الأحد، 4 مارس 2018

الانتفاضة ... !!!!

د . محمد عبد اشتيوي
الانتفاضة كلمة سطرتها كتب التاريخ بمضمون لم يسبق له ان كان فيها، الانتفاضة مصطلح اعتمدته كل لغات العالم كما هو دون تحريف او اي ترجمه يمكن ان تحرفها عن مضمونها الحقيقي، الانتفاضة حروف انبثقت من حالة القهر والظلم والتيه والضياع لمعالم قضيتنا الفلسطينية . الانتفاضه بمفهوم جغرافيا اللغة كلمة تشكلت لتعبر عن قدرة كبيرة لشعب رزخ تحت الاحتلال سنوات طويلة ترهبه كل ادوات القهر والتهميش والتيه ودحره باتجاه انسلاخه عن دينه ووطنه، ليقوم كالمارد بعد ان اعتقد الاحتلال بقزميته لينفض كثبان الظلم عن صدره ويترجل امام اعتى قوة في المنطقة العربيه امام الجيش الذي لا يقهر جيش اسرائيل على حد تعبير الاحتلال ليثبت للعالم بان معادلة الارادة ونيل الحقوق تتقزم امامها خلايا العقل التقليدي ، فالانتفاضة كسرت كل القواعد المعرفية والفكرية التي بناها العقل الترفي، فقلبت كل المعايير والمعادلات واثبتت بان الكف يقابل المخرز عندما تتحقق الارادة الوطنيه.
فكانت حادثة دهس المقطورة لعدد من العمال الفلسطينيين بمثابة الشرارة التي اشعلت الانتفاضة بمحركها النفاث، والتي لم تأت جذافاً وانما جاءت لتترجم نتاج مسيرة طويلة من النضال الوطني للحركات والفصائل الفلسطينية منذ سنوات عديدة خلت ، والتي زرعت جذوة النضال في نفوس وعقول ابناء شعبنا الفلسطيني عبر العديد من الوسائل التعبوية والاقناعية. والتي تمثلت في رسم معالم النضال الوطني عبر العمليات العسكرية من جانب سواء كانت في داخل حدود فلسطين المحتله او خارجها ومن جانب اخر عبر ايجاد ثقافة وطنية تحررية تمثلت بالعديد من الاشكال كالفنون والكتابات والدعم المباشر وغير المباشر لصمود ابناء شعبنا الفلسطيني على ارضه، وكانت فصائل منظمة التحرير هي من تقود العمل الوطني والنضالي على الساحة الفلسطينية، علماً بان بعض الفصائل الفلسطينية كانت في حينها طور التكوين وتشكيل المعالم، مثل الحركات الاسلامية كحركة الجهاد الاسلامي وحركة حماس ، حيث تبنت حينها حركة الجهاد الاسلامي الجمع بين الاطار الفكري الوطني والاسلامي معاً فتمثل حضورها وطنياً وعسكراً قبيل الانتفاضة بقليل اي في عام 1986 حيث تبنت العديد من عمليات الطعن للجنود الاسرائيليين سيما في قطاع غزة وكان على رأسهم المجاهد خالد الجعيدي من مدينة رفح، ومنذ بداية الثمانينات بدأ فعلياً امتداد الفكر الاسلامي الذي تمثل في انشاء المجمع الاسلامي الذي كان يقوده الشهيد المرحوم احمد ياسين ، وفي المقابل تشكل ما يسمى بالمؤسسة الاسلامية وكان على راسها عدد من اعضاء الجهاد الاسلامي مثل الشيخ عبد العزيز عودة وعبدالله الشامي ومحمد ابو سمرة ومن خلفهم الشهيد فتحي الشقاقي. حيث بدأ الطرفان يعملان في خطين مختلفين حيث كانت المؤسسة بمثابة نواة الانطلاق لحركة الجهاد الاسلامي التي ذهبت الى موضوع الجهاد والمقاومة وكان المجمع الاسلامي هو نواة حركة حماس التي ذهبت نحو التعبئة والارشاد والاعداد حينها. 
وعند حادثة المقطورة في 8/12/1987 تقابلت اطياف العمل الوطني والاسلامي لتخرج بانتفاضه جماهيرية عارمة هزت اركان كيان المحتل وقضت مضجعه فكانت الحركة الوطنية هي اول من قاد ونظم ودعم العمل الوطني الجماهيري ومن ثم تجانبت معه القوى الاسلامية مما شكل جبهة وطنية صلبه تكسرت وانهارت امامها كل مخططات المحتل الاسرائلي فتغيرت كل معادلات المنطقة وموازينها وكذلك تغيرت مفاهيم العمل النضالي والوطني لدى كل ابناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وحينها استجاب العالم وتفاعل مع معطيات الانتفاضة وذلك بتغيير الصورة الذهنية لديهم عن كينونة الفلسطينيين ، وهو ما هيأ الى قاعدة دولية حقيقية اصبحت تطالب بحقوق الشعب الفلسطيني على ارضه سياسيا وجغرافيا واقتصاديا وغير ذلك، اما في الجبهة المقابلة والتي تضررت من حدوث الانتفاضة كاسرائيل واعوانها وعلى راسهم الامريكان باتوا حيارى في كيفية اخماد الانتفاضة بكل الاشكال العسكرية وغيرها، ولما كان العالم بغالبيته يصطف مع الفلسطينيين متعاطفاً معهم التف الامريكان ومن يواليهم على اخماد الانتفاضة عبر تمرير مشروع اوسلو واقامة السلطة الوطنية الفلسطينية في بداية التسعينات ، حيث تم سحب البساط الوطني المفعم بالمقاومة من تحت اقدام القوى الفلسطينية المقاومة ليحدث تحول كبير في منظومة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي المعتمد على عمليات التفاوض والدغدغة الوطنية المنبثقة من اتفاقية مترهلة ضعيفة لا تفي بحقوق شعبنا الفلسطيني ،ولكن وكما اشار حينها الشهيد ابو عمار رحمه الله بانه ما كان افضل مما كان ان يتحقق سيما وان كثير من معطيات الدعم والصمود تغيرت في تلك الفترة خاصة منظومة الدعم العربي. 
فكانت اوسلو وذهبت الانتفاضه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق