السبت، 21 يوليو 2018

غزة بين التفجير والتهجير

د . محمد عبد اشتيوي

بعد عملية التفجير التي استهدفت موكب رئيس الوزراء ومعه مدير المخابرات القادمين من رام الله الى غزة، يغلب التفكير عند الجميع في من هم وراء ذلك التفجير، منتظرين نتائج التحقيق التي تطحن في رحاها كل التفاصيل التي يمكن ان تدل على الفاعل، على اعتبار ان التعرف عليه سيحدد الهدف من التفجير ومن الجهة المستفيدة مما حصل.
وفي اطار تحليل احد السيناريوهات المتوقع بانه يطبق على قطاع غزه، ان تبدأ حالة ارباك للمشهد السياسي المتعلق بوضعية قطاع غزة، وان توضع كثباناً من العقبات امام اتمام المصالحة وانهاء الانقسام بين شطري الوطن، سيما وان حركتي فتح وحماس وصلتا الى حد كبير من الجمود في سيرورة اجراءات تنفيذ الاتفاقات بينهما، فكان التفجير وما تلاه من ارتدادات سعيا من عدة جهات تتآمر على قطاع غزة وتذهب نحو خلق جبهة اتهامات متبادلة بين الطرفين وهو ما سيزيد من الشقة والمسافة بينهما، وان تغذية هذه الحالة من اللجاجة قد تتطور تدريجياً من خلال استبدال نمط الاتهامات الى الاعتداءات المتبادلة، وقد تتمثل الاعتداءات على قطاع غزة بمزيد من العقوبات وتضييق الخناق اكثر واكثر مثل التجفيف شبه الكامل للموارد المالية او منع دخول المحروقات او منع دخول بعض مستلزمات الحياة اليومية او تخفيض نسبة الكهرباء او تعطيل عمل البنوك او غير ذلك مما يمكنه شل عصب الحياة لي القطاع ، واعتبار التفجير الذي حصل بمثابة نقطة انطلاق لكرة الثلج المتدحرجة التي سيزداد في ضوئها مسلسل من التفجيرات الهلامية، وبذلك تكون قد تحققت مرحلة فقدان السيطرة على الامن من قبل حركة حماس وهو ما يجعلها متهمة امام الجماهير وامام كل المحافل بانها جعلت غزة مرتعاً للإرهاب وان حياة المواطنين فيهة غير آمنة، وهو ما سيكون مبرراً لتدخلات عديدة من اكثر من جهة، فحالة الفلتان الامني قد تكون جزءاً من سيناريو صفقة القرن ، حيث سيصبح المواطن الغزي لا يفكر الا بالنجاة بنفسه واهله وبالهروب من دوامة العنف والتفجيرات الحاصلة في غزة ، وحينها سيكون المواطن الغزاوي مهيأً للهجرة من قطاع غزة الى اي مكان آخر آمن، وهو ما سيتطابق مع المخطط الذي تسرب في وسائل الاعلام الخاص بتطبيق صفقة القرن التي جاء بها الرئيس الامريكي دونالد ترامب والذي يحوى اقامة كيان سياسي في غزة يسمى دولة غزة الكبرى بعد ضم جزء من الاراضي المصرية من شمال سيناء او ما يطلقون عليه بغلاف غزة، فتبدأ حالة الهجرة من غزة الى الاراضي السيناوية بحثاً عن الامان ليصار تشكيل كيان سياسي جغرافي موحد يدمج بين اراضي قطاع غزة وبين غلافها المقتطع اراضي سيناء. يسمى دولة غزة الكبرى.
اذن يكون بذلك التفجير هو بداية التهجير، واذا كان الامر كذلك فليس من الضروري معرفة الاشخاص الفاعلين بقدر ما هو ضروري معرفة الجهة التي تقف خلفه، نظراً لان المعادلة لا تتمثل اطرافها بأشخاص وانما بجهات او جماعات او حتى دول لها اهدافها واجنداتها الخاصة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق