السبت، 21 يوليو 2018

فقدان البوصلة السياسية

د . محمد عبد اشتيوي

من السذاجة السياسية لو اعتقدنا ان عدم تحديد معالم مرحلة ما بعد الرئيس ابو مازن ليست من صالح الاحتلال الاسرائيلي، فحالة الهلامية والضبابية التي تخيم على المفاهيم الدستورية والقانونية القاضية بطبيعة تداول السلطة وانتقالها بحسب القانون الفلسطيني المعدل ،لم تكن جزافية ولكنها مبرمجة ضمن خطوط عرض وطول التفكير الاحتلالي بدقة، وقد جعلها الاحتلال هدفا يمكن ان يبني عليه اعتباراته خلال المرحلة القادمة، حيث عملت الالة الاعلامية الاسرائيلية منذ زمن بعيد على بث روح الفرقة والكراهية بين كل الاطراف الفلسطينية ، وعززت قواعد الحقد والكراهية بقوة لتنطلق حلبة الصراع على السلطة بعد مرحلة ابو مازن ، وحينها ستتوه البوصلة الوطنية ،وسيكون لكل طرف من الاطراف وجهته التي يصبو اليها، وان الذهاب الى عقد المجلس الوطني في دورته الاخيرة، يمكن البناء عليها باعتبار ان هذا المجلس هو الجسم البديل عن المجلس التشريعي الفلسطيني الذي افرزته السلطة الوطنية وما هي الا مخرج من مخرجات منظمة التحرير الفلسطينية وامتداد عملي لقرار المجلس الوطني الفلسطيني، وما رشح من اقوال عن لسان عزام الاحمد بان الاخ سليم الزعنون يمكنه ان يسد الفراغ السياسي والدستوري عند غياب الرئيس ابو مازن لهو دليل على ذلك، وحينها ستستعر معركة الشرعيات بين تولي رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك رئاسة السلطة في الفترة الانتقالية ٦٠ يوما حتى اجراء الانتخابات الرئاسية ،ام سيتولاها الزعنون رئيس المجلس الوطني.

وأمام هذا السيناريو ستجد التشللات قد ظهرت، وتاهت البوصلة السياسية عبر التجاذبات الفصائلية ، وقد تمتد الى تجاذبات القوى الفردية من اصحاب النفوذ والحضور الشخصي او الامني او السياسي او الوطني او الاقليمي او غير ذلك، وهو ما سيزيد الطين بله وسيجعل من المشروع الوطني مهلهلاً منهكاً بعد حالة من استنزاف القوى الفلسطينية الداخلية، وحينها قد يصل الحال الى مرحلة استجداء الاحتلال للخروج من دوامة الصراع على السلطة وامام حالة الضعف والوهن سيفرض الاحتلال ومن معه الحلول التي تخدم وجوده في المنطقة والتي ستكون بلسان ومطلب الفلسطينيين.

الفراغ الدستوري أمر جد خطير ، والدخول في حالة التيه الوطني ستفقد المشروع الوطني قيمته ووجهته نحو التحرير، وسيتحقق تحول كبير في المنطقة لن يكون لصالح الفلسطينيين خاصة وان الكثيرين استنمروا علينا وعلى قضيتنا وهم بانتظار ان ينقضوا علينا لانهاء قضيتنا بشكل كامل. 
فرصة توحيد البوصلة الوطنية قائمة وعلى كل الشرفاء ان يلتقطوها وان يحافظوا عليها وان يحققوا مقومات التشبث بها مهما كان الثمن، فطريق الوحدة الوطنية مفتوح والقانون الدستوري الذي نظم العلاقات بين الاطراف موجود والنظم واللوائح الحاكمة للسلوك الوطني موجودة فلماذا لا تتوحد الجهود وان تفعلها بحق وتنطلق نحو عملية ديمقراطية تحتكم الى اراء وتوجهات الجمهور ، فليكن صندوق الانتخابات هو الحكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق