الاثنين، 9 أبريل 2012


خلاصة فكرية بعنوان:
الادارة على المكشوف

بقلم الدكتور: محمد عبد اشتيوي
كم جميل ان تطبق مفاهيم وأساليب الشفافية في المنظمات, لما لها من عوائد واثار ايجابية على العاملين فيها, ولكن السؤال: هل تسمح ادارات المنظمات بتطبيق تلك المفاهيم التي تساعد على كشف وتوضيح مكانة المنظمة في السوق وكشف أرباحها وخسائرها  بدقة للعاملين ولذوي العلاقة بالمنظمة؟
سيما وان المنظمات تعمل في بيئات متنوعة ومتغيرة يحكم عملها عامل المنافسة الكينونية بين المنظمات الاخرى, وأن احتلال المنظمة لمساحة سوقية كبيرة معتمدة على المنافسة يتطلب منها حسن استغلالها لكافة مدخلات الانتاج خاصة ما يختص بمعلومات السوق, علما بان العديد من المنظمات الكبيرة اوجدت دائرة أو قسماً على هيكليتها الادارية تطلق عليه قسم امن المعلومات او قسم المعلومات الاستخباراتية, الهدف منه البحث والتقصي عن المعلومات السوقية التي تتعلق بمجال عمل المنظمة والتي يمكن ان تساعد ادارة المنظمة في اتخاذ القرارات الادارية التكتيكية والاستراتيجية بدقة ونجاح, وغالبا ما يكون طابع تلك المعلومات سرياً يصعب الوصول اليها ويصعب الإباحة بها حتى للعاملين داخل المنظمة او اصحاب العلاقة بها, فكشفها يمكن ان يؤدي الى اخفاق استخدامها وابطال فاعليتها عند استخدامها في أي من القرارات.
والادارة على المكشوف تخالف في مضمونها هذا التصور وتركز على ضرورة اطلاع جميع العاملين وكذلك ذوي العلاقة بالمنظمة على أي معلومات تخص المنظمة سواء من حيث موقف المنظمة التنافسي وارباحها او خسائرها او علاقاتها بالبيئة المحيطة او بالمنظمات الاخرى, كل ذلك يجع العامل في المنظمة او من له علاقة بها داخل حلبة المنافسة الكلية للمنظمة, وترتكز عليه العديد من الأعمال التي يمكن ان تنجح أو تفشل المنظمة من خلالها, فيصبح العامل عارفاً لما يقوم به من اعمال وعارفاً الى اين يسير العمل وما الهدف منه ومدى مشاركته بتحقيق الهدف الكلي للمنظمة, فيعتبر العامل نفسه ترساً يعمل في ماكينة العمل, فاذا اخفق الترس اخفق العمل وفشل.
فالإدارة على المكشوف ما هي الا تعبير عن كشف النقاط والاشياء التي كانت غير مكشوفة للعاملين ولذوي العلاقة بالمنظمة لجعلهم جزءً من هموم أو نجاحات المنظمة, لتدفعهم بتحمل المسئولية الجماعية نحو العمل.
ويمكننا تمثيل ذلك بالمريض الذي يشتكي من مرض معين, الأمر الذي يضع الطبيب والاهل والاصدقاء وكل من له علاقة بالمريض ويعرف عن مرضه امام المسؤولية بالمشاركة في  علاجه, فعند سؤال الطبيب للمريض عن اعراض المرض عنده لا بد للمريض ان يكشف كل ما لديه من معلومات عن المرض فاذا اخفق في ذلك كان على الأهل والاخرين ان يفيدوا بالمعلومات التي يعرفونها أي ان يمارس الجميع مبدأ الكشف عن المعلومات وبشكل مشترك كي يتم تشخيص المرض بدقة وان يوصف العلاج المناسب للمريض والا سيتم تشخيص المرض بشكل خاطئ ويوصف العلاج بشكل خاطئ وستكون النتيجة سلبية ووخيمة على المريض.
وبتسليط الضوء على واقع العديد من المنظمات العاملة في الوطن العربي, نجد بأنها لا تؤمن بمبدأ الادارة على المكشوف, بل تعتمد الى حد كبير على ذاتية الادارة والاجتهادات الشخصية فيها, بعيدا عن مشاركة العاملين او اطلاعهم على تفاصيل العمل كموقف المنظمة في السوق ومدى مساحتها السوقية ونسبة أرباحها الحقيقية أو نسبة خسارتها او ديونها او علاقاتها مع الاخرين, فيكون العاملون لا يعرفون ماذا يعملون كالذي يمشي مغمم العينين, العامل منهم يعمل العمل وهو لا يعرف ما الذي يعمله, وهل عمله سيتكامل مع اعمال اخرى أم انه عمل كلي, ولا يعلم ما اذا كان عمله سيساهم في تحقيق الهدف الكلي للمنظمة, فهو لا يعلم المسافة بين عمله وبين تحقيق الهدف الكلي, كل هذا من شأنه ان ينزع فتيل الدافعية عند العاملين وعند كل من له علاقة مع المنظمة ويثبطهم ويجعلهم متكاسلين مستهترين في اعمالهم, الأمر الذي يبعدهم عن مساهمتهم الفاعلة في تحقيق اهداف المنظمة.  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق