السبت، 21 يوليو 2018

غزة المدينة الفاصلة

د . محمد عبد اشتيوي
تعاقبت المؤامرات بكافة ألوانها وانواعها على قطاع غزة عبر مراحل طويلة من الزمن، وما كانت غزة الا الصخرة التي تتحطم عليها تلك المؤامرات، وكثير هم من تمنوا كما تمنى "رابين"زوال قطاع غزة من الخارطة الجيوسياسية وأن يبتلعها البحر وتغرق، لكنهم وفي كل مرة يتيقنوا من ان قطاع غزة يذود بجذوة النضال وتتفلق كل الساكنات ليخرج اشباله ونساؤه وشيوخه لتنتفض في وجه ظالميه ومغتصبيه والمتآمرين عليه، ويثبت بانه يمثل بيضة القبان في المعادلة الفلسطينية ككل ولربما في منظومة الامن الاقليمي بشكل عام، ولما كان افلاطون قد تمنى قديماً ان تتحقق المدينة التي يحكمها الفلاسفة ظناً منه انهم لحكمتهم سوف يجعلون كل شيء في تلك المدينة معيارياً، وبناء عليه ستكون مدينة فاضلة. اصطدم بالكثير من المعطيات والعقبات التي تزيد من الابتعاد عن تحقيق حلمه.

أما ونحن أمام جميع المبادرات والخطط والقرارات التي ذهبت لتطويع قطاع غزة وجعله مدحي تحت وطأة اي من الجبابرة والحكام بهدف خدمة توجهات غربية احتلالية في المنطقة للحفاظ على مصالحها ، فيجب ان يدركوا جيداً بأن غزة لن تكون المدينة الفاضلة التي حلم بها افلاطون، ولن تكون المدينة التي تسير وفق معايير للأسف اعتقدوا انهم وضعوها وما على قطاع غزة أن يسير عليها. والتعبير عن مدينة غزة كمدينة فاصلة هو تعبير عن ضمنية جغرافيا قطاع غزة ككل.

وفي كل مرة تثبت غزة بانها المدينة الفاصلة وليس المدينة الفاضلة التي تمناها اعداؤها، فكانت الفاصلة لكل المؤامرات والصراعات التي دارت حولها ، وجعلت من نفسها مخزوناً وطنياً على المستوى الاستراتيجي لقضيتنا الفلسطينية، غزة المدينة الفاصلة عندما افشلت كل المشاريع التمريرية التي حاول الكثيرين زرعها في حنايا وفكر ووجدان ابناء قطاع غزة.، غزة المدينة الفاصلة عندما سطرت صمودها خلال عدة حروب شنت عليها ولم تعطي عدونا نشوة النصر ولو للحظة، بالرغم من كل التضحيات التي قدمتها غزة، غزة المدينة الفاصلة عندما وقفت في وجه الصلف الاسرائيلي عند محاولته الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة والي خطط لها شارون منذ التفكير في الانسحاب احادي الجانب عام ٢٠٠٥ فحققت قطبي معادلة وطنية اصبحت عنواناً لكل الوطنيين في فلسطين وهي (لا دولة في غزة ولا دولة بدون غزة) وهذا يؤكد بان غزة هي المدينة الفاصلة في مصير قضيتنا الفلسطينية ككل..

والمتتبع سياسياً لأبعاد صفقة القرن يجد بان تحقيق المشروع اليهودي في المنطقة وضمان امنه واستقراره ككيان له معالمة السيادية الخاصة ارتبط بقطاع غزة، الذي يسعى الى قذفه خارج الجسم الفلسطيني الاصيل باتجاه شبه جزيرة سيناء، وهو تعبير حقيقي عن مدى تاثير قطاع غزة في المشروع الصهيوامريكي الجديد، وهنا كذلك كانت وما زالت غزة هي المدينة الفاصلة، التي تقف كشوكة في حلق كل من يحاول تمرير ذاك المشروع التصفوي لقضيتنا الفلسطينية. فلا ولم ولن تسمح غزة ان تقذف في غياهب الجغرافيا الجديدة لتكون العتبة الحقيقية لتعميد المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة.فلن تتحقق احلام اعدائنا تجاه قطاع غزة وستبقى غزة المدينة الفاصلة في كل مؤامراتهم، ولن تكون المدينة الفاضلة كما يحلمون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق