الأحد، 4 مارس 2018

تبريخ غزة

د . محمد عبد شتيوي
تحتدم الضغوط على قطاع غزة من جهات متعددة، فالجميع ينظر الى غزة نظرة ذات أهمية تختلف عن مثيلاتها من بقاع الوطن وجغرافيته، فالاحتلال الاسرائيلي يعتبر غزة هاجسه الذي لاينتهي ، وامريكا والدول العظمى تنظر الى غزة بعين الخطورة وانها نقطة تحول مهمة في طبيعة المنطقة وطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي ، وحتى دول الإقليم تنظر الى غزة على انها بؤرة السلام والحرب، فهل غزة تشكل كل تلك الهواجس والتخوفات والتحرزات لاي خطوة او قرار يمكن ان يتخذ من أي جهة حولها؟ 
في اطار المضمون الاستراتيجي الذي تحمله قوى الصراع في المنطقة وغيرها ، نجد غزة تشكل نقطة تحول مركزية فعليه في كثير من الاتجاهات سواء على مستوى مصير القضية الفلسطينية او على مستوى استقرار دول الإقليم المحيطة، وبالمتابعة الى دراماتيكا التحولات الفكرية السياسية والتي فكرت بتغيير معالم الخارطة الديمغرافية والسياسية .نجد بان غزة تتحول الى بوتقة انصهار لاغلب تلك الأفكار والمخططات ، وان غزة عندما تقول كلمتها المؤثرة رغم ضعف إمكاناتها تجعل من العالم كله يقف شاخصاً يتفكر في تفاصيل هذه البقعة الصغيرة من الأرض الكبيرة في كينونتها الضمنية. 
وان حالة الحصار المفروض على غزة لم تأت عبثاً وانما جاءت لتكون حلقة في سلسلة الضغوطات التي تهدف الى تبريخ غزة فكان الانقسام وكان اغلاق المعابر وكانت الكهرباء والماء والدواء والبطاله والفقر وانتشار الجريمة والمخدرات وحالات النصب والاحتيال وحالات الفلتان الأخلاقي والاجتماعي والتحلل من الذات والذهاب نحو المجهول ، كل ذلك وغيره لم يأت عبثاً وانما جاء ليجعل من غزة جريحة تستصرخ هواة الطريق ليفعلوا ما يشاؤا لتنتشل أنفاسها من بين زحام الضغوطات والمشاكل التي تغرق بها. 
فتبريخ غزة هو الهدف الرئيس لكل القوى المقيته التي تبحث عن مصالحها والتي لن تتحقق الا بتقزيم تأثير أي تفاعلات من شانها معاضدة مكونات الوطن الجغرافيه الأخرى.
ولقد سجل التاريخ ان غزة ما تخلت في لحظة عن ان تكون الرصاصة الأولى في صدرها دفاعاً عن أي شبر او أي مقاتل او أي كرامة مست من الأعداء، فعلى الدوام كانت غزة رافدة للعمل الوطني بكل مكوناته وكانت غزة صاحبة الكلمة والقرار في كثير من المواضع التي تحافظ على مشروعنا الوطني الفلسطيني، 
فحالات الضغط المتنوعة لن تبرخ غزة مطلقاً لان غزة اذا برخت سيتطاول عليها صبية المرحلة وستنكسر شوكة فلسطين فغزة هي الشوكة التي تغز الأعداء على مر السنين،فلا تبرخو غزة،فلا تبرخو غزة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق