الاثنين، 9 أبريل 2012


أنوار المصالحة


الناظر الى الواقع الذي يحياه المواطن الفلسطيني يجده واقع متأرجح يتسم بعدم الاستقرار سواء في الجانب السياسي او الاجتماعي او الاقتصادي, وان حالة عدم الاستقرار هي حالة شبه دائمة نظرا لوجود العديد من المتغيرات التي صنعت هذا الواقع المرير سيما وجود الاحتلال الاسرائيلي والافرازات التي ارساها على ارضنا الفلسطينية المباركة, الأمر الذي استدعى من المسئولين القائمين على حكم هذا الشعب المسكين ان يفكروا بطريقة استثنائية بشكل شبه دائم لكي تتناسب مع الحالة التي يعيشها الوطن, ومع المتغيرات المتقلبة التي اصبحت سيدة الموقف بشكل مستمر, وذلك باتجاه ما يحقق حالة الصمود والتحدي في وجه المحتل الغاصب لأرضنا ومقدراتنا. ومن الاحداث الساخنة التي الهبت عقل المواطن الفلسطيني ازمة الكهرباء والمحروقات التي جفت من السوق الفلسطيني في قطاع غزة, وبغض النظر عن اسباب وتفاصيل هذه الازمة رغم مرارتها التي لعثمت المواطن الفلسطيني وجعلته يعزف عن الكثير من مناحي الحياة من مرارتها, ولكن يجدر التركيز على نقطة تحول هامة في هذا الملف تمثلت في حالة الالتقاء والتوافق على فكرة محددة واليات واجراءات مشتركة جمعت طرفي القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والتي كانت ثمرتها ان اضيء قطاع غزة وعاد ولو جزء من الدم في عروق القطاع لتدب الحياة في العديد من جوانب حياة المواطن المغلوب على امره, وهذا ما لفت انظار الكثير من ابناء الشعب الفلسطيني في خضم الاحداث الملاحقة والمواضيع الساخنة التي تتبارى على الساحة الفلسطينية, حيث استنهضت هذه الازمة كل الهمم من قيادتي الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وان كان لكل منهم طريقته واسلوبه في ادارة الازمة القائمة, حتى اصبح المواطن الفلسطيني متلهفا على خبر من هنا او من هناك, بعد ان بات يشعر بأنه يعيش الظلام بجانب ظلم العالم له, وان أي ازمة من الازمات حتى لو كانت في اقصى بلاد العالم يجب عليه ان يدفع ثمنها, فتارة يستبشر عند تصريح هذا او ذاك وتارة يستنكر عند تصريح هذا او ذاك, حتى اصبح المواطن يعي ويدرك ان ما يدور حوله ما هو الا استخفاف بعقلة وبكيانه, ومعرفته بان قيادته تعتبره المادة الخام التي تصنع منها الانتصارات في الازمات والاشكالات القائمة, لذلك فان المواطن البسيط عندما نادى بالمصالحة الوطنية الفلسطينية وجمع الشمل الفلسطيني ككل متكامل لم يكن مخطئا, وهذا ما اكدته نتيجة الالتقاء في حل ازمة الكهرباء القائمة, فالمصالحة هي مفتاح النجاة والنجاح لحالة الصمود الفلسطيني في وجه المحتلين ووجه كل المتآمرين على فلسطين الحبيبة, وهي الطريق التي ستمكننا من الحفاظ على مقدساتنا ومقدرات شعبنا مشتركين مجمعين لكل الطيف الفلسطيني, فلا بد ان تستجيب الادارات الحاكمة لشعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة الى كل المتغيرات التي تدفع باتجاه المصالحة الوطنية, لكي تنعكس نتائجها على المواطن كما انعكس الاتفاق حول حل ازمة الكهرباء. علما بان الالتقاء حول حل هذه الازمة له العديد من المدلولات, ولكن يجدر التركيز على زاوية هامة من تلك المدلولات يعتقد بانها فعالة في نجاح او فشل العلاقات بين البشر, وهي زاوية الفكر والمعتقد, فان الالتقاء الفكري والعقدي بين البشر اقوى بكثير من الالتقاء حول المصالح المشتركة, لأن المصلحة التي جمعت الاطراف من شانها ان تزول لأي سبب كان او ان تتغير المعطيات التي اوجدتها فتتغير العلاقات التي ترتبت عليها, فاللقاء الذي جمع قيادة غزة بقيادة الضفة الغربية لا شك بانه احتكم الى العديد من المحددات من ضمنها المصلحة المشتركة, وهذا  شيء جميل, ولكن لو اعتقدنا ان ما يجمع القيادتين هو فكر ومعتقد مشترك, فمن المؤكد ان النتائج المترتبة ستدوم وستجد من يحميها من الطرفين, لذا فان شعبنا الفلسطيني بحاجة ماسة الى قادة فكر اكثر بكثير من قادة لإدارة المرحلة, فصراعنا مع اعدائنا صراع عقدي وفكري, صراع كينونة يحتاج الى من يعيد تأثيث العقول بمعطيات توجه السفينة باتجاهها الصحيح, شعبنا يحتاج من يقدم مصلحة فلسطين وشعبها المظلوم على أي من المصالح الذاتية او التنظيمية او الاقليمية او الدولية, يحتاج الى جيل يحمل في جعبته دوما نقاط الالتقاء ويبتعد عن نقاط الاختلاف التي من شأنها ان تمزق الكل الفلسطيني, ويحافظ على هذه الارض الطاهرة وعلى مقدساتها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق