الاثنين، 16 أبريل 2012



خلاصة فكرية بعنوان:
البلــــــــورة الاداريــــــــــة

بقلم الدكتور: محمد عبد اشتيوي
لما كانت الفلسفة تعبيرا عن طلب المعرفة وحب الحكمة وحالة التفكير في التفكير عند الأفراد, فمن الطبيعي ان تتمثل في اسلوب وطريقة الأفراد في استخدام معطيات وأدوات الحياة في حياتهم, معتمدين في ذلك على مجموع المعارف والخبرات المكتسبة لديهم, ومن الطبيعي ان تحصل حالةٍ من التفاوت النسبي بين الافراد سواء من حيث كم أو نوع أو طبيعة المعارف المكتسبة لديهم وكذلك في طبيعة استخدامها والتي ستظهر في النهاية على صيغة سلوكهم الذي يمارسوه, فلو افترضنا وجود مجموعة من الأفراد في مكان واحد وحدثت حادثة معينة أمامهم, فهل ستكون ردات أفعالهم وتعاملهم مع تلك الحادثة موحدة تماما؟ هذا أمر غير منطقي وغير صحيح, فمن الطبيعي ان تتفاوت ردات افعالهم ونظرتهم للتعامل مع الحادثة معتمدين في ذلك على ثقافتهم وخبراتهم ومعارفهم المكتسبة.
وهذا يدفعنا للتفكير في كينونة البلورة الزجاجية متعددة (الجوانب)- الأضلع- فاذا ما تم النظر اليها, هل نستطيع رؤية جميع أضلعها بشكل كامل؟ أم يرى كل واحد منا ما يستطيع رؤيته معتمدا على قدرته على الروية! وهنا لا بد بأن نربط قدرة الانسان على الرؤية بالإمكانات والخبرات والمعارف التي اكتسبها في حياته والتي ستؤهله ان يرى الواقع بطريقته, والمتمثل في أضلع-جوانب- البلورة التي باستطاعته رؤيتها, وكذلك ستؤهله بان يرى الاضلع المخفية افتراضياً بشكل تقديري عبر قدراته أو قواه الخفية, وهي قدرات تنتج عما اكتسبه في حياته من قدرات وخبرات, وبناءً عليه يمكن له أن يتعامل مع البلورة بالشكل السليم.
وينطبق هذا المفهوم على طبيعة التعامل مع العملية الادارية في مراحلها الثلاث (المدخلات, العمليات, المخرجات), فعند التعامل مع المدخلات نجد بان نظرة القائمين على العملية الادارية تختلف من فرد الى اخر من حيث تقديرهم لمكونات الادخال كل حسب نظرته الخاصة المعتمدة على ثقافته وخبراته وقدراته المكتسبة, اذا فواقع التعامل مع مدخلات العملية الإدارية محكوم لتقديرات القائمين عليها, فكلما كان مستوى التقدير والاهمية لها كبيراً، كلما كان التعامل معها بدقة وفعالية اكبر, والعكس صحيح, علماً بأن مستوى التقدير يكون نسبي بين الافراد. وهنا لا بد من التنويه الى أن نسبة التعامل مع الفاقد والمتمثل في الجوانب المخفية او غير المرئية من البلورة له دور كبير في تحديد نجاح او فشل العملية الادارية برمتها, بحيث أنه كلما كانت نسبة الفاقد كبيرة كلما زاد هامش الخطر وزادت امكانية الفشل, والعكس صحيح, فاذا قدرت الجوانب المخفية من البلورة تقديرا افتراضيا سليماً  مبنيا على القدرات والخبرات السابقة, فقد يقلل ذلك من هامش الخطر عند التعامل معها, لأن ذلك سيضع الاداري في حالة ترقب وتوقع لنتائج التعامل مع تلك الجوانب المخفية للبلورة (الفاقد).
كل ذلك يتضح عند الدخول في المرحلة الثانية للعملية الادارية وهي مرحلة العمليات ومعالجة المدخلات, وبإسقاط نفس المفهوم على المرحلة الثانية (العمليات) نجد بأننا أمام تحدٍ جديد من حيث تقدير طبيعة التعامل مع المدخلات وبحسب القيمة والأهمية التي منحت اليها في المرحلة الأولى والتي اعتمدت على المساحة التي تمت رؤيتها وعلى مساحة الفاقد التي لم تتم رؤيتها وتم تقديرها تقديرا, فالعلاقة بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية علاقة ارتباطية وثيقة فكلما كان الاهتمام بالمدخلات كبيراً كان الاهتمام بمرحلة العمليات كذلك كبيرا, والعكس صحيح فعند الاهتمام بمرحلة العمليات لا بد من تسخير وتوظيف كافة الامكانات والطاقات من أجل معالجة تلك المدخلات بالطريقة التي تؤهل للوصول الى أفضل حالة من المعالجة, وهذا يتطلب الدقة وبذل الجهد الكبير والحرص البالغ عند اختيار البدائل في القرارات, سيما بما يخص العمليات الادارية الخمس (التخطيط, التنظيم, التوجيه, الرقابة, التقييم) والتي يتوزع تأثيرها على مراحل العملية الادارية بأسرها, علما بأن مستوى الأهمية والجهد المبذول مرتبط تماما مع مستوى التوقع للنتائج المرجوة, خاصة بالجزئية التي تتعلق بالفاقد او بالجوانب المخفية المقدرة.
أما عند اسقاط مفهوم البلورة الادارية على المرحلة الثالثة من العملية الادارية (المخرجات) نجد بأن هذه المرحلة تضع الاداري أمام معطيات جديدة تتمثل في محصلة نتائج المرحلتين السابقتين –المدخلات, العمليات- وفيها يكون الاداري في وضع استقبال المخرجات للجهد الذي بذله في تلك المرحلتين. وهنا لا بد للمخرجات ان تتمثل في حالة من الحالات التالية:
-          أن تكون المخرجات أكبر مما كان متوقع
-          أن تكون المخرجات أقل مما كان متوقع
-           أن تكون المخرجات مطابقة لما كان متوقع
وكل حالة من الحالات المذكورة تكون قد اعتمدت على مستوى رؤية الاداري لجوانب البلورة (العملية الادارية) ومعدل تقديره للجوانب المخفية من البلورة أي التي قام بتقديرها حسب قدراته وخبراته المكتسبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق