السبت، 21 يوليو 2018

المواطنة المنقوصة

د . محمد عبد اشتيوي
يولد المواطن الفلسطيني بالفطرة منتمياً لأرضه ووطنه، مفعماً بتعابير الوطن التي تشكل كينونته الوطنية . والتي من خلالها يمكن ان يتشكل مضمون المواطنة لديه وهي المضمون الذي يعبر عن التزام المواطن الادبي والاخلاقي بتقديم الواجب الوطني واي متطلبات او سلوكيات من شانها خدمة الوطن دون ان ينتظر اي مقابل. وهو تعبير واضح عن الانتماء الوطني الصادق. الامر الذي يحقق لدى المواطن حالة من الرضا عن الذات تجاه الوطن. ففي اغلب دول العالم ينظر الوطن الى مواطنيه نظرة واجب في تحقيق الرفاهية ومتطلبات الحياة والتي بالتأكيد ستنعكس على تحقيق الرضا عند المواطن.
اما في قطاع غزة يتضح بان مضمون المواطنة منقوص. وذلك نظراً لوجود خلل في تحقيق المعادلة، فبالرغم من تبني السواد الاعظم من ابناء شعبنا لمضامين المواطنة الحقيقية والانتماء الحقيقي للوطن ويقدموا كل ما لديهم من امكانات ، الا انهم لم يشعروا بالرضا الوطني نظرا لحالة العجز التي يمر بها الوطن فاصبح غير قادر على تلبية احتياجات المواطن، اصبح غير قادر على تحقيق الرضا لديه، فلا ماء ولا كهرباء ولا عمل ولا سفر ولا مستقبل . فغياب الامل لجيل ان لم يكن لأجيال متعاقبة جعل من معادلة المواطنة مختلة وغير متوازنة. وهو ما جعل اليأس الوطني يتسلل لدي العديد من ابناء قطاع غزة، وهو ما دفعهم الى الدخول في حالة احباط وفتور وتنكر لأغلب متغيرات المرحلة التي يمكنها ان تؤثر في صياغة الواقع الحالي. وهو ما يمكن التعبير عنه بالمواطنة المنقوصة . فان اي تراجع لدافعية المواطن نحو تقديم ولو جزء من خدماته وقدراته وامكاناته للوطن يمكن تشخيصه بانه مواطنة منقوصة. 
امام هذه الحالة فلا بد من تعزيز الوعي الوطني لدى الاجيال المتعاقبة والتاكيد على ان المواطن يجب ان يعطي الوطن ولا ينتظر اي مقابل ، وان الحالة الوي يمر رها الوطن فلسين وقطاع غزة تحديداً هي حالة لا ارادية فرضها الاحتلال الإسرائيلي ومعه متغيرات المنطقة والاقليم والتفاعلات الدولية. وهو ما يشكل حالة مرضية استثنائية يجب ان يتشافى ويتعافى منها الوطن عبر تعزيز مفهوم المواطنة الصادقة وبذل كل جهد يمكنه ان يسهم في طرد الاحتلال من على ارضنا ومن سمائنا وبحرنا لتتحقق معادلة المواطنة بشقيها بشكل متوازن .
قطاع غزة يحتاج منا الكثير وان المخزون الوطني الموجود في قطاع غزة كبير وكبير جدا . يمكن لكل الوطن فلسطين الاعتماد عليه في معادلة التحرير. وان ذلك المخزون حتما لا ينضب مهما تسلل الاحباط وانغلاق الافق والشعور بالتردي الوطني. فقطاع غزة سيبقى عمود الخيمة الوطنية لقضيتنا الفلسطينية . ومهما اشتدت المؤامرات عليه سيبقى ابناؤه هم الاجدر بحمل راية المشروع الوطني بجانب كل الشرفاء من ابناء الوطن فامام الوطن فلا بد وان تزول كل عوامل التجزئة الجغرافية وان تنصهر كل الامكانات والقوى والمقدرات في بوتقة الوطن الكبيرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق