الابتعاد او تجاوز نقاط الفشل والضعف التي تشوب مسيرتنا التحررية وتعرقل وصولنا الى انجاح مشروعنا الوطني بكافة جوانبه، لوجدنا بان قواسم الالتقاء بين مكونات العمل السياسي والوطني كثيرة، وان نقاط القوة التي تجمعنا كفلسطينيين كثيرة، ولكن الاحتلال يحرص دوما على التقليل من اهميتها ويمارس مبدأ فرق تسد في اغلب مخططاته تجاه ادارته للصراع معنا كفلسطينيين،

التمتين تعني المتانة تعني القوة تعني التعاضد تعني التعزيز تعني الجمع لا التفريق، فامام كل هذه المضامين بالتاكيد سيتاح للعمل السياسي اختراقات لجدران التشرذم والتفرق ستتاح فرص الزيادة والتعزيز لقوة موقفنا كفلسطينيين ، وتجعل من اي نجاح يتحقق رافعة ليحل محل الاخفاقات والمواطن السلبيه في مشروعنا الوطني والتي ستتلاشى تدريجيًا.

فتمتين جبهتنا الداخلية يجعل من الكل الفلسطيني صخرة تتحطم عليها كل المؤامرات وستكون قاعدة قوية للانطلاق نحو مجابهة المحتلين ذهابا لتحقيق النصر المحتم باذن الله.

تبريخ غزة

د . محمد عبد شتيوي
تحتدم الضغوط على قطاع غزة من جهات متعددة، فالجميع ينظر الى غزة نظرة ذات أهمية تختلف عن مثيلاتها من بقاع الوطن وجغرافيته، فالاحتلال الاسرائيلي يعتبر غزة هاجسه الذي لاينتهي ، وامريكا والدول العظمى تنظر الى غزة بعين الخطورة وانها نقطة تحول مهمة في طبيعة المنطقة وطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي ، وحتى دول الإقليم تنظر الى غزة على انها بؤرة السلام والحرب، فهل غزة تشكل كل تلك الهواجس والتخوفات والتحرزات لاي خطوة او قرار يمكن ان يتخذ من أي جهة حولها؟ 
في اطار المضمون الاستراتيجي الذي تحمله قوى الصراع في المنطقة وغيرها ، نجد غزة تشكل نقطة تحول مركزية فعليه في كثير من الاتجاهات سواء على مستوى مصير القضية الفلسطينية او على مستوى استقرار دول الإقليم المحيطة، وبالمتابعة الى دراماتيكا التحولات الفكرية السياسية والتي فكرت بتغيير معالم الخارطة الديمغرافية والسياسية .نجد بان غزة تتحول الى بوتقة انصهار لاغلب تلك الأفكار والمخططات ، وان غزة عندما تقول كلمتها المؤثرة رغم ضعف إمكاناتها تجعل من العالم كله يقف شاخصاً يتفكر في تفاصيل هذه البقعة الصغيرة من الأرض الكبيرة في كينونتها الضمنية. 
وان حالة الحصار المفروض على غزة لم تأت عبثاً وانما جاءت لتكون حلقة في سلسلة الضغوطات التي تهدف الى تبريخ غزة فكان الانقسام وكان اغلاق المعابر وكانت الكهرباء والماء والدواء والبطاله والفقر وانتشار الجريمة والمخدرات وحالات النصب والاحتيال وحالات الفلتان الأخلاقي والاجتماعي والتحلل من الذات والذهاب نحو المجهول ، كل ذلك وغيره لم يأت عبثاً وانما جاء ليجعل من غزة جريحة تستصرخ هواة الطريق ليفعلوا ما يشاؤا لتنتشل أنفاسها من بين زحام الضغوطات والمشاكل التي تغرق بها. 
فتبريخ غزة هو الهدف الرئيس لكل القوى المقيته التي تبحث عن مصالحها والتي لن تتحقق الا بتقزيم تأثير أي تفاعلات من شانها معاضدة مكونات الوطن الجغرافيه الأخرى.
ولقد سجل التاريخ ان غزة ما تخلت في لحظة عن ان تكون الرصاصة الأولى في صدرها دفاعاً عن أي شبر او أي مقاتل او أي كرامة مست من الأعداء، فعلى الدوام كانت غزة رافدة للعمل الوطني بكل مكوناته وكانت غزة صاحبة الكلمة والقرار في كثير من المواضع التي تحافظ على مشروعنا الوطني الفلسطيني، 
فحالات الضغط المتنوعة لن تبرخ غزة مطلقاً لان غزة اذا برخت سيتطاول عليها صبية المرحلة وستنكسر شوكة فلسطين فغزة هي الشوكة التي تغز الأعداء على مر السنين،فلا تبرخو غزة،فلا تبرخو غزة.

الجريمة في المجتمع الغزي

د. محمد اشتيوي
لم تتحقق الجريمة كممارسة غير منضبطة في المجتمع الغزي من فراغ، وانما جاءت تتويجاً لجهود بذلت منذ زمن وبشكل موجه نحو تفيكي المجتمع الغزي وانحدار مستوى القيم الدينية والعرفية الحاكمة للسلوك ، وقد استخدمت العديد من الأدوات والأساليب والطرق في سبيل تحقيق ذلك، وكان الهدف الرئيس منها هدم مقومات وتماسك المجتمع والتي ستئول به الى غياهب التيه واسقاط كل المعايير التي يمكن ان تجعله ان يتقدم قيد انمله باتجاه تحرير ارضه وتحديد مصيره، 
فكان الحصار الإسرائيلي والذي تعددت اثاره في كافة الاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها والتي تمثلت في ممارسات سلوكيه لافراد الشعب تتوجت في وجود الانقسام والشرذمة للكل الفلسطيني ، وقد نجح الاحتلال فعلا ان يجذر مفهوم الانقسام في نفوس أبناء شعبنا الفلسطيني والذي وضع قطاع غزة في دائرة الاستهداف بعد ان سيطرت حركة حماس عليها واعتبار ان السلطة الشرعية دحت بالقوة فباتت تتفنن في وضع الخطط والأساليب التي تساعدها في إعادة اللحمة للكل الفلسطيني ، ولكن الاحتلال سعى وما زال الى عزل قطاع غزة الذي يعتبره شوكة المقاومة ومنبت المقاومة والقوة التي تناوئه على مدار احتلاله للأرض الفلسطينية، وذلك امام سيطرته شبه الكامله على الضفة الغربيه والتحكم فيها ميف يشاء، 
وامام عدم قدرة العدو على كسر شوكة غزة عسكرياً حيث مارس مجموعه من الحروب عليه في مدة قصيرة ولم يحقق أهدافه التي أراد ،فقد عمد الاحتلال ان يهدم المجتمع الغزي بكافة السبل والهدف ان يكون مجتمعنا الفلسطيني ضعيف البنية معلهل التكوين فيصار الى تمرير اهداف الاحتلال كيف ومتى شاء. 
ففكر في أسلوب مغاير الى القوة والغطرسة فذهب باتجاه التسلل الى عقول ووجدان أبناء مجتمعنا الغزي فبدأ باطباق الحصار على غزة وتقنينه بما يسمح ان لا يضعه امام أي اتهام دولي بقتل جماعي للقطاع، فاوقف العماله وزاد من نسبة البطاله وقلص نسبة الكهرباء كاحد مقومات الإنتاج وسرق المياه الجوفيه النقية فاصبح ما يقارب 95‎%‎ من مياه قطاع غزة غير صالحة للشرب وبحسب تقارير هيئات الأمم المتحدة فقطاع غزة خلال أعوام قليله قادمة سيصبح غير صالح للحياة الآدميه، ومن جانب اخر بث المخدرات بين صفوف شبابنا وفتح امامهم كافة الوسائل التي تجعلهم منحرفين دينياً واخلاقياً واجتماعياً ، فتفشى الفقر وقلة الدخل للاسرة وزادت اعداد المدمنين، وزادت السرقات وارتكاب المخالفات القانونية والدينية والعرفية ، واما فيروس التخريب المجتمعي الذي يبثه الاحتلال بين جنبات مكونات مجتمعنا الفلسطيني عبر التسهيلات التي اوجدها في وسائل الاتصال خاصة ما يعرف بالعالم الافتراضي الذي اصبح مصدراً للمعرفة والتربية للأجيال الجديدة ، فتحلل العديد من أبناء مجتمعنا من ضوابط الدين والأخلاق والأعراف المجتمعية وذهب باتجاه ما يخرجه من واقع الفقر والتيه المجتمعي الذي يعيشه فحدث التفكك الاسري وحدث التفكك المجتمعي وحدث التفكك الوطني ، وهو ما يتساوق مع اهداف الاحتلال والمتربصين بمجتمعنا الغزي .
اما اذا تطرقنا لاسباب الوصول الى هذه الحالة فيمكن ان نوجزها بالتالي
- غياب المثل والضوابط السلوكيه على مستوى منهجي والذي يسهم بالتكيد في بناء الشخصية السويه
- انطواء الثقافة الوطنية لتكون مجتزأه بحسب كل لون من الوان فصائل العمل الوطني الفلسطيني 
- فقدان الثقة بالمنظومة التربوية وحتى الدينية التي يمكنها صناعة كيان الشخصية الوطنية القادرة على طلب حقوقها
- فقدان المقومات الاقتصادية التي يمكن ان تسهم في العزوف عن ممارسة الجريمة 
- غياب المسئولية الوطنية تجاه طبيعة تشكيل الفكر الوطني والتربوي لدي الأجيال 
- التفكك الاسري الحاصل نتيجة متغيرات متعدده تداخلت لتشكل وعي فردي جديد لدى الابناء
فالجريمة هي نتاج مقومات متداخلة يمكن ان تنشأ شخصية الفرد عليها ، فالبيئة بكل معوناتها الملموسة وغير الملموسة لها دور كبير ورئيس في تشكيل الحالة السلوكية عند أبناء المجتمع ، فمستوى الجريمة يمكن ان يزيد او او ينقص مقابل تلك المقومات ومستوى التعاطي معها.

مجلس الإنقاذ الوطني

د. محمد عبد شتيوي
امام تعددية الازمات التي يمر بها قطاع غزه بشكل خاص والقضية الفلسطينية بشكل عام ، وامام المؤامرات الدولية والإقليمية التي تحاك ضد القضية الفلسطينية والتي تهدف لانهائها على قاعدة تحقيق امن دولة إسرائيل، وفي ضوء الظلم الذي يخيم على على كل تفاصيل حياة الفلسطينيين، تعالت العديد من المبادرات والتوجهات والسيناريوهات المطلوب تنفيذها للخروج من عنق الزجاجه ولحل تلك الازمات القائمة وكان مؤخراً المناداه بتشكيل هيئة انقاذ وطني او تيار انقاذ وطني او غير ذلك، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل لاي هيئه او أي جسم امكانيه الفعل بعيداً عن مرجعية تساندها وتحمي قرارها؟ وهل سيقبل الشعب أي شخص يمكن ان يمتطي موجة الإنقاذ ليجعل من نفسه قائداً يصول ويجول في مقدرات شعبنا؟ وهل فصائل العمل الوطني ستتقبل اجسام جديدة طارئه تحتل مكانتها السياسية لتشكل حالة وعي جديدة لابناء شعبنا ؟ الكثير الكثير من التساؤلات تفرض نفسها امام ما يطرح من مبادرات، ولكن لو تعاملنا ابجدياً منطلقين من مفاهيم العمل الوطني والسياسي نجد بان ثمة مقدرات وطنية واجسام سياسية يمكنها ان تشكل مجلس او هيئة انقاذ فعلي للشعب الفلسطيني ، فبعيداً عن حالة الانقسام الحاصله بين الضفة الغربية وقطاع غزة ، فلو ذهبنا باتجاه الجسم الوطني الأهم في التكوين السياسي وهو المجلس التشريعي وتم العمل على تفعيل كل مكوناته ودوافعه نحو خدمة أبناء شعبنا الفلسطيني ، باعتبار ان أعضاء المجلس التشريعي لن يكون عليهم خلافاً جماهيرياً بل هم خيار الشعب وجاؤوا لينوبوا عن الشعب في المطالبه بحقوقه ومتطلباته المتنوعه ، وامام عجز الحكومة في توفير ادنى متطلبات العيش لابناء شعبنا وتحديداً في قطاع غزة لماذا لا يتم جمع كل أعضاء المجلس التشريعي ليشكلوا هيئة انقاذ وطنية على قاعدة الشرعية الشعبية لتقوم بتمثيل الشعب امام كافة المحافل الرسمية وغير الرسمية وتطالب بحقوقه وتوفر متطلبات عيشه، وذلك سيسهل على أي طرف خارجي للتعامل معهم سواء بما يتعلق بالمساعدات او أي اتفاقات ممكنه تخدم أبناء شعبنا، على ان يذهب مجلس او هيئة الإنقاذ نحو تحشيد كافة الطاقات والإمكانات الشعبية لتساعد وتساهم في تخطي هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية ، وان يكون لهذه الهيئه التاثير الكبير على قوى المقاًومة سيما العاملة في قطاع غزة ليصار الى تحديد معالم المرحلة القادمة بعناية ودقة كبيرة ولكي لا تختلط الأوراق ومما سيساعد على ذلك ان أعضاء المجلس التشريعي وهم نفسهم أعضاء مجلس الانقاذ الوطني هم من فصائل العمل الوطني كافة ومن قطاعات الشعب المختلفة، وبكل بساطة سيكون مجلس او هيئة الإنقاذ عملت بعيداً عن أي التزامات او أي اتفاقات دوليه او مع اطراف خارجيه مثل ما قامت به السلطة الوطنية ككيان سياسي يمثل الشعب الفلسطيني، فملس الانقاذ الوطي يتشكل للوقوف بجانب أبناء شعبنا اولاً من الناحية الإنسانية وكذلك ليحافظ على ثوابته الوطنية من رؤية شعبية جامعة، خاصة وان الجماهير أصبحت اقل انتماءً لتلك الاتفاقيات التي اوصلتنا كشعب فلسطيني الى هذه المرحلة، 
ولكن الأهم وقبل ان ننطلق نحو مفهوم الانقاذ يجب ان تكون مضامين الإنقاذ واضحة ومتطلبات واهداف المرحلة القادمة محددة . أي يجب ان تنطلق مسيرة الإنقاذ الوطني من خطة واضحة ومتكامله تشمل في. ثناياها كل التفاعلات المتوقعه واثارها الإيجابية والسلبيه وانعكاساتها على قضيتنا الفلسطينية . 
فما المانع ان يتصدر أعضاء المجلس التشريعي مجتمعين حول فكرة الإنقاذ الوطني؟ وهم مفوضين من الشعب ويتمتعون بشرعية امامه، فحالة الجمع الوطني قد تشكل ضاغطاً رئيساً على أي طرف يمكن ان يعتقد بانه قادر على السيطرة على قضيتنا الفلسطينية وان من حقه رسم خارطة المنطقة من منظور مغاير لمتطلبات شعبنا الفلسطيني .

المسؤولية الإنسانية وعلاقتها بالمسؤولية السياسية

د . محمد عبد اشتيوي

المسؤولية كمصطلح مجرد تتأتى ضمن ما يناط بالفرد او الحكومة منرصلاحيات ممنوحة ليصار مساءلتها عن نتاج الاعمال التي نتجت عن تلك الصلاحيات الممنوحة لها من قبل الجهة التي منحت اصلاً تلك الصلاحيات، وهناك العديد من المصطلحات المشابهة تبين العلاقة بين اطراف العلاقة مثل المنظمات والكيانات العاملة ضمن المنظومة المجتمعية ومثل علاقة الشعب والحومة، ومنها المسؤولية المجتمعية وهي التي تعبر عن الالتزام الادبي والأخلاقي من قبل أي مؤسسة او كيان ضمن منطقة جغرافية محددة تجاه المجتمع من خلال تحقيق متطلباته واحتياجاته ضمن ما يسمح به النظام والقانون. 
اما المسؤولية السياسية او الوطنية تاتي كتعبير عن الالتزام بمساحة الصلاحيات التي منحت للساسة وأصحاب القرار تجاه تحديد حدود الدوله وكل مكوناتها وتحديد المصير السياسي لها وتحديد علاقاتها المحلية والخارجية بما يسمح لها بالعيش ضمن منظومة دوليه فاعله، وياتي باب المساءله هنا من قبل الشعب لقيادته السياسية عن مدى التزامها بالثوابت الوطنية والصلاحيات التي منحها الشعب لهم، وحينها من حق الشعب ان يستمر في منح شرعيته لتلك القيادة او يسعى لتغييرها ، فالمسؤولية السياسية تتحقق من قبل القيادة السياسية تجاه الشعب ولكن المساءلة السياسية تتحقق من قبل الشعب للقيادة السياسية، 
اما المسؤولية الإنسانية فهي تعبير عن الالتزام الادبي والأخلاقي والمهني من قبل أصحاب القدرة والقرار بتوفير جميع متطلبات واحتياجات الحياة الانسانيه لجميع من هم في الدولة بغض النظر عن انتماءاتهم او الوانهم، فيتم النظر الى الانسان كقيمة مجردة يتم العمل على تحقيق افضل مستوى له في العيش ، في المقابل تاتي المسائلة من قبل الشعب لكل من يملك قرار وقدرة على مساعدتهم في ان يعيشوا بانسانية مجردة بحسب الصلاحيات والمساحة التي منحوها إياه.
امام هذه المفاهيم فلا يجوز باي حال من الأحوال الخلط بينها مطلقاً كان يتم استغلال الجانب الإنساني كاداة ضغط سياسية او العكس، علماً بان كل جانب منها يحتاج الى عامل التخصص والمهنية التي يمكن ان تشكل قاعدة للانطلاق منها عند تنفيذ أي من النشاطات المجتمعية او الجماهيرية بشكل عام.

هندسة العقول

د.محمد عبد اشتيوي
يمر شعبنا الفلسطيني في هذه الآونة بمرحلة شديدة الخطورة ، حيث عمد الاحتلال وأعوانه على استخدام العديد من الوسائل الهجومية على أبناء شعبنا منها العسكرية الترهيبية ومنها الترغيبية، والتي لم تحقق مبتغاه من شعبنا الصامد الصابر القابض على وطنة والمحافظ على ثوابته رغم كل ما دفعه من اثمان طيلة فترة الاحتلال، فلجأ الاحتلال ومعه كل اعوانه المتآمرين على قضيتنا الفلسطينية الى ممارسة أساليب مغايرة تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني لتحقيق مبتغاه في السيطرة على كل مقدراتنا الفلسطينية الأرض والشجر والحجر وحتى الانسان، وذلك من خلال إعادة التفكير والانتقال من المواجهة المباشرة الى مرحلة دغدغة العقول في محاولة لمخاطبة العقل الباطن بدلا من العقل الظاهر لدى الفلسطينيين ، فحالة فشلهم كانت واضحة في التعامل مع العقل الواعي او الظاهر ، فذههبوا الى التسلل الى العقل الباطن في محاولة لاعادة هندسة الأفكار والمعتقدات والقيم التي يحملها المواطن الفلسطيني.

فهندسة العقول ما هي الا تعبير عن فن تركيب الأفكار والقيم والمعتقدات لدى الانسان بشكل هادف وموجه ليحقق حالة من التحول الضمني والسلوكي للافراد ليصبح ما كان غير مقبول في الامس هو مقبول اليوم والعكس صحيح.

وان تعبير هندسة العقول يتمثل كذلك في إعادة تأثيث العقول بافكار جديدة قابلة للنمو والتطور عبر ما يسمى بالفيروس الفكري الذي يصاحبه وجود بيئة مناسبة لينمو ويكبر ويتحول الفكر الجديد الى واقع وممارسة حقيقيه على الأرض.

وما يمارسه الاحتلال ومن خلفه أمريكا حالياً على الشعب الفلسطيني هو ترجمة واضحة لاعادة هندسة عقول أبناء شعبنا من خلال تعزيز حالة الحصار والضغط والتشوية للفكر الوطني والديني ، ليجعل من عقل المواطن كتلة من الجمود ترفض واقعها بكل اللغات ناقمة على كل ما يدور في بيئتها المحيطة، ليصبح العقل مهيأً لقبول أي مخرج نحو أي فضاء اخر يعتبره انقاذاً لما كان فيه.

فالاحتلال واعوانه يراهنون على إيجاد حالة من التحول الفكري لدىرالمواطن الفلسطيني سيما في قطاع غزة، معتقدين بان فيروساتهم الفكرية بإمكانها ان تعيد هندسة عقول الفلسطينيين وتغيير نظرتهم الى وطنهم والى وطنيتهم وتغيير مضامين الانتماء الوطني باتجاه قبول أي مخرج يمكن ان يحررهم من حالة الحصار والضغط والقلة والعوز والعقوبات الممارسة عليهم.

وهنا تجدر الإشارة الى ان الاحتلال الإسرائيلي مارس هذا المفهوم مرات عديدة وباساليب متنوعه على أبناء شعبنا الفلسطيني، ولكنها كانت تندرج تحت بند غسيل العقول في محاولة لسلخ المواطن الفلسطيني عن ارضه ووطنه وجدانياً عبر العديد من الاغراءات المقدمة سواء عبر ممارسة فلسفة التطبيع ، او من خلال توفير كل مسهلات النزلاق الأخلاقي والديني والوطني ، ولكنه وبعد فشلة في تفريغ عقل المواطن الفلسطيني من وطنيته بكل الأساليب المذكورة ، ذهب باتجاه الترهيب والضغط واختلاق الشرذمات الوطنية من أحزاب وتكتلات وجماعات فكرية يمكن للمواطن التقوقع فيها بعيدا عن الوطن سعياً وراء امنه وامانه وسعيا لحصوله على لقمة عيشه ، وهذا ما يراهن عليه الاحتلال تفريغ الوطنية من مضمونها التي يحملها المواطن الفلسطيني في عقله ووجدانه وزرع مضامين جديدة تخدم مخططات الاحتلال وتعزز وجوده على الأرض الفلسطينية.

رمال سياسية متحركة

د . محمد عبد اشتيوي
تحتدم أمواج العمل السياسي على الساحة الفلسطينية ، حيث تتشكل مؤامرة كبيرة تجاه قضيتنا سعياً في انهائها لصالح الاحتلال الإسرائيلي , فقد عمد القطب المعادي لقضيتنا والمتنكر لحقوقنا في ارضنا فلسطين ان يدخلنا في دهاليز سياسية ضيقة، معتمدين على مبدأ إدارة الازمة بالازمة وهو ما يعرف بالإدارة بالازمات، ولكن المتتبع للتاريخ الفلسطيني يدرك ان إرادة البقاء على ارضنا فلسطين متجذرة في نفوسنا وفي جيناتنا السلالية.
ومن ابرز الدهاليز التي ازلقت اليها القضية الفلسطينية، دهليز الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، فكان افضل نتاج خرج به الاحتلال الإسرائيلي لخطط وتدابير طال العمل عليها لتفتيت عضد وقوة المجتمع الفلسطيني . 
ومع تعدد المحطات والمشاريع الانهاكية التي استدرجت اليها القضية الفلسطينية ، تشكلت حالة تتشابه بالرمال المتحركة التي يسعى الفرد للهروب من جزء منها ليجد نفسه يغوص في جزء اخر منها ، وما ان ينتقل من مكان الى اخر يجد نفسه قد استنزفت وخارت قواه ليصبح مترنحاً لا يسعى الا ان يبقى على قيد الحياة. 
فرمال السياسة المتحركة جعلت من قضيتنا الفلسطينية تغوص في منهكات الحياة تارة لتخرج الى شرذمات الجسد الفلسطيني تارة أخرى ، وما نعيشه اليوم من حصار وعقوبات وتسلط وشرذمات وتفتيت وتيه في التفكير وضبابية الهدف وفقر وتجويع وفقدان الامل وتلاشي المستقبل والغرق في الامراض ووطأة التجهيل الموجه وهذيان الوطنية واندثار الاحلام وإرساء التثبيط والفشل وفقدان بوصلة العقيدة والمعتقد، كل ذلك يجعل من الأرضية السياسية لقضيتنا الفلسطينية كالرمال المتحركة وهو ما يبتغيه اعداءنا لنا، 
ولكن صخرة الإرادة التي يمتلكها شعبنا الفلسطيني صلبة فقد تكسرت وتفتتت عليها العديد من المؤامرات، والرهان فقط على تلك الإرادة التي اثبتت ان الكف قادر وبقوة ان يجابه المخرز وان الدم ينتصر على السيف ، فالمعادلة الفلسطينية لا يعلم حقيقتها ترامب او الإسرائيليين او غيرهم ممن يتآمرون على قضيتنا، فصحيح ان إمكانيات الغلبة والنصر بحسب اعتقادهم هي ملكهم ولكنهم لا يعلمون مدى قوة وصلابة الإرادة الفلسطينية ،
فصفقة القرن التي ابتدعها الرئيس الأمريكي ترامب ومعه الإسرائيليين ومن لف لفيفهم ليست بقدر محتوم على قضيتنا الفلسطينية وانما هي اجتهادات وتلاعب في معطيات المرحلة خاصة وان ترامب ومن معه يدركون هوان وضعف ووهن العالم العربي والإسلامي في هذه المرحلة من الزمن ، ومن باب التذكير ان صفقة القرن لا ينطبق عليها مفهوم الصفقة ، فالصفقة تتم بين طرفين متنازعين او متصارعين حول شيء معين، وما يطبقه ترامب في صفقته يتم فقط من طرف واحد ففلسطين ليست طرفاً في صفقته وهذا ما اعلنه بكل وقاحة عندما أشار الى ان راي القيادة الفلسطينية غير ضروي في الصفقة وان تطبيقها سيتم باتجاه واحد .
وامام ما تسعى اليه أمريكا وإسرائيل في وضع القضية في مربع تحكمه رمال السياسة المتحركة، كان لا بد لنا كفلسطينيين ان نجمع قوانا ونعمل بعكس ما أراده اعداءنا لنا ، 
وأول خطوات الرد يجب ان تتحقق المصالحة الوطنية بكل مكوناتها لتلتحم كل مكونات العمل الوطني الفلسطيني وتكون قادرة على رد أي مؤامرة وان تخرج من رمال السياسة المتحركة التي تهدف الى انهاكها واغراقها ومن ثم القضاء عليها،
كما يتوجب علينا كفلسطينيين ان نعمل ضمن رؤية سياسة ووطنية موحدة حتى لو اختلفت الوسائل 
وان يتجه كل مكونات العمل الوطني لتشكيل جبهة وطنية صلبة تتحطم عليها كل المؤامرات من خلال توحيد الجهود والامكانيات ووضعها تحت راية واحدة هي راية فلسطين.

شماعة المصالحة

د . محمد عبد اشتيوي
المتتبع لمجريات اتمام انهاء الانقسام وتعزيز المصالحة الوطنية كنتاج لجهود متظافرة من العديد للقوى المحلية والاقليمية والدولية يجد بان العديد من الاطراف  ذات علاقة باعادة اللحمة الفلسطينية سواء المستفيد من تحقيقها او من الابقاء على حالة الانقسام.

فمنذ اللحظة التي تبعت التوقيع في 12/10 على تنفيذ اتفاقية المصالحة الموقعه عام 2011 بدأت الضغوطات والابتزازات والمساومات من قبل من يسعون الى حصاد ثمار المصالحة خاصة اسرائيل التي ما فتئت ان تستغل اي فرصة في المنطقة لصالحها فمن خلال تدخلاتها المباشرة او غير المباشرة عبر مندوبيها او اذرعها المختلفة دحرجت امام اطراف المصالحة كرات ملتهبة من نار الخلافات المتجذرة في نفوس المتحزبين القائمين على اتمام المصالحة.

فكان هناك من يتلكك ويماطل حتى تحقيق اجندات قد تخدم اسرائيل سواء بشكل مباشر او غير مباشر  وكان اهم ما طرح وبات نقطة خلاف كأداء هو سلاح المقاومة او بسط السيطرة والتمكين كما اطلق عليها او ملف الامن او ملف الموظفين  وغيرها من الملفات المتعدده.

امام ذلك ظهر واضحاً خلال الفترة الماضية ان كل طرف من اطراف التحاور  جاهز ليتصيد اي خطأ يصدر من الطرف الاخر .

وكان المجهر مسلط ومركز على تيار الاصلاح الديمقراطي في حركة فتح معتقد البعض ان التيار اكثر الجهات تضررا من انجاز المصالحة معتقدين ان حالة التهميش او الاقصاء له من الحلبة السياسية قد تنشىء حالة من ردة الفعل لتخريب المصالحة ولكن التيار كان موقفه واضح داعم للمصالحة بكافة تفاصيلها، ولما خاب فألهم في توريط التيار وطنياً في تخريب المصالحة ذهبوا يبحثون عن شماعة اخرى ليعلقوا عليها ذلك الفشل ، وما ان حدثت شرارة المقاومة من قبل الجهاد الاسلامي انهالت الاتهامات واكتظت التصريحات التي تحمله خراب جهود المصالحة خاصة وانها فرصة ليدفع الجهاد الاسلامي ثمن اصطفافه للحالة الوطنية ولمصلحة قطاع غزة ضمن منظومة العمل الوطني والاسلامي المتوافق على رؤية متقاربة نحو التعامل مع معطيات المرحلة الحالية.

فشماعة الجهاد الاسلامي باتت هي الاقوى لتتحمل وزر  الاخفاقات المقصودة لافشال المصالحة وهي مبرر مقبول لدى الكثير من اقطاب المنطقة واصحاب المصالح في فشلها

ولن يقف تحميل مسئوليات اي فشل قادم عند الجهاد الاسلامي وانما سيمتد الى اي شماعة اخرى يمكن ان تعترض على اي اجندة غير مقبولة وطنياً

إحراج أمريكا

د. محمد اشتيوي
أمام حالة الصلف والهيجان العدواني الامريكي ضد كينونتنا الفلسطينية وضد مقدساتنا الدينية ، وأمام حالة العنجهية الاسرائيلية المسنودة على صلف الامريكان، وما يدور الان حول الاعتراف الضمني او حتى الصريح بالاعتراف بان القدس هي عاصمة دولة اسرائيل، اعتقد بأن العالم العربي بأسره يعيش حالة من الوهن والضعف غير المسبوقة في تاريخ أمتنا العربية والاسلامية، وأن الحالة الفلسطينية كذلك لا تمثل جبهة قوية يمكنها ان تواجه القرارات الظالمة سيما وأن حالة الاستحقاق السياسي والسيادي لترامب الامريكي يمكنها ان تتحقق على حساب مجمل ما يملكه العالم العربي كله وبكل مكوناته البشرية والمادية وغير ذلك، اي ان تحقيق أحلام وآمال الاسرائيليين في تجذير أنفسهم في هذه الارض تتبناه امريكا مهما كان ثمن تنفيذه، ولكن السؤال المهم الذي يجب ان يطرح الان وبعد حوالي ثلاث عقود من الزمن المبني على المفاوضات والتسويف وقتل الفكر الوطني لدى الاجيال بكافة الاساليب، لم ينجز اقل القليل من استحقاقاتنا الوطنية وارجاح حقنا الوطني كفلسطينيين من المحتلين.

ما الفائدة في استمرار وجود اجسام ادارية وظيفية في فلسطين؟؟؟؟؟ فمهما تعددت المسميات والمراتب الوظيفية التي ساعد في تعزيزها الاحتلال لتحتل فكرنا ويرتبط مصير اجيال منا فيها ، فهل تبقى قيمة لأي من تلك الاجسام والمسميات، فلا السلطة ولا مكوناتها المختلفة قادرة ان تحقق كرامة اي فلسطيني على ارضه، مع علمنا ان الرئيس ابو عمار رحمه الله وتبعه الرئيس ابو مازن ومعه كافة مكونات العمل الوطني الفلسطيني وبغض النظر عن مستوى الاختلاف في توجهاتهم نحو طرق واساليب التحرير الوطني، الا انهم جميعاً عملوا على دحر الاحتلال من على ارضنا بكافة الطرق والاساليب السياسية والدبلوماسية والسلمية وغيرها، الا ان الحالة الفلسطينية ومشروعنا الوطني يراوح مكانه من حيث التأثير في التغيير لمنظومة القهر والاحتلال الجاثم على صدور كل الفلسطينيين.

وان قرار ترامب بنقل السفارة الامريكية الى مدينة القدس لهو تحول خطير في طريقة التفكير والممارسة الامريكية والاسرائيلية، حيث بذلك يكونوا تخطوا محاذير لم يكن يطاق الاقتراب منها من قبل سيما وأن مدينة القدس بما تشمل من مساجد وكنائس تاخذ البعد الديني والعقدي وليس الوطني فحسب، فبذلك تكون أبواب الصراع كافة قد فتحت وعلى جميع المستويات، وهذا يتطلب مقومات منا كفلسطينيين ومن العالم العربي ومن العالم الاسلامي.

ولما كانت مقومات المواجهة لدينا كفلسطينيين محدودة فلماذا لا يتم احراج امريكا واسرائيل ومن خلفهم بأن يعلن السيد الرئيس حل السلطة الوطنية الفلسطينية والتي أصلاً جاءت نتيجة اتفاقية أوسلو التي هندستها ودعمتها أمريكا وتلهفت عليها اسرائيل، لايجاد حالة تحول في طبيعة الصراع العربي الاسرائيلي.

حل السلطىة يعني ان تبقى جميع الارض الفلسطينية محتلة وان تتحمل اسرائيل مسئولية ذلك سياسياً وقانونياً ومادياً وغير ذلك، فاذا كان الحفاظ على مشروعنا الوطني يمكن ان يتم بالعودة الى الخلف خطوات فلا ضير اذا كان في مصلحة الوطن. دعونا ان نتخلى عن المناصب وعن المكاسب وليبقى الوطن

التكافل والتغافل .؟

قد تتشابه الكلمات من حيث بنيتها ولكنها تختلف في دلالتها ومعانيها ، فلو اسقطنا مصطلحين مثل التكافل والتغافل على ما يدور في قطاغ غزة في هذه المرحلة، فماذا سيكون مدلولاتهما الفعلية على واقع القطاع. 
فالتكافل مصطلح يعني التعاضد والتشارك والتلاحم المصيري المشترك ، وهو مضمون حيوي يتطلب تحقيقه عندما يصيب الضنك المجتمع ويصبح الفرد في حاجة الاخر لانه لم يقوى على قوام حياته ، واننا في قطاع غزة وامام ما يفرض علينا من حصار وفرض عقوبات لا تقل في مضمونها الفعلي عما يحققه الحصار من تقزيم للحاله الوطنية ومحاولة المساس بمنطلقات شعبنا الفكرية التحرريه والتي تهدف اصلاً وبشكل موجه الى تركيع شعبنا ورفع رايه الاستسلام والقبول بالمجهول مهما كانت طبيعته، فالكل يتآمر علينا لصالح عدونا المحتل بدلا من تعزيز صمودنا على ارضنا ودعم كل مقومات التحرر والاستقلال، ولكن من تتبع التاريخ يجد بان صور التكافل تعددت عند اشتداد الازمات على قطاعنا الحبيب سواء خلال الانتفاضة الأولى او عبر الحروب التي شنتها إسرائيل على القطاع ، فكان تحشيد الهمم وجمع المساعدات من الجماهير للجماهير وكانت تتحطم كل الحواجز والعقبات ليصل المقتدر الى المحتاج، وهذا العمل متجذر في جينات تكوين الانسان الفلسطيني ، فغزه لن تترك غزة تنهار كما يريد الاحتلال ومعه الاخرين، ولكن جدير بنا ان نقف عند من مارسوا التغافل عما يحدث في قطاع غزة ، وكانهم يدفنون رؤسهم في التراب . قان وسائل الاتصال باتت تسهل وصول ونقل المعلومات لكافة انحاء المعمورة، ولكن العديد من أبناء جلدتنا سواء داخل فلسطين او خارجها تغافلوا عما يحدث سواء عمداً او قسراً ولكن النتيجة واحده، تغافلوا ما نحن فيه تغافلوا اهاتنا تغافلوا صرخاتنا تغافلوا كيف نموت تغافلوا كيف نعيش تغافلوا كل شيء يخصنا ، ليحافظوا على مصالحهم الفردية ونسوا الوطن فلسطين ، تغافلوا ليحققوا مجد عدونا في احكام السيطرة على شوكة فلسطين قطاع غزة، تغافلوا ليتركوا المجال لذبحنا في غزة بكل الطرق . 
ولكن التكافل سيغلب التغافل لا محالة ولا بد ان نتعلم من دروس الماضي التي اشارت الى انه اما ان نحيا جميعاً او نموت جميعاً ، وان كل مؤامرات التصفيه لقضيتنا باءت بالفشل تكسرت وانهارت امام تكافل شعبنا وتماسكة حتى ولو في اللحظة الأخيرة، فالتكافل تزرع الامل في نفوس كل التائهين من الجوعى والمرضى والمحرومين، التكافل تعزز امل الوصول الى حريتنا المرتقبة حتى ولو بعد حين، التكافل تصقل تفكيرنا نحو تجميع قوانا لننطلق نحو الأفضل دائما، 
ان نغيث انفسنا بانفسنا افضل بكثير من ان نبيع انفسنا بالرخيص ، وانطلاقاً من عزة وكرامة أبناء قطاع غزة المهمشين نطلق دعوة لكل من بقيت في دمه برة انتماء الى وطننا فلسطين ولكل من تاهت به الدنيا ليصرف نفسه بعيدا عن هذا التراب الطاهر، تكافلوا ولا تغافلوا تكافلوا ولا تغافلوا تكافلوا ولا تغافلوا 
بالتكافل قوتنا وبالتغافل موتنا وضياع قضيتنا ، وحماك الله يا غزة العزة.

النطح بقرون مكسورة

د. محمد عبد شتيوي
أي حالة منافسة او صراع تفرضها متغيرات الحياة على هذه الأرض تحتاج الى مقومات وإمكانات، وهي التي تتفاوت بين الجهات المتصارعة، والصراع في مضمونه يشير الى غلبة جهة او طرف على حساب الجهة الأخرى ، وان حالة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تخضع لهذه القاعدة من حيث الاستراتيجيات التي يتبناها العدو تجاهنا كفلسطينيين، وان إمكانية التغلب على العدو ليست ضرباً في الخيال وانما تحتاج الى مقومات جمع لكل عناصر التكوين الفلسطيني لتعبر عن حالة متينه يمكن الانطلاق منها نحو التحرير والغلبة، ولكننا امام الواقع المتردي الذي تعيشه القضية الفلسطينية والتي تظهر في ملامحه حالة التفتت والتشرذم المبنيه على نشوء ثقافة جديدة في مجتمعنا الفلسطيني وهي ثقافة التحزب وعدم تقبل الاخر، وهذا ما جعل اتساع المسافة بين الأحزاب والحركات والفصائل متسعة وكبيرة وتحتاج الى جهود جمة من اجل ردمها وترميمها لتعاد اللحمة الوطنية من جديد ، وتجدر الإشارة الى ان هذا الحال لم يتحقق من فراغ وانما سعى عدونا اليه منذ زمن مضى الى ان حقق أهدافه بتفريقنا عن بعضنا البعض وجعل من الكل الفلسطيني كيانات متفردة كل منها يغرد بحسب اهوائه ومبتغاه، وللأسف الشديد تساوق الكثير من أبناء شعبنا مع ما أراده الاحتلال وذلك لتغليب مصلحتهم الخاصة على مصلحة الوطن العامه، وجعلوا من مقومات الصراع من العدو متبعثرة لا تقوى لقوام نفسها. 
وامام هذا المشهد التراجيدي كان من الطبيعي ان سقطت الكثير من النبال من جعبة الرئس أبو مازن ومعه ساسة شعبنا وقاداته ليصبحوا عاجزين عن مناوأة الاحتلال ومصارعته، ولم تقف ثقافة الفرقة الى هذا الحد بل سعى كل فصيل او حزب الى تكسير نبال غيره من الأحزاب والفصائل الفلسطينية الأخرى ولم ينتظر ان يأتي الاحتلال ليكسرها حتى ، فحدث الهوان والضعف والتردي فينا كشعب فلسطيني ، وضعفت جبهتنا الداخليه حتى كسرت قرون المصارعة مع العدو، فبات العدو يحقق الغلبة المستمرة علينا بعد ان كسر قروننا بتفريق قوتنا واضعاف جبهتنا الداخلية ، فلا الفصائل الوطنية ولا الإسلامية تستطيع ان تحمل هم الوطن لوحدها ولا أبو مازن والسلطة بما يحملونه من مفاهيم وطنية يستطيعون مجابهة عدونا لان قروننا مكسرة. جسدنا الفلسطيني تهاوى منه أجزاء عضوية ،جعلت من عدونا يستخف بنا فقرون المقاومة لها هيبتها في قلب عدونا ، فما اجمل الراس عندما يقود قرونه لمصارعة عدوه ويحقق عبرها الغلبه والنصر ،فاذا تكسرت القرون اصبح الصراع جنون ، والراس بلا قرون هو حتماً كالبحث عن المنون، 
انطلاقاً من هذه المفاهيم علينا ان نجتمع ولا نتفرق وان الرئيس أبو مازن لن يكون قوياً كما لو جمع كل مكونات العمل الوطني الفلسطيني باعتبارهم جزء لا يتجزأ من تشكيل اللوحة الوطنية الفلسطينية وهم جزء اصيل كذلك في تحديد مصيرهم ومصير قصيتنا الفلسطينية ، فعندما تجتمع السياسة مع القوة تقوى جبهتنا حتماً ورحم الله الشهيد أبو عمار كان محنكاً في الجمع بينهما فكان من جانب يناور على المستوى السياسي وكان يدعم المقاومة من جانب اخر، كان ينمي القرون الفلسطينية ليعزز قدرتنا على المقاومة والصراع باتجاه تحقيق الغلبة على عدونا المحتل.

المصالحة والفلتان الأمني

د. محمد عبد اشتيوي
اعتمدت السياسة الإسرائيلية على مجموعة من المناهج والسبل في تعزز حالة الفرقة والتشرذم والتقطيع في جسدنا الفلسطيني، وقد تمثل ذلك جلياً في قرار شارون بالانسحاب الأحادي من قطاع غزة معتبراً ان الجانب الفلسطيني ليس طرفاً في اعتبارية أي خطوة يمكن ان يقوم بها، علماً بان من سيدفع الثمن دائماً هو الجانب الفلسطيني، فكان قرار الانسحاب احادي الجانب من قبل الإسرائيليين ليس هدفا بالنسبة لهم ولكنه كان وسيلة للوصول الى هدفهم وهو ان يدب الصراع  بين القوى القلسطينية في قطاع غزة وان تبدأ مباريات السيادة بينهم، وبالفعل لم يمض من الوقت طويلاً كان الانقسام وما تبعه من شق عميق في الصف الفلسطيني ، وكانت مقدمات لذلك مرحلة من مراحل التسيب الأمني او الفلتان الأمني التي أهلت جيداً لعملية الانقسام، الشاهد هنا هو ان إسرائيل بعقليتها التامرية لم تسمح باتمام المصالحة الفلسطينية كما أرادها الفلسطينيون وانما ومنذ ان شعرت بان ثمة تقارب حقيقي يمكن ان يحدث بين حركتي فتح وحماس بدات بكل قدراتها العمل على تسويف إتمام المصالحة وذهبت في تشجيع زيادة العقوبات على قطاع غزة بكافة الطرق، وذلك يأتي في سياق مخطط  دقيق يهدف الى تضييق الخناق على كل من يعيش في قطاع غزة، وكان اخر الوان العقاب تجفيف الموارد الاقتصادية في القطاع سعياً وراء الحصول على رفع الراية البيضاء من حركة حماس على اعتبار انها محتلة للأرض الغزاوية ، او ان يثور الشعب ضدها طلباً لحقوقه الإنسانية والحياتية، وهو ما سيخلط الأوراق على كافة المستويات وتجعل من القطاع ساحة لينة طيعة للسلطة الوطنية تعيد ترتيب أوراقه كيفما تشاء،  واذا تعذر الاستسلام سيدخل القطاع الى مرحلة قديمة جديده وهي مرحلة انتشار الجريمة والكفر بكل السلطات التي ستنهار حتماً امام حالة العوز والجوع الذي يمر بها الشعب في غزة، 

ولكن امام عدم ادراك الجماهير في غزه لحقيقة ما يطبق عليها من قبل السلطة جعل الكثير من أبناء الشعب يفكر من منظور وطني شامل وان ما يدور وبشراكة من اطراف عديدة يمثل مؤامرة كبيرة على قطاع غزة الهدف منها تركيعه باي ثمن في محاولة لتمرير أي من المخططات التدميرية التي رسمها الاحتلال واعوانه ، وبذلك بدأت اتجاهات الكثير منهم تتخلى عن الدفاع عن السلطة وان كانت لا تؤيد حماس، وبدأت تصطف مع حماس في طابور الوطنية لتطالب بحقوق غزة المسلوبه،

اما حالة المماطلة الحاصلة في إتمام ملف المصالحة الوطنية فقد يأتي في اطار منافي لمفهوم تداول السلطات ، والهدف منه ان يبقى قطاع غزة رازخاً تحت نير الفقر والجوع وخلق بيئة غير مستقرة لا سياسياً ولا اجتماعياً ولا اقتصادياً او غير ذلك ، وان حالة المنازعات الحاصلة على نقل السلطة من حركة حماس للسلطة تخدم الأهداف الاسرائيليه في احداث فراغ امني حاد، وهو ما سيتحقق عند عجز حركة حماس في الاستمرار بتحمل مسئولية واعباء قطاع غزة وتخليها عن السلطة من طرف واحد، وعند عجز السلطة ان تعيد بسط سيطرتها على القطاع وهو ما تركنه الى العديد من الأسباب أهمها تمسك حركة حماس بالسلاح، وعدم تمكينها من مقاليد الحكم عبر تداول سلمي وطوعي للسلطة في القطاع، وحينها يعتقد المعتقدون ان ثمة غياب قد يحدث للقانون وللحكومة وان الفلتان الأمني سيتحقق بقوة ، وحينها تكون لا المصالحة تمت ولا بقيت حماس مسيطرة على غزة ولا السلطة استطاعت إعادة بسط سيطرتها على غزة ، فيسود قانون الغاب 

وهي الحالة الأمثل لقبول غزة باي من الحلول والمخططات المرسومة لها .

النزاع بين القوة والقدرة السياسية في فلسطين

خلال الحقبة الزمنية الماضية وفي ضوء الاحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية تشكلت العديد من الحركات والتنظيمات السياسية والعسكرية في فلسطين ، وذلك بهدف الدفاع عن ارضهم المغتصبة ، وقد تعددت الاتجاهات والرؤى نحو عملية التحرير ، فكل حركة او تنظيم تبنى فلسفة معينه يعتقد انه من خلالها سيحقق التحرير، اذن وامام ذلك يكون الهدف لكل الحركات والتنظيمات هو هدف واحد وهو تحرير فلسطين مهما تعددت الرؤى والاتجاهات، ولكن ما يجب الوقوف امامه وبجدية مطلقة وبعد مرور اكثر من نصف قرن على هذا الاحتلال البغيض ، هل تتوفر إرادة حرة لدى التنظيمات الفلسطينية تمكنها من اتخاذ قرارات وطنية فلسطينية مجردة؟ وهنا يجدر التطرق الى مضمونين تمحورا في مصطلحين هامين وهما القوة والقدرة السياسية. 
فالقوة السياسية تتمثل في إمكانية تحقيق التميز في الأداء السياسي والتأثير المنطقي والفعال تجاه التنظيمات والحركات الأخرى وحتى طبقات الشعب المتعددة، ويكون التشكيل الضمني لهذا المفهوم نابع من إرادة التنظيمات نفسها لتحقق الغلبة والتميز والتأثير داخل حدود مساحة العمل الوطني والسياسي الفلسطيني لا اكثر، فيكون لكل التنظيمات حرية الإرادة في تشكيل رايها السياسي بحسب رؤيتها الوطنية البحتة. 
اما القدرة السياسية فهي تعبير عن ممارسة جهات خارجية لامكاناتها ومقدراتها ونفوذها في التأثير على سير العمل السياسي والوطني الفلسطيني وذلك من خلال التاثير والضغط على بعض الحركات والتنظيمات السياسية العاملة على الساحة الفلسطينية. فيكون الطرف الخارجي قادر على التغيير بالاتجاه الذي يريده هو حتى لو تعارض مع المصلحة الوطنية، فالقدرة السياسية لا تنفصل ابداً عن العديد من محركات التاثير المتعدده واهمها العنصر المالي والبشري كذلك،
امام ذلك يمكن ان يتحقق النزاع بين القدرة السياسية الخارجية وبين القوة السياسية الداخلية، فكثير من المواقف السياسية ذهبت اليها بعض الحركات والتنظيمات لتصنع قراراً وطنياً بحتاً نحوها، ولكن نجد تدخل القدرة السياسية الخارجية لتغير مسار وطبيعة القرار الوطني برمته.
وهنا لا بد من المفارقة بين القدرة الخارجية والقوة الداخلية من حيث انعكاسات النزاع بينهما على واقع القضية الفلسطينية، حيث نجد اغلب ان لم يكن كل الحركات والتنظيمات السياسية العاملة على الساحة الوطنية الفلسطينية لهم ارتباطات خارجية سواء من حيث التمويل او من حيث ضمان النفوذ والغلبه او من حيث الحفاظ على القيمة الوطنية للتنظيم حتى لو كانت وهمية. 
ومن باب الانصاف للحركات والتنظيمات الفاعلة فمنهم من يذهب باتجاه التحرير حاملاً الهم الوطني بكل مكوناته ولا يرغب في أي قدرة سياسية خارجية في التدخل ، ولكن للأسف من الممكن ان يصطدم بتلك التدخلات بأكثر من طريقة وباكثر من أسلوب خاصة وان قضيتنا الفلسطينية تعتبر بمثابة مسرح كبير يؤمه مجموعة كبيرة من الممثلين المحليين والدوليين.
فلا ضير ان نتنافس من منطلق قوتنا السياسية ذهاباً نحو التحرير ، على ان نحد او حتى نمنع قدرات الاخرين من التحكم في مصير قضيتنا ، لنعمل جاهدين ان يكون قرارنا فلسطينياً وطنياً ، وذلك لا يعني ان ننفصل على المستوى السياسي عن الإقليم او الخارج بالعكس علينا ان نعزز علاقتنا بهم ونتفاعل معهم بكل ما يمكنه رفد قوتنا السياسية وبقدر ما يمكننا كفلسطينيين ان ننفض الاحتلال من على صدورنا ونحرر ارضنا بايدينا.

تزاحم سياسي


من الواضح ان الساحة السياسية الفلسطينية في قطاع غزة تشهد حالة من التزاحم متعدد الأطراف ، فتزامن وجود الوفد الأمني المصري، مع وجود محمد العمادي القطري، مع وجود وفد وزاري عالي المستوى من السلطة، في قطاع غزة يومئ بارهاصات حالة من صراع التأثير على مصير وطبيعة تشكيل القرار ومنظومة الحياة في قطاع غزة، ففي الوقت الذي تعتبر مصر نفسها وصية على الولد وعلى البنت الفلسطينية ، جاءت قطر لتمد بيت الزوجية الفلسطيني بمصروفات الحياة ليبقى الولد والبنت على شفى حفرة الموت والحياة، اما المعادلة الفلسطينية فلن تلتقي أطرافها الا بإرادة حتمية فلسطينية تقضي بجمع الشمل للولد مع البنت لتشكل اسرة واحدة متكامله.
فالاخوة المصريين حرصوا في كل مفترقات العمل السياسي المتعلق بالقضية الفلسطينية على ان يصطفوا بجانب فلسطين كفلسطين، وعلى مدار تاريخ القضية كانوا المصريين سنداً ومعيناً لنا في فلسطين، فالدور الذي تقوم به مصر عبر وجود وفدها الأمني في قطاع غزة ليس بجديد على عقولنا وادراكنا للعلاقة بيننا وبينهم،بل ان وجودهم وتبنيهم لحتمية انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية على كافة المستويات يؤكد حرصهم على صيانة البيت الفلسطيني لتبقى فلسطين شامخة صامدة واحدة موحدة في وجه المحتلين. 
ولكن المفارقة تتحقق في الدور القطري المتمثل في عمليات التمويل الاقتصادي لقطاع غزة والذي لم يتطرق الى موضوع المصالحة من حيث جوهر الزيارة، ولم يكن متوافقاً مع الجانب المصري من حيث اتجاهات العمل وخدمة القضية الفلسطينية، فالخلاف بين التوجه القطري والتوجه المصري واضح في منظومة العمل السياسي في المنطقة،
ولكن هل قوى التأثير ستمارس على أطراف الانقسام الفلسطيني سواء بالسلب او الايجاب خلال التواجد المتزامن على ارض قطاع غزة؟ 
تجدر الإشارة هنا الى ان مستوى الوعي الجمعي حول العلاقات الإقليمية وحتى الدولية اصبح اكثر ادراكاً للمصلحة الوطنية الفلسطينية من طرفي الانقسام؟ وذلك يشير الى ضرورة تغليب المصلحة الفلسطينية على أي اجندات يمكن ان تمارس خلال هذه المرحلة الحساسة من تاريخ قضيتنا الفلسطينية، كما ينبغي ان ندرك جميعاً بان غزة باتت محور صراع إقليمي حقيقي تتجلى نتائجه في السيطرة الكاملة على هذه البقعة الصغيرة من الوطن وذلك باتجاه ما يخدم المشروع الصهيوامريكي في المنطقة. 
فحالة التزاحم السياسي القائمة لم تأت جذافاً وانما تشكلت عن وعي وادراك من قبل اطراف عدة من ذوي المصلحة، منطلقين من ان خارطة الفهم والوعي والجغرافيا والتاريخ الفلسطيني يجب ان تتغير، وهنا تكمن حالة المد والجزر بين قطبي الحق والباطل، بين من يريد انهاء الانقسام وبين من يعمل على تغذيته واتساع نطاقه،بين من يعمل على لملمة الجسد الفلسطيني وبين من يعمل على تمزيقه وشرذمته، بين من يسعى لاتمام المصالحة ومن يسعى الى تعزيز الانقسام، 
فالتزاحم السياسي يخلق حالة من الهيجان والهستيريا الحاملة في طياتها تشتيت التركيز على الهدف الرئيس لكل الفلسطينيين وهو التخلص من الاحتلال الجاثم على صدر تاريخنا الفلسطيني، وان تحقيق ذلك الهيجان سيجعل الكثير من يرمي نفسه في أحضان الموت او في غياهب التشرد او في حنايا الاستسلام. 
علينا كفلسطينيين ان نستغل وعينا وادراكنا لكل تفاصيل الماضي ولكل المراحل التي مرت بها قضيتنا وان نعمل على صياغة نسيج وطني واقليمي ودولي قادر على خدمة قضيتنا الفلسطينية في التخلص من الاحتلال وتحرير كامل التراب والانسان الفلسطيني .

الفرق بين نظام الدولة، وإدارة الدولة الفلسطينية

الفرق بين نظام الدولة، وإدارة الدولة الفلسطينية


بالنظر الى العديد من المسميات التي تطلق على الهيئات القائمة على حكم البلدان، نجد أكثر من مصطلح يمكن ان يتردد في هذا المجال، ففي عالمنا العربي غالبا ما يتردد مصطلح "النظام العربي، او مؤيدي النظام، او حاشية النظام" فجميعها يلتصق في النهاية بمصطلح النظام، أما في الدول الغربية والاوربية يتردد مصطلح " الادارة الامريكية، او الادارة الألمانية ...الخ" وهنا تم استبعاد مصطلح النظام وحل مكانه مصطلح الادارة. فهل يختلف مضمون مصطلح الادارة عن مضمون مصطلح النظام؟
نعم هناك فرق واضح بين المصطلحين، وفي توضيح مبسط للمصطلحين فان النظام ما هو الا عبارة عن مجموعة من العناصر المتشابهة التي تتفاعل مع بعضها البعض لتحقيق هدف مشترك. فعندما نقول " النظام الفلسطيني" او "النظام المصري" مثلا فذلك يتمثل بمجموعة العناصر المتشابهة مثل العنصر السياسي والعنصر الاقتصادي والعنصر الأمني والعنصر الاجتماعي وغيرها من العناصر العاملة ضمن حدود دولة فلسطين والتي تشكل في مجملها "النظام الفلسطيني" او "النظام المصري"، ولكن أي نظام من الأنظمة يتشكل من ثلاث مراحل اساسية هي "مرحلة المدخلات، والعمليات، المخرجات" فالنظام الفلسطيني مثلا لا بد له ان يعمل ضمن هذه المراحل الثلاث، فالمرحلة الأولى " المدخلات" تتمثل في جميع المقدرات والمعطيات والمتغيرات الموجودة في الواقع الفلسطيني، وما على النظام الفلسطيني مجتمع الا ان يتعامل معها من خلال المرحلة الثانية وهي مرحلة العمليات، بحيث تقوم جميع العناصر المكونة للنظام الفلسطيني بتحليل وتصنيف المدخلات الموجودة وربطها مع بعضها البعض بحيث تنتقل الى المرحلة الثالثة وهي مرحلة المخرجات التي تتمثل في القرارات سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية وغيرها والتي بدورها تشكل واقع الحياة الفلسطينية بشكل عام.
أما لو استخدمنا مصطلح الادارة الفلسطينية، فهو تعبير اشمل وأعم من مصطلح النظام الفلسطيني، حيث ان مصطلح الادارة يشمل على عدد من الوظائف التخصصية الاساسية لإنجاز الاعمال وهي " التخطيط- التنظيم- التوجيه- الرقابة- التقييم" وهذه الوظائف الخمس مطلوب ممارستها من قبل جميع من يعمل في الهيئة القائمة على حكم البلاد، بمعنى ان الجانب السياسي او الجانب الاقتصادي او الجانب الاجتماعي يجب ان يمارس العمليات الادارية الخمس المذكورة كل حسب اختصاصه، علما بأن الادارة في مضمونها تعبر عن تحويل المدخلات الى مخرجات من خلال العنصر البشري، وهنا يتطلب تقسيم العناصر البشرية الى ثلاثة مستويات " ادارة عليا- ادارة وسطى- ادارة دنيا" ولكل ادارة منهم خصائصها وتخصصها واعمالها التي تميزها عن الاخرى .
اذن فالادارة الفلسطينية يفترض ان تتكون من مجموعة من الوظائف التخصصية والتي وزعت حسب المستويات الادارية الثلاثة، أي من المفترض ان تجتمع الوظائف الادارية الخمس مع بعضها البعض لادارة دولة فلسطين، فهناك من يخططون واخرين ينظمون واخرين يوجهون ويفعلون الأعمال واخرين يراقبون الأعمال واخرين يقيمون العمال ويحددون نقاط القوة ونقاط الضعف في الأعمال المنجزة.
وبنظرة بسيطة نجد اننا من خلال ممارسة الادارة يمكن لنا ان ندير العديد من الأنظمة الموجودة مثل النظام السياسي او النظام الاقتصادي او غير ذلك. من هنا كان مصطلح الادارة اشمل واعم من مصطلح النظام، فالنظام يحتاج الى من يديره.