الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

الادارة الوسطى ووسطية الادارة


الادارة الوسطى ووسطية الادارة
تعددت التعاريف لمفهوم الادارة الوسطى من قبل العديد من المتخصصين, ولكنها في مضمونها تشير الى مجموع العاملين في المنظمة من الذين يشرفون على عاملين هم ادنى منهم في المستوى الاداري, وهم من يتلقون القرارات والخطوط العريضة للعمل من عاملين هم اعلى منهم في المستوى الاداري, وهم من المتخصصين فنيا في العمل, حيث يمكن وضع هؤلاء العاملون كمسئولين عن فرق عمل يقودونها من حيث انجاز الأعمال الموكلة اليهم, ويمكن ان نمثل الادارة الوسطة بمدراء الدوائر او رؤساء الاقسام الفنية في المنظمة.
ويأتي دور الادارة الوسطى كوسيط بين الادارتين العليا والدنيا, وهنا يفترض ان تلعب دورا هاما بينهما من حيث تحويل رسالة واهداف المنظمة التي تستلمها من الادارة العليا الى برامج عمل فنية مدروسة ومفصلة وتسليمها الى الادارة الدنيا لتنفيذها.
في ضوء ما ذكر يمكننا تقسيم هيكلية العمل الاداري في أي مؤسسة الى ثلاثة اقسام او الى ثلاثة ادارات (الادارة العليا- الادارة الوسطى- الادارة الدنيا) وجدير بنا التطرق الى لمهارات التي من المفترض ان تمتلكها كل ادارة من الادارات المذكورة. وبشكل مختصر فان الادارة العليا يفترض ان تمتلك المهارات الفكرية او الذهنية المتنوعة كالذكاء وسرعة البديهة وما الى ذلك, نظرا لطبيعة عملها المعتمد على التحليل والتخطيط واصدار القرارات والتفكير في حل أي اشكال قد يعرقل تنفيذ تلك القرارات, أما الادارة الوسطى فمن المفترض ان تمتلك المهارات الانسانية التي تمكنها من التعامل مع العنصر البشري باعتبار انها المسئولة عن تقسيم وتوزيع الاعمال على العنصر البشري الموجود في المنظمة كما انها مسئولة عن عملية تخصيص الاعمال ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب حسب ما جاءت به الخطة العامة للمنظمة, وهذا يعني انها بحاجة الى التعامل مع قدرات ومهارات واتجاهات وميول العنصر البشري مما يتطلب الاخذ بعين الاعتبار الجوانب الانسانية عند عمليات التوزيع والتخصيص للأعمال. أما الادارة الدنيا فيجب ان تمتلك الجانب المهاري الفني الذي يمكنها من تنفيذ القرارات والاعمال الموكلة اليها من الادارة الوسطى والتي هي اصلا ترجمة لقرارات الادارة العليا والتي جاءت بها الادارة الوسطى على هيئة اجراءات مفصلة واضحة التنفيذ.
وفي اطار المهارات المذكورة لكل من الادارات الثلاث يمكننا ان نتساءل :هل من الممكن الاستغناء عن الادارة الوسطى في المنظمة؟ وهل من الممكن ان تتعامل الادارة الدنيا مع الادارة العليا مباشرة ؟ أي ان يتعامل القادة مع العاملين التنفيذيين مباشرة . للإجابة عن هذا التساؤل يجب ان نتصور العاملين التنفيذيين عندما يتعاملون مع القرارات المجردة الجامدة التي تصدر عن الادارة العليا, فهل لهم ان يترجموها الى واقع تنفيذي سليم ام انهم سيجتهدون بما تمليه عليهم ذواتهم؟ من المؤكد بأنه لا يمكن الاستغناء عن دور الادارة الوسطى بشكل نهائي في المنظمة باعتبارها المسئولة عن تحويل خطط وقرارات العمل الى برامج واجراءات بسيطة وجعلها في اطار تخصص كل عامل من العاملين كي يستطيع تنفيذها بسهولة.
اما اذا غابت الادارة الوسطى فسيبقى الاتصال المباشر بين الادارة العليا والادارة الدنيا وهنا ما على الادارة الدنيا الا ان تجمع قدراتها ومهاراتها المحدودة عند تنفيذ أي من القرارات المجردة التي تصدرها الادارة العليا مما يجعلها تغلب منطق الاجتهاد والارتجال في العمل الذي يدفع باتجاه فكرة "انجاح ما يمكن اجاحه" وهذا يعتبر ترجمة واضحة لمنهج الوسطية الادارية في العمل المبني على تقديرات العاملين الذاتية وليس على معايير ونظم مهنية محددة وهذا سيدفع نحو نتائج غير مضمونة للعمل لأنها ابتعدت عن نظم وقوانين وقواعد ومعايير العمل المحددة التي يمكن لها ان تحكم العملية الادارية بكاملها.
فالوسطية الادارية تتحقق مقابل غياب المعايير والانظمة الحاكمة للعمل الأمر الذي يحكم النتائج الى مفهوم التوقع المبني على تقديرات العاملين في الادارة التنفيذية. هذا من جانب ومن جانب اخر وهو الأهم هو تبني الادارة العليا لمبدا الوسطية الادارية الذي يعتبر ترجمة لمطاطية تطبيق الانظمة والقوانين المطبقة في المنظمة, وفي ضوء غياب المعايير المحددة لأساليب ونتائج العمل المتوقع للعمل. فتطبيق مبدا الوسطية الادارية في المنظمة يعكس حالة غير صحية باعتبار ان علم الادارة اصلا هو علم مبني على اسس ومفاهيم علمية يمكن ترجمتها الى ممارسات عملية وفنية محددة وواضحة.