السبت، 21 يوليو 2018

الصيانة من منظور سياسي

د . محمد عبد اشتيوي

لقد مر المشروع الوطني الفلسطيني بالعديد من المحطات التي أنهك بعضها الكثير مقومات العمل ومقومات الصمود في وجه أعتى احتلال في تاريخنا الحديث، وإذا ما تتبعنا معطيات تلك المحطات وآثارها نجد بأننا كحالة فلسطينية بحاجة إلى إعادة إنتاج لذواتنا و لقضيتنا من خلال تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف، حيث من الجدير أن نقف عند نقاط الضعف بهدف تصحيحها باعتبارها نتوءً سلبياً قد يضر بمشروعنا الوطني ككل، وهنا يتحقق مفهوم الصيانة بمضمونه العملي، وذلك يحتاج إلى قناعة ثقافية لدى أصحاب القرار الفلسطيني ممن يستطيعون التأثير في تغيير المعادلات الوطنية لصالح قضينا برمتها ، وجدير حينها أن يقف أصحاب القرار عند كل صغيره وكبيرة يمكنها أن تسهم في تعزيز المعادلة لصالح المشروع الوطني الفلسطيني، فيؤخذ بالاعتبار الاهداف الوطنية العامة التي يتوجب على المشروع الوطني تحقيقه، مقابل أدوات وأساليب وخطط واستراتيجيات وسياسات العمل الوطني المتبعة، وعمليات الصيانة حريٌّ أن تربط كل معطيات العمل الوطن مع الاهداف المتوقع تحقيقها، وذلك لأن لا تكون صيانة الوسائل و الأدوات هي الهدف المنشود، وعليه فلابد من التركيز على أن المشروع الوطني وجد من قاعدة الحاجة إلى تحرير الأرض، والانسان من دنس المحتلين.
إذن عمليات الصيانة يجب أن تشمل كل معطيات المشروع الوطني وصولا إلى حالة وطنية صحية يمكن الإنطلاق منها نحو تحقيق الاهداف الوطنية العامة.
فالصيانة في مضمونها العام تشير إلى تصحيح المعطوب أو إ صلاح الخلل، ومن جانب آخر هي المحاولة فى الحفاظ على مستوى معين من الأداء الصحي والسليم،
وبالرغم من الاجتهادات الوطنية التي تقدمها فصائل العمل الوطن باتجاه طرد المحتلين عن أرضنا، إلا أن عدونا لم يفتأ للحظة في وضع العقبات أمامها، بل أنه يذهب في كل لحظة لارتكاب الجرائم في محاولة لتوسيع رقعه احتلاله لأرضنا ومقدراتنا، وكل ذلك يأني في إطار تعطيل مسيرة مشروعنا الوطني، والمتتبع لمراحل الصراع مع هذا العدو المحتل يجد بأن أساليبه وأدواته وسياساته وخططه سواء كانت السياسية أو العسكرية أو غيرها تتغير وتتبدل من فينة إلى أخرى وذلك بحسب متطلبات المرحلة وبما تخدم مصلحته في وجوده على أرضنا، في المقابل علينا كفلسطينيين أن نتناغم مع تلك التغيرات من خلال استحداث وابداع أساليب وأدوات وخطط وسياسات جديدة، تأتي في مضمونها لصيانة المشروع الوطني بإستبعاد أو تعديل وتطوير ما هو قائم أو ايجاد حالة ابداعية جديدة-
ولا تجوز أي عملية استحداث أو تطوير أو تغير أو صيانة بعيدا عن ربطها بالأهداف العامة للمشروع الوطني، وأن عمليات الصيانة تلك لا يجوز أن تفهم بمنطق التراجع أو التخاذل أو العجز وانما يجب أن تكون في إطار الأبداع السياسي والتحول الايجابي نحو ما هو أفضل لمشروعنا الوطني، وأن حالة عدم التوافق الكلى لفصائل العمل الوطن حول مدى قناعتهم بعمليات الصيانة المشار لها لا يجب أن تكون محط صراع بيننا وانما يحب أن ينظر اليها من باب التكامل للأدوار مادام الهدف واحد فكل فصيل قد يؤمن بأساليب وأدوات مغايرة عن التي يؤمن بها الفصيل الآخر ، فهذا أمر منطقي ويمكن الانتفاع به وطنياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق