الاثنين، 16 أبريل 2012

صيانة الحرس القديم


صيانة الحرس القديم
بقلم الدكتور: محمد عبد اشتيوي

"الحرس القديم" مصطلح يتردد يطلق على الذين امضوا فترات زمنية طويلة وهم يعملون في مجال عمل معين, بغض النظر عن المسميات الوظيفية التي شغلوها. ولعل من اطلق هذا المصطلح هم الجيل الجديد من الشباب العامل في نفس اطار العمل نفسه, انطلاقا من احساسهم بالظلم وعدم تكافؤ الفرص بين الجيلين وهذا من حقهم, ولكن يجدر بنا الوقوف عند المصطلح نفسه "الحرس القديم" فهو مصطلح مكون من كلمتين حرس, وقديم, فكلمة حرس جاءت من الحراسة والحراسة شيء ايجابي, فتعني حماية الاشياء من السرقة او الضياع, اما كلمة "قديم" فتاتي تعبيرا عن سنوات الخدمة التي قضاها العنصر البشري في عمله, ولكن العديد من الدول او من المنظمات العاملة لا تعنى كثيرا بهذه الطبقة من العناصر البشرية التي خدمتها وقدمت لها زهرة شبابها وافنت عمرها في سبيل رفعة ونجاح البلد او المنظمة, وتتركهم وتتخلى عنهم بمجرد ان يصلوا الى سن التقاعد, وبعدها تتنصل المنظمة من أي التزامات وظيفية او ادبية تجاههم واعتبارهم كأنهم لم يكونوا في المنظمة اصلا. وهذا امر يتنافى بشكل قطعي من المنظور الحديث تجاه العنصر البشري العامل في المنظمات, فالمنظور الحديث يعتبر العنصر البشري اصلا هاما من اصول المنظمة متمثلا فيما يسمى بالرأسمال الفكري للمنظمة, وهو الأصل الذي لا يمكن سرقته ولا تقليده ابدا, سيما وان المساحة الأكبر للمنافسة بين الدول وبين المنظمات باتت تتمحور حول هذا الأصل الهام, فكلما استطاعت الدولة او المنظمة امتلاك للرأسمال الفكري المميز, كلما كانت متميزة بين اقرانها من الدول او المنظمات المنافسة.
في ضوء ما ذكر يمكننا النظر الى "الحرس القديم" من زاويتين متكاملتين احدهما ايجابي والاخرى سلبي ويمكن الاشارة الى الجوانب الايجابية والسلبية لوجود الحرس القديم على النحو التالي:
اولا: الجوانب الايجابية
-         يمتلكون الخبرات الواسعة التي تساعد في نجاح الاعمال.
-         لديهم المعرفة الكافية بأنظمة العمل والقرارات المتبعة.
-         يستطيعون تمثيل الدولة او المنظمة والعبير عن شخصيتها امام الاخرين.
-         يمتلكون مستوى عالي من التفاعل المشترك داخل الدولة او المنظمة وخارجها.
-         فكرهم يعبر الى حد كبير عن طبيعة الثقافة السائدة في الدولة او المنظمة.
-         تقترن شخصية الدولة او المنظمة بسمات شخصياتهم الى حد كبير.
-         بأفكارهم ومعارفهم يمثلون جزءا من الرأسمال الفكري للدولة او للمنظمة كمقدر من مقدرات الدولة.
ثانيا: الجوانب السلبية
-         استحواذهم على المناصب الهامة نظرا لثقة القيادة العليا بقدراتهم.
-         وجودهم يكرس مبدأ عدم تكافؤ الفرص بين الأجيال العاملة.
-         يستطيعون السيطرة على مقدرات الدولة او المنظمة بطرق قد لا يستطيع ممارستها الأجيال الاخرى.
-         وجودهم يكرس نمطا موحدا الى حد كبير من الثقافة التنظيمية السائدة.
-         تقبلهم لمبدأ التغيير باتجاه الحداثة منخفض الى حد كبير.
-         انخفاض مستوى قدرتهم على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة واساليب العمل المتطورة.
امام هذه المعطيات يجدر بنا ان نفكر بالاتجاه الذي يجعلنا نجمع بين التناقضات الفكرية من حيث النظرة الى الحرس القديم, وذلك من خلال مبدا صيانة هذا الحرس, والصيانة للعنصر البشري تتمثل في الحفاظ عليه والاهتمام به وتوفير كل ما يلزمه من الخدمات الصحية والاجتماعية والوظيفية وغير ذلك, وهذا يتم خلال فترة عمل العنصر البشري في الدولة او المنظمة, او بعد سن التقاعد حتى, وللخروج من حيز التفكير بان الحرس القديم هو قدر مفروض على الدولة او المنظمة, لا بد من تطبيق مبدأ الصيانة العلمية للعنصر البشري تحديدا بعد سن التقاعد والتي يمكن ان تتمثل في العديد من النشاطات والاجراءات التي تقوم بها الدولة مثل:
-         اعتماد الدولة او المنظمة للحرس القديم على انه مرجعية استشارية يمكن الاستفادة المستمرة من خبراتهم وقدراتهم الفكرية والمهارية.
-         مشاركة الدولة او المنظمة مع القطاعات المختلفة مثل القطاع الخاص او القطاع الأهلي او القطاع العام نحو تفعيل واستغلال الحرس القديم بخبراته وامكاناته في مجالات عمل اخرى يمكن ان تنجح فيها, كان يتم تعيين لواء جيش متقاعد مديرا لشركة عامة مثل شركة الاتصالات او شركة الكهرباء او فندق كبير أو غير ذلك.
-         التخطيط الموجه لتطبيق نشاطات اجتماعية أو صحية أو رياضية مثل عمل نوادي تتبع للدولة او المنظمة يمكن للمتقاعد من الدولة او المنظمة الانتساب اليها, او ان يتم توفير تامين صحي دائم للمتقاعد, او اشراك المتقاعد بأحد النشاطات الاجتماعية كعضوية مجالس ادارية للجمعيات التعاونية والخيرية, كل ذلك يسهم في ان يجد المتقاعد ذاته ويبتعد عن شعور الوحدة والتقوقع الذاتي مع نفسه.
بهذا يكون مبدا صيانة العنصر البشري وفر حافزا للحرس القديم للخروج من عمله في الدولة او المنظمة وترك المواقع الوظيفية للأجيال الأخرى, لأن مستقبل خروجه من العمل واضح الى حد كبير فيقبل عليه وهو راضي كل الرضا, مما يبعده عن شعور المنافسة حول البقاء حتى لو على حساب الأجيال الأخرى.   

خلاصة فكرية بعنوان:
المنظمـــــــة المتعلمـــــــة

قد تتداخل المفاهيم والرؤى حول الاطار الضمني لما يسمى بــ (المنظمة المتعلمة) باعتبار أن هذا التداخل ما هو الا نتيجة من نتائج ثورة التطور الحاصل على صعيد العديد من المجالات, سواء في ثقافات الشعوب او في التكنولوجيا المستخدمة في الانتاج او فيما يسمى بــ "مسهلات الحياة" من الملتميديا وغيرها, كل ذلك يتطلب حالة من التوافق ما بين مدخلات الانتاج وآليات وطرق معالجتها وانتاجها, وكذلك الطبيعة التي ستخرج عليها. كما وان كل ذلك يجب ان يتوافق مع المتغيرات الايكولوجية للمنظمة, سما ان المنظمات باتت تعمل في بيئة متغيرة بشكل مستمر متأثرة بمضامين العولمة وما فرضته على طبيعة التكوين المجتمعي, كل ذلك يستدعي ضرورة التعرف على ذاك المحيط الايكولوجي سواء محلياً او عالمياً, والتعرف كذلك على تفاصيل مكوناتها والمتغيرات الفاعلة بها, بهدف ان تسد المنظمات حاجة ورغبة مستهلكيها.
كل ذلك دفع المنظمات الى أن تعمل جاهدة بان ترقى بمستوى انتاجها وما هو مطلوب منها لتستطيع البقاء في السوق, فسعت الى تحسين وتطوير منتجاتها من حيث المدخلات والعمليات والمخرجات, الأمر الذي تطلب تكتسب تلك المنظمات المعارف والخبرات التي تؤهلها لذلك, سيما انها باتت تشعر بانها في موقع المنافسة والتحدي من قبل الشركات العالمية والمحلية, فقد استخدمت المنظمات الحديثة العديد من الاساليب سعيا وراء ان تكون منظمات متعلمة تعتمد بشكل اساسي على عامل المعرفة والرأسمال الفكري, باعتبار ان المنظمة المتعلمة تمتلك من الامكانات ما لم تمتلكه المنظمات التقليدية الأخرى, فقد اعتمدت تلك المنظمات الحديثة على عدة مرتكزات لكسب المعارف والمعلومات والخبرات كي تتحول الى منظمات متعلمة, ومن تلك النقاط ما يلي:
-         اعتماد مبدأ التعليم المستمر بالمنظمة محليا ودولياً.
-         تطوير نظم الاستقطاب والتعيين.
-         التركيز على التدريب التخصصي محليا ودولياً.
-         اعتماد مبدا التدوير  والاثراء الوظيفي.
-         السعي وراء امتلاك مركز معلومات متميز.
-         التركيز على البحث العلمي عند هل المشاكل او تفسير الظواهر.
-         المشاركات الوظيفية وتقاسم الخبرات مع الاخرين.
-         تطبيق مبدأ تمكين العاملين.
في ضوء النقاط المذكورة تكون المنظمة قد هدفت الى ان تتسم بمجموعة من الخصائص التي تميزها عن أقرانها من المنظمات الاخرى, ومن تلك الخصائص ما يلي:
-         تعتمد على عنصر المعرفة والرأسمال الفكري.
-         تهتم بتنمية قدرات وامكانات العاملين فيها.
-         تسعى دوما للتوافق بين منتجاتها والبيئة المحيطة لها.
-         تسعى للانتشار وتوسيع الحصة السوقية .
-         تعتمد على جهاز الاستخبارات المعلوماتي لكسب المعلومات عن تفاصيل السوق.
-         تعتمد على مبدأ الديمقراطية في العمل.
-         تؤمن بالعمل الجماعي "عمل الفريق".
-         غالبا لا تعتد بعامل المكان عند انجاز اعمالها.
-         تركز على جودة مخرجاتها ارضاءً لعملائها.
-         قراراتها ترتكز على دقة المعلومات المحصلة.
-         تهتم بتقسيم هيكلها الاداري الى وحدات ادارية ذاتية الادارة بدلا من المركزية المطلقة.  



خلاصة فكرية بعنوان:
البلــــــــورة الاداريــــــــــة

بقلم الدكتور: محمد عبد اشتيوي
لما كانت الفلسفة تعبيرا عن طلب المعرفة وحب الحكمة وحالة التفكير في التفكير عند الأفراد, فمن الطبيعي ان تتمثل في اسلوب وطريقة الأفراد في استخدام معطيات وأدوات الحياة في حياتهم, معتمدين في ذلك على مجموع المعارف والخبرات المكتسبة لديهم, ومن الطبيعي ان تحصل حالةٍ من التفاوت النسبي بين الافراد سواء من حيث كم أو نوع أو طبيعة المعارف المكتسبة لديهم وكذلك في طبيعة استخدامها والتي ستظهر في النهاية على صيغة سلوكهم الذي يمارسوه, فلو افترضنا وجود مجموعة من الأفراد في مكان واحد وحدثت حادثة معينة أمامهم, فهل ستكون ردات أفعالهم وتعاملهم مع تلك الحادثة موحدة تماما؟ هذا أمر غير منطقي وغير صحيح, فمن الطبيعي ان تتفاوت ردات افعالهم ونظرتهم للتعامل مع الحادثة معتمدين في ذلك على ثقافتهم وخبراتهم ومعارفهم المكتسبة.
وهذا يدفعنا للتفكير في كينونة البلورة الزجاجية متعددة (الجوانب)- الأضلع- فاذا ما تم النظر اليها, هل نستطيع رؤية جميع أضلعها بشكل كامل؟ أم يرى كل واحد منا ما يستطيع رؤيته معتمدا على قدرته على الروية! وهنا لا بد بأن نربط قدرة الانسان على الرؤية بالإمكانات والخبرات والمعارف التي اكتسبها في حياته والتي ستؤهله ان يرى الواقع بطريقته, والمتمثل في أضلع-جوانب- البلورة التي باستطاعته رؤيتها, وكذلك ستؤهله بان يرى الاضلع المخفية افتراضياً بشكل تقديري عبر قدراته أو قواه الخفية, وهي قدرات تنتج عما اكتسبه في حياته من قدرات وخبرات, وبناءً عليه يمكن له أن يتعامل مع البلورة بالشكل السليم.
وينطبق هذا المفهوم على طبيعة التعامل مع العملية الادارية في مراحلها الثلاث (المدخلات, العمليات, المخرجات), فعند التعامل مع المدخلات نجد بان نظرة القائمين على العملية الادارية تختلف من فرد الى اخر من حيث تقديرهم لمكونات الادخال كل حسب نظرته الخاصة المعتمدة على ثقافته وخبراته وقدراته المكتسبة, اذا فواقع التعامل مع مدخلات العملية الإدارية محكوم لتقديرات القائمين عليها, فكلما كان مستوى التقدير والاهمية لها كبيراً، كلما كان التعامل معها بدقة وفعالية اكبر, والعكس صحيح, علماً بأن مستوى التقدير يكون نسبي بين الافراد. وهنا لا بد من التنويه الى أن نسبة التعامل مع الفاقد والمتمثل في الجوانب المخفية او غير المرئية من البلورة له دور كبير في تحديد نجاح او فشل العملية الادارية برمتها, بحيث أنه كلما كانت نسبة الفاقد كبيرة كلما زاد هامش الخطر وزادت امكانية الفشل, والعكس صحيح, فاذا قدرت الجوانب المخفية من البلورة تقديرا افتراضيا سليماً  مبنيا على القدرات والخبرات السابقة, فقد يقلل ذلك من هامش الخطر عند التعامل معها, لأن ذلك سيضع الاداري في حالة ترقب وتوقع لنتائج التعامل مع تلك الجوانب المخفية للبلورة (الفاقد).
كل ذلك يتضح عند الدخول في المرحلة الثانية للعملية الادارية وهي مرحلة العمليات ومعالجة المدخلات, وبإسقاط نفس المفهوم على المرحلة الثانية (العمليات) نجد بأننا أمام تحدٍ جديد من حيث تقدير طبيعة التعامل مع المدخلات وبحسب القيمة والأهمية التي منحت اليها في المرحلة الأولى والتي اعتمدت على المساحة التي تمت رؤيتها وعلى مساحة الفاقد التي لم تتم رؤيتها وتم تقديرها تقديرا, فالعلاقة بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية علاقة ارتباطية وثيقة فكلما كان الاهتمام بالمدخلات كبيراً كان الاهتمام بمرحلة العمليات كذلك كبيرا, والعكس صحيح فعند الاهتمام بمرحلة العمليات لا بد من تسخير وتوظيف كافة الامكانات والطاقات من أجل معالجة تلك المدخلات بالطريقة التي تؤهل للوصول الى أفضل حالة من المعالجة, وهذا يتطلب الدقة وبذل الجهد الكبير والحرص البالغ عند اختيار البدائل في القرارات, سيما بما يخص العمليات الادارية الخمس (التخطيط, التنظيم, التوجيه, الرقابة, التقييم) والتي يتوزع تأثيرها على مراحل العملية الادارية بأسرها, علما بأن مستوى الأهمية والجهد المبذول مرتبط تماما مع مستوى التوقع للنتائج المرجوة, خاصة بالجزئية التي تتعلق بالفاقد او بالجوانب المخفية المقدرة.
أما عند اسقاط مفهوم البلورة الادارية على المرحلة الثالثة من العملية الادارية (المخرجات) نجد بأن هذه المرحلة تضع الاداري أمام معطيات جديدة تتمثل في محصلة نتائج المرحلتين السابقتين –المدخلات, العمليات- وفيها يكون الاداري في وضع استقبال المخرجات للجهد الذي بذله في تلك المرحلتين. وهنا لا بد للمخرجات ان تتمثل في حالة من الحالات التالية:
-          أن تكون المخرجات أكبر مما كان متوقع
-          أن تكون المخرجات أقل مما كان متوقع
-           أن تكون المخرجات مطابقة لما كان متوقع
وكل حالة من الحالات المذكورة تكون قد اعتمدت على مستوى رؤية الاداري لجوانب البلورة (العملية الادارية) ومعدل تقديره للجوانب المخفية من البلورة أي التي قام بتقديرها حسب قدراته وخبراته المكتسبة.

الاثنين، 9 أبريل 2012


خلاصة فكرية بعنوان:
الادارة على المكشوف

بقلم الدكتور: محمد عبد اشتيوي
كم جميل ان تطبق مفاهيم وأساليب الشفافية في المنظمات, لما لها من عوائد واثار ايجابية على العاملين فيها, ولكن السؤال: هل تسمح ادارات المنظمات بتطبيق تلك المفاهيم التي تساعد على كشف وتوضيح مكانة المنظمة في السوق وكشف أرباحها وخسائرها  بدقة للعاملين ولذوي العلاقة بالمنظمة؟
سيما وان المنظمات تعمل في بيئات متنوعة ومتغيرة يحكم عملها عامل المنافسة الكينونية بين المنظمات الاخرى, وأن احتلال المنظمة لمساحة سوقية كبيرة معتمدة على المنافسة يتطلب منها حسن استغلالها لكافة مدخلات الانتاج خاصة ما يختص بمعلومات السوق, علما بان العديد من المنظمات الكبيرة اوجدت دائرة أو قسماً على هيكليتها الادارية تطلق عليه قسم امن المعلومات او قسم المعلومات الاستخباراتية, الهدف منه البحث والتقصي عن المعلومات السوقية التي تتعلق بمجال عمل المنظمة والتي يمكن ان تساعد ادارة المنظمة في اتخاذ القرارات الادارية التكتيكية والاستراتيجية بدقة ونجاح, وغالبا ما يكون طابع تلك المعلومات سرياً يصعب الوصول اليها ويصعب الإباحة بها حتى للعاملين داخل المنظمة او اصحاب العلاقة بها, فكشفها يمكن ان يؤدي الى اخفاق استخدامها وابطال فاعليتها عند استخدامها في أي من القرارات.
والادارة على المكشوف تخالف في مضمونها هذا التصور وتركز على ضرورة اطلاع جميع العاملين وكذلك ذوي العلاقة بالمنظمة على أي معلومات تخص المنظمة سواء من حيث موقف المنظمة التنافسي وارباحها او خسائرها او علاقاتها بالبيئة المحيطة او بالمنظمات الاخرى, كل ذلك يجع العامل في المنظمة او من له علاقة بها داخل حلبة المنافسة الكلية للمنظمة, وترتكز عليه العديد من الأعمال التي يمكن ان تنجح أو تفشل المنظمة من خلالها, فيصبح العامل عارفاً لما يقوم به من اعمال وعارفاً الى اين يسير العمل وما الهدف منه ومدى مشاركته بتحقيق الهدف الكلي للمنظمة, فيعتبر العامل نفسه ترساً يعمل في ماكينة العمل, فاذا اخفق الترس اخفق العمل وفشل.
فالإدارة على المكشوف ما هي الا تعبير عن كشف النقاط والاشياء التي كانت غير مكشوفة للعاملين ولذوي العلاقة بالمنظمة لجعلهم جزءً من هموم أو نجاحات المنظمة, لتدفعهم بتحمل المسئولية الجماعية نحو العمل.
ويمكننا تمثيل ذلك بالمريض الذي يشتكي من مرض معين, الأمر الذي يضع الطبيب والاهل والاصدقاء وكل من له علاقة بالمريض ويعرف عن مرضه امام المسؤولية بالمشاركة في  علاجه, فعند سؤال الطبيب للمريض عن اعراض المرض عنده لا بد للمريض ان يكشف كل ما لديه من معلومات عن المرض فاذا اخفق في ذلك كان على الأهل والاخرين ان يفيدوا بالمعلومات التي يعرفونها أي ان يمارس الجميع مبدأ الكشف عن المعلومات وبشكل مشترك كي يتم تشخيص المرض بدقة وان يوصف العلاج المناسب للمريض والا سيتم تشخيص المرض بشكل خاطئ ويوصف العلاج بشكل خاطئ وستكون النتيجة سلبية ووخيمة على المريض.
وبتسليط الضوء على واقع العديد من المنظمات العاملة في الوطن العربي, نجد بأنها لا تؤمن بمبدأ الادارة على المكشوف, بل تعتمد الى حد كبير على ذاتية الادارة والاجتهادات الشخصية فيها, بعيدا عن مشاركة العاملين او اطلاعهم على تفاصيل العمل كموقف المنظمة في السوق ومدى مساحتها السوقية ونسبة أرباحها الحقيقية أو نسبة خسارتها او ديونها او علاقاتها مع الاخرين, فيكون العاملون لا يعرفون ماذا يعملون كالذي يمشي مغمم العينين, العامل منهم يعمل العمل وهو لا يعرف ما الذي يعمله, وهل عمله سيتكامل مع اعمال اخرى أم انه عمل كلي, ولا يعلم ما اذا كان عمله سيساهم في تحقيق الهدف الكلي للمنظمة, فهو لا يعلم المسافة بين عمله وبين تحقيق الهدف الكلي, كل هذا من شأنه ان ينزع فتيل الدافعية عند العاملين وعند كل من له علاقة مع المنظمة ويثبطهم ويجعلهم متكاسلين مستهترين في اعمالهم, الأمر الذي يبعدهم عن مساهمتهم الفاعلة في تحقيق اهداف المنظمة.  



خلاصة فكرية بعنوان:
ارادة الادارة

بقلم الدكتور: محمد عبد اشتيوي
اذا توفرت الارادة تحقق نجاح الادارة
 تدفعنا هذه الاشارة الى ان نتساءل, ما هي تلك الارادة التي من الممكن ان تحقق للإدارة نجاحها؟
فالإرادة ما هي الا تعبير يجمع بين قوتين رئيسيتين يمتلكهما الانسان بطبيعته, قوة داخلية, واخرى خارجية. فالقوة الداخلية تتمثل في طبيعة وامكانية التحكم في الذات سواء شعوريا ام غير شعوريا, باعتبار ان الارادة هي المحرك الاساس للوظائف البيولوجية للإنسان فجميع مكونات الذات الانسانية تخضع لعامل الارادة حتى العقل يعمل تحت تأثير الارادة باعتباره اداة من ادواتها, فالإرادة تتحكم بتوجيه الجهد الداخلي عن طريق العقل لتخرجه جهدا خارجيا مترجما بالسلوك الانساني, كما ان للعقل تأثيراً واضحاً على ميول واتجاهات الانسان التي تترجم في النهاية الى سلوك ملموس.
اما القوة الخارجية فقد تتمثل في قدرة الانسان على تطبيق وتنفيذ القرارات السلوكية التي صدرت عن العقل وتأثرت بالأساس بالإرادة لتصبح امراً واقعياً ملموساً, وهنا يمكن الاشارة الى ان الارادة ما هي الا تعبير عن حالة من الاصرار العنيد على التنفيذ والجمع بين القوتين الداخلية والخارجية عند الانسان, علما بان الارادة لا تعترف بمتغيرات ومعطيات الواقع المحيط, ولا تضعها في ميزانها الحقيقي وانما تتخطاها في تقديرها الى ما هو ابعد من ذلك, فقد تتقزم الاشياء أمام قوة الارادة وتعظم امام ضعفها, كل هذه المعطيات ترتبط ارتباطا وثيقا بتحقيق ادارة الاشياء, فالعملية الادارية في مضمونها تعتمد اعتماداً كبيراً على امكانية تحويل المدخلات الى مخرجات يمكن الاستفادة منها باعتبارها-المخرجات- اهدافاً يتم تحقيقها, فاذا بنيت العملية الادارية على مرتكزات واسس قوية تكللت بالنجاح, أما اذا اتسمت بالعشوائية فحتمت مصيرها الفشل. ولا بد للعملية الادارية بان ترتكز في نجاحها على فلسفة وتوجه وثقافة وقدرة الانسان الذي يقوم بها, وجميع هذه العوامل ترتبط بقوة مع عامل الارادة, فالإرادة هي التي تحدد مسار تشكيل الفلسفة, ومعالم التوجه, وطبيعة البناء الثقافي عند ذاك الانسان وما يحواه من معطيات متعددة من شأنها ان تساعد في تحقيق الاهداف الرئيسة للعملية الادارية, وعلى ذلك يمكن النظر الى أن ممارسة الادارة المعتمدة على الارادة تكون منطلقة من مبدأ الاصرار على التنفيذ والنجاح مهما كانت العقبات ومهما كانت الامكانات المتوفرة, وسيعتمد نجاح العمل الاداري على مستوى وقوة الارادة في التنفيذ , فكلما كان مستوى الارادة كبيرا  وقويا كانت فرصة النجاح وتحقيق الاهداف المرجوة اكبر لأن الارادة هنا ستكون القوة المحركة والدافعة نحو النجاح, والتي ستحقق حالة من الرضا عن العمل وعن الذات, فمستوى تحقيق الاهداف يتناسب طرديا مع مستوى الرضا عند المنفذين وكذلك يتناسب طرديا مع مستوى وقوة الارادة الكامنة عندهم. فالنجاح يبدأ بإرادة النجاح.
                                                                   


خاطرة بعنوان:
الصـــداقــــــــة
بقلم د. محمد عبد اشتيوي
في زمن تفلتت فيه عرى المواثيق, وتاهت فيه مضامين المعاني, وتفككت بهوجائيته حروف الكلمات لتنتثر في فضاءات الوهم لا تعرف ذاتها من الاخرين, فبات العالم يبحث عن فتات المعاني الجميلة فلم يجد سوى شذرات مسمومة مفعمة بمنهجية الحداثة العمياء التي لا ترى الاخرين الا من ذاتها, وتغلب مبدأ المصلحة على ما دونه من قيم الله, ذلك ما دفع الكثير الى حالة من فقدان القيم الحقيقية للأشياء, وجعلهم يتأرجحون على سراط الحياة المبلل بزيت المنافقين, فمن استطاع ان يفهم تعاليم العالم الجديد وتعامل مع معطياته ومضامينه نجا من الهلاك, اما من تقزم وتاه في تفاصيل الذكريات, هوى في واد سحيق مليء بالأفاعي المجلجلة وتكالبت عليه زخات الحروف السوداء تمطره بوابل من النعوت المغلفة بسوليفان المرحلة.
فمن وسط الزحام وصراع الحروف على كينونتها تآلفت روحان لتبحث عن حروف تجمعهما تظلهما من غطرسة أمطار الطريق, فانتزعتا اجمل الحروف من وسط الكلمات المكسرة, فكانت الألف واللام والصاد والدال وألف اخرى والقاف, ومنحوا الهاء من رحمة الله, فنسجوا مظلة سموها " الصداقة " فباتت تجمعهم من العواصف ومن الشمس ومن جلجلة اجراس الكآبة والحزن, حافظوا عليها بقدر ما حافظوا على كينونتهم. فتبارت السنين ومعها الكثير من الكارهين للحروف التي جمعوها, كانوا يراهنون على مبدأ الحداثة وتجاوز مبدأ المبدأ.
فكانت روح منهما وقد تأصلت في سويدائها بذور سوداء قد انتثرت على ارضية التاريخ القديم قبل ان تلتقي الارواح, فكرست لنفسها جملة من شارات الحداثة تمثلت بالصدق والعفافة والاخلاص, تمثلت بها تحت المظلة المسندة بالحروف التي جمعتها مع توأمها من الأرواح, لتبحث عن تربة خصباء تنمو بها بذورها القديمة, فتتالت دقات السنين واستشاطت وركبت مركبا تكونت جنباته من الشارات المزيفة كي تحقق ذاتها مستغلة كل الفرائس التي تسقط من الصقور في السماء, تلملمها بقناعة المستدرج المستنزف لكل الارواح, سيما الروح التي احتضنتها في ذاتها ومنحتها مالم تمنحه لكينونتها, هي التي عززت عراها وثبتت قدماها وقاتلت عنها لتحماها وسخرت لها الامر كله بيداها, فهي التي كورت مكونات بستان جميل كانت تحرسه بكل ذراتها حتى بالأصدقاء, ولما استوى الأمر على جوده وكاد ان يخمد نعيق الاجراس, اقتضى من هذه الروح ان تذهب نحو تعزيز عراها كما توأمها "روح البذور" فبحثت على من يحفظ تاريخ قهرها وان يمرر الزمان ويحمي البستان, فلم تجد أكمل من "روح البذور" المغلفة بالشارات المنصوصة, التي توجت بها مرحلة تنميق البستان, والتي شاركتها جهود الربان, وعندها اهتزت كل اركان عقول واراء زهرات البستان تعترض على "روح البذور" ظنا بانها ستنثر الحقد وتحصد جمال الورود والجنان, ولكن سذاجة الروح اودتها الى عقد القرار, ففتحت لروح البذور كل ابواب السماء حتى باب الربان, وانابتها في غيابها بحراسة زهرات وشذرات البستان الجميل, وسخرت لها كل ترانيم الألحان لتعزف سيمفونية الوصول والنمو على اوتار نبض كل المكان, فما كان للزهرات الا ان تسعفها بجمالها وبرحيقها وحتى بمضمون وجودها, ولم تعلم ان باب الربان كان يطل على شاطئ سوق النخاسة والهوان, فكانت فترة الغياب والانابة هي الأرض التي نبتت فيها البذور السوداء فأضفتها حتى باتت ارضا لأزلام المجد المزيف, فباتت اشواكا منتثرة في فضاءات البستان الجميل, رويت بلحظات الغياب وأثمان دفعتها الكثير من الأرواح, حتى سيطرت الأشواك على جل جنبات البستان, ولم يبق مكان للزهرات وهيكل الجنان, وتناست روح البذور كل ما كان , فتعالت على كل الأرواح, وارسلتها الى سوق النخاسة المبوب بباب الربان, فكانت روح السذاجة اول سلعة تذروها رياح الغدر محمولة بأشواك المرحلة, حتى باتت تحني نفسها في زوايا البستان تبحث عن مرايا الزمان تدلها على طريقها من بين الأشواك المتشابكة, ولكنها وجدت نفسها هدفا لكل الزهرات المزيفة التي تلونت بلون الأشواك لتحمي ذاتها, فالنيل من روح السذاجة بات تقربا لروح البذور وسوادها, فكبرت وكبرت الأشواك حتى طالت أعالي المظلة التي نسجتها الروحان, فبددت الحروف التي جمعت قديماً لتتناثر في عالم الآهات , متذرعة بمبادئ الحداثة وبناء الذات, واستبدلتها بمظلة جديدة تتناغم مع الحداثة العمياء فانتزعت لها حروفاً من جسد الكلمات بدأت بالخاء من الخوف وتلتها الياء من اليأس والألف من الألم والنون من النتوء والهاء من الهوان. فكانت المظلة لتتماشى مع مبدأ الحداثة وتغير اسم المظلة من مظلة الصداقة الى مظلة الخيانة, فهل لهذه المظلة ان تقي الأوفياء, وهل لها ان تجمع الأصدقاء.      


ايهما افضل النظام الفلسطيني ام الادارة الفلسطينية؟ 

بالنظر الى العديد من المسميات التي تطلق على الهيئات القائمة على حكم البلدان, نجد اكثر من مصطلح يمكن ان يتردد في هذا المجال, ففي عالمنا العربي غالبا ما يتردد مصطلح "النظام العربي, او مؤيدي النظام, او حاشية النظام" فجميعها يلتصق في النهاية بمصطلح النظام, أما في الدول الغربية والاوربية يتردد مصطلح " الادارة الامريكية, او الادارة الألمانية ...الخ" وهنا تم استبعاد مصطلح النظام وحل مكانه مصطلح الادارة. فهل يختلف مضمون مصطلح الادارة عن مضمون مصطلح النظام؟نعم هناك فرق واضح بين المصطلحين, وفي توضيح مبسط للمصطلحين فان النظام ما هو الا عبارة عن مجموعة من العناصر المتشابهة التي تتفاعل مع بعضها البعض لتحقيق هدف مشترك. فعندما نقول " النظام الفلسطيني" او "النظام المصري" مثلا فذلك يتمثل بمجموعة العناصر المتشابهة مثل العنصر السياسي والعنصر الاقتصادي والعنصر الأمني والعنصر الاجتماعي وغيرها من العناصر العاملة ضمن حدود دولة فلسطين والتي تشكل في مجملها "النظام الفلسطيني" او "النظام المصري", ولكن أي نظام من الأنظمة يتشكل من ثلاث مراحل اساسية هي "مرحلة المدخلات, والعمليات, المخرجات" فالنظام الفلسطيني مثلا لا بد له ان يعمل ضمن هذه المراحل الثلاث, فالمرحلة الأولى " المدخلات" تتمثل في جميع المقدرات والمعطيات والمتغيرات الموجودة في الواقع الفلسطيني, وما على النظام الفلسطيني مجتمع الا ان يتعامل معها من خلال المرحلة الثانية وهي مرحلة العمليات, بحيث تقوم جميع العناصر المكونة للنظام الفلسطيني بتحليل وتصنيف المدخلات الموجودة وربطها مع بعضها البعض بحيث تنتقل الى المرحلة الثالثة وهي مرحلة المخرجات التي تتمثل في القرارات سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية وغيرها والتي بدورها تشكل واقع الحياة الفلسطينية بشكل عام.أما لو استخدمنا مصطلح الادارة الفلسطينية, فهو تعبير اشمل وأعم من مصطلح النظام الفلسطيني, حيث ان مصطلح الادارة يشمل على عدد من الوظائف التخصصية الاساسية لإنجاز الاعمال وهي " التخطيط- التنظيم- التوجيه- الرقابة- التقييم" وهذه الوظائف الخمس مطلوب ممارستها من قبل جميع من يعمل في الهيئة القائمة على حكم البلاد, بمعنى ان الجانب السياسي او الجانب الاقتصادي او الجانب الاجتماعي يجب ان يمارس العمليات الادارية الخمس المذكورة كل حسب اختصاصه, علما بأن الادارة في مضمونها تعبر عن تحويل المدخلات الى مخرجات من خلال العنصر البشري, وهنا يتطلب تقسيم العناصر البشرية الى ثلاثة مستويات " ادارة عليا- ادارة وسطى- ادارة دنيا" ولكل ادارة منهم خصائصها وتخصصها واعمالها التي تميزها عن الاخرى .اذن فالادارة الفلسطينية يفترض ان تتكون من مجموعة من الوظائف التخصصية والتي وزعت حسب المستويات الادارية  الثلاثة, أي من المفترض ان تجتمع الوظائف الادارية الخمس مع بعضها البعض لادارة دولة فلسطين, فهناك من يخططون واخرين ينظمون واخرين يوجهون ويفعلون الأعمال واخرين يراقبون الأعمال واخرين يقيمون العمال ويحددون نقاط القوة ونقاط الضعف في الأعمال المنجزة.

وبنظرة بسيطة نجد اننا من خلال ممارسة الادارة يمكن لنا ان ندير العديد من الأنظمة الموجودة مثل النظام السياسي او النظام الاقتصادي او غير ذلك. من هنا كان مصطلح الادارة اشمل واعم من مصطلح النظام, فالنظام يحتاج الى من يديره.        


الجدارة في الادارة 


بالمفهوم البسيط فان مصطلح الجدارة يقترن بمصطلح الجدير والجدير بالشيء هو من يستحقه, ومن يستحق الشيء يفترض ان يمتلك مقومات استحقاقه, فالجدير بجائزة معينة يفترض ان يكون ممتلكا لمتطلبات الحصول على تلك الجائزة. والجدارة عند الأفراد تأتي ضمن مفهوم التميز لفرد دون الاخرين, ولا يأت ذلك التميز الا اعتمادا على الحصول على عناصر التميز, أي امتلاك القدرات والامكانات التي لا يمتلكها الاخرين. وفي ضوء هذا المفهوم حري بنا التركيز على العناصر المميزين في منظمات الاعمال والجديرين بنيل الاشياء التي لا يحق للآخرين نيلها سواء ماديا او معنويا, وعليه يمكننا تعريف الجدارة على انها " تعبير عن مجموع المعارف والمهارات  والاتجاهات والدوافع التي تدفع الافراد المميزين بسلوك يميزهم عن غيرهم في ذلك السلوك" .في ضوء ذلك تجدر الاشارة الى ان عامل الجدارة والتميز عند الافراد له مجموعة من الخصائص التي يجب ان تتوفر في الفرد الجدير يمكن الاشارة اليها على النحو التالي"-         المعرفة: هي تعبير عن كم المعارف التي يمتلكها الفرد في تخصص معين-         الصفات الشخصية: تمثل الخصائص الشخصية التي تميز الفرد عن غيره مثل سرعة البديهة والذكاء وبعد النظر والكياسة والقدرة على ادارة المواقف.-         الاتجاهات: هي تعبير عن قناعات ومعتقدات الفرد التي تحكم وتضبط سلوكه-         المهارات: قدرة الفرد على استغلال المعارف التي اكتسبها وتوظيفها في الجانب التطبيقي العملي-         الدافعية: تعبر عن مستوى القوة الداخلية التي تدفع الفرد باتجاه ممارسة سلوك معين
جميع الخصائص المذكورة من شأنها ان تجعل الفرد مميزا من بين الاخرين اعتمادا على مستوى اكتسابه لهذه الخصائص , والجدير ذكره بان الشخص الجدير او المميز بالشيء غالبا ما يتجه نحو المستويات العليا في ادارة المنظمات, فالمستوى الاداري الذي يستحقه الفرد الجدير هو مستوى الادارة الأعلى من المستوى الذي هو فيه, اعتمادا على تميزه وامتلاكه الخصائص والصفات التي لا يمتلكها الاخرين.   


أنوار المصالحة


الناظر الى الواقع الذي يحياه المواطن الفلسطيني يجده واقع متأرجح يتسم بعدم الاستقرار سواء في الجانب السياسي او الاجتماعي او الاقتصادي, وان حالة عدم الاستقرار هي حالة شبه دائمة نظرا لوجود العديد من المتغيرات التي صنعت هذا الواقع المرير سيما وجود الاحتلال الاسرائيلي والافرازات التي ارساها على ارضنا الفلسطينية المباركة, الأمر الذي استدعى من المسئولين القائمين على حكم هذا الشعب المسكين ان يفكروا بطريقة استثنائية بشكل شبه دائم لكي تتناسب مع الحالة التي يعيشها الوطن, ومع المتغيرات المتقلبة التي اصبحت سيدة الموقف بشكل مستمر, وذلك باتجاه ما يحقق حالة الصمود والتحدي في وجه المحتل الغاصب لأرضنا ومقدراتنا. ومن الاحداث الساخنة التي الهبت عقل المواطن الفلسطيني ازمة الكهرباء والمحروقات التي جفت من السوق الفلسطيني في قطاع غزة, وبغض النظر عن اسباب وتفاصيل هذه الازمة رغم مرارتها التي لعثمت المواطن الفلسطيني وجعلته يعزف عن الكثير من مناحي الحياة من مرارتها, ولكن يجدر التركيز على نقطة تحول هامة في هذا الملف تمثلت في حالة الالتقاء والتوافق على فكرة محددة واليات واجراءات مشتركة جمعت طرفي القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والتي كانت ثمرتها ان اضيء قطاع غزة وعاد ولو جزء من الدم في عروق القطاع لتدب الحياة في العديد من جوانب حياة المواطن المغلوب على امره, وهذا ما لفت انظار الكثير من ابناء الشعب الفلسطيني في خضم الاحداث الملاحقة والمواضيع الساخنة التي تتبارى على الساحة الفلسطينية, حيث استنهضت هذه الازمة كل الهمم من قيادتي الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وان كان لكل منهم طريقته واسلوبه في ادارة الازمة القائمة, حتى اصبح المواطن الفلسطيني متلهفا على خبر من هنا او من هناك, بعد ان بات يشعر بأنه يعيش الظلام بجانب ظلم العالم له, وان أي ازمة من الازمات حتى لو كانت في اقصى بلاد العالم يجب عليه ان يدفع ثمنها, فتارة يستبشر عند تصريح هذا او ذاك وتارة يستنكر عند تصريح هذا او ذاك, حتى اصبح المواطن يعي ويدرك ان ما يدور حوله ما هو الا استخفاف بعقلة وبكيانه, ومعرفته بان قيادته تعتبره المادة الخام التي تصنع منها الانتصارات في الازمات والاشكالات القائمة, لذلك فان المواطن البسيط عندما نادى بالمصالحة الوطنية الفلسطينية وجمع الشمل الفلسطيني ككل متكامل لم يكن مخطئا, وهذا ما اكدته نتيجة الالتقاء في حل ازمة الكهرباء القائمة, فالمصالحة هي مفتاح النجاة والنجاح لحالة الصمود الفلسطيني في وجه المحتلين ووجه كل المتآمرين على فلسطين الحبيبة, وهي الطريق التي ستمكننا من الحفاظ على مقدساتنا ومقدرات شعبنا مشتركين مجمعين لكل الطيف الفلسطيني, فلا بد ان تستجيب الادارات الحاكمة لشعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة الى كل المتغيرات التي تدفع باتجاه المصالحة الوطنية, لكي تنعكس نتائجها على المواطن كما انعكس الاتفاق حول حل ازمة الكهرباء. علما بان الالتقاء حول حل هذه الازمة له العديد من المدلولات, ولكن يجدر التركيز على زاوية هامة من تلك المدلولات يعتقد بانها فعالة في نجاح او فشل العلاقات بين البشر, وهي زاوية الفكر والمعتقد, فان الالتقاء الفكري والعقدي بين البشر اقوى بكثير من الالتقاء حول المصالح المشتركة, لأن المصلحة التي جمعت الاطراف من شانها ان تزول لأي سبب كان او ان تتغير المعطيات التي اوجدتها فتتغير العلاقات التي ترتبت عليها, فاللقاء الذي جمع قيادة غزة بقيادة الضفة الغربية لا شك بانه احتكم الى العديد من المحددات من ضمنها المصلحة المشتركة, وهذا  شيء جميل, ولكن لو اعتقدنا ان ما يجمع القيادتين هو فكر ومعتقد مشترك, فمن المؤكد ان النتائج المترتبة ستدوم وستجد من يحميها من الطرفين, لذا فان شعبنا الفلسطيني بحاجة ماسة الى قادة فكر اكثر بكثير من قادة لإدارة المرحلة, فصراعنا مع اعدائنا صراع عقدي وفكري, صراع كينونة يحتاج الى من يعيد تأثيث العقول بمعطيات توجه السفينة باتجاهها الصحيح, شعبنا يحتاج من يقدم مصلحة فلسطين وشعبها المظلوم على أي من المصالح الذاتية او التنظيمية او الاقليمية او الدولية, يحتاج الى جيل يحمل في جعبته دوما نقاط الالتقاء ويبتعد عن نقاط الاختلاف التي من شأنها ان تمزق الكل الفلسطيني, ويحافظ على هذه الارض الطاهرة وعلى مقدساتها .