الجمعة، 11 يناير 2013

الدولة العلمية ودولة العلماء


الدولة العلمية ودولة العلماء

ما أجمل أن تنطلي المفاهيم العلمية على ممارسات القائمين على ادارت الدول, سيما وأن الدولة المتعلمة حتما تتميز عن قريناتها غير المتعلمات من الدول, فالتعليم بات هو المدخل الأساس لكل تطور أو نمو في الدول المعاصرة, وأن مقومات تلك الدول تتطور بتطور مستوى التعليم فيها من حيث المدنية والحضارة التي اصبحت محل صراع وتنافس لجل دول العالم, وعلى ذلك فإن حالة التطور في الصناعات المدنية والعسكرية والكيميائية والحيوية وغيرها أصبح مقترن بوجود كادر بشري متعلم في تلك الدول, إذن فان مضمون التعليم للدول ينحصر بنوعية الكادر البشري الموجود فيها وبما يتمتع به من مهارات وقدرات علمية من شأنها أن توجد بصمة في زيادة مستوى التعليم في الدولة ومستوى التميز المأمول لها, ومن الطبيعي أن يظهر ذلك التميز للكادر المتعلم في مجال تخصصه بما يؤول به أن يكون عالما في ثنايا وتفاصيل تخصصه الدقيق, والذي من خلاله يمكن أن يظهر تميزه وبصمته التي يريد, ولكن لو تساءلنا عن نوعية الاعضاء المنتمون لإدارة الدول المتمثلين في الوزراء والقائمين على شئونها, فهل من المفترض أن يكون وزير الداخلية ضابطا مثل, أو وزير الزراعة مهندسا زراعياً, ووزير الصناعة مهندساً صناعياً؟ فهل الوزير اذا كان متخصصاً في مجال عمله كافياً ليقوم بإدارة وزارته باقتدار وجدارة؟

في ضوء هذا التساؤل حري بنا أن نركز على عوامل بناء الشخص الاداري والتي ترتكز على دراسة وممارسة علم الادارة باعتباره علما وفنا في آن واحد , فما الفائدة من الوزير إذا كان متخصصا فنيا في مجال عمله ولكنه لا يستطيع إدارة الوزارة بما يحقق حالة التكامل ما بين القدرة الادارية والخبرة الفنية التي يمتلكها, وهنا لا بد أن نبين وبشكل مبسط أن علم الادارة يتعامل مع القضايا والأمور المطروحة بالطرق العلمية المبنية على عمليات التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والتقييم للأعمال محل الدراسة, وأن الممارسة العلمية لحل أي اشكال تقابله الدولة يفترض ان يعتمد على سلسلة من الخطوات العلمية وهي:

ü     أن يتم تحديد المشكلة أو الظاهرة بدقة.

ü     ثم جمع المعلومات التفصيلية عن تلك المشكلة.

ü     ثم بداية عمليات التحليل والربط لتفاصيل المشكلة.

ü     ثم الخروج بمجموعة من البدائل التي يمكن أن تكون محلاً لحل المشكلة أو الظاهرة.

ü     ثم يتم اختيار أفضل بديل من بدائل الحلول المطروحة.

ü     ومن ثم يتم تنفيذ البديل المختار.

ü     الى أن يتم تقييم النتائج التي ترتبت على البديل الذي تم تنفيذه لحل المشكلة.

إذن فالدولة أولى أن تدار بالطريقة العلمية وألا تعتمد على العلماء المتخصصين فنيا فقط, ويا حبذا لو اجتمعت الطريقتين معاً بمعنى أن يكون الوزير أو المسئول المتخصص فنياً في وزارته أو عمله ممتلكا لمفاهيم الادارة السليمة وقادراً على ممارستها بالطريقة العلمية فيكون الجمع بين الادارة العلمية وبين إدارة العلماء, وهذا ما سيحقق حتما النجاح الكبير والتميز الواضح سواء على مستوى نتاج عمل الدولة محليا ام دوليا. فلو تم إدارة الدولة محليا بالشكل السليم من المؤكد سينعكس على طبيعتها ومكانتها على المستوى الخارجي.