الاثنين، 6 فبراير 2012

خلاصة فكرية بعنوان :الطـــــوباويـــة الاداريــــــة

خلاصة فكرية بعنوان :
الطـــــوباويـــة الاداريــــــة
بقلم الدكتور: محمد عبد اشتيوي
في ضوء الدلالات التي يشير اليها مصطلح الطوباوية فهي حالة تدلل على كل ما هو غير واقعي وغير قابل للتحقق ويذهب الى ما هو خيالي ووهمي, فعند الانسان الطوباوي يبرز العامل العاطفي أكثر من العامل العقلي ويتقدم عالم الأماني على عالم المعرفة والواقعية.
فالطوباوية تذهب الى تغليف الأشياء بأمنيات من السوليفان تنمقها وتجملها لتنظرها في فضاءات الافتراض, لتشبع ما يرغب اليه ناظرها, والرغبة عند الانسان ترتبط الى حد كبير بعاطفته باعتبارها حاضنة للتمني. كما ان الطوباوية هي تعبير عن المثالية المطلقة للأشياء التي يصعب بلوغها.
وهنا نقف نتساءل هل يلتقي مفهوم الطوباوية بمفهوم الادارة ؟ وما طبيعة العلاقة بينهما؟
يدفعنا هذا السؤال الى ان نفكر في علاقة الطوباوية بكل عملية من العمليات الادارية, ويمكننا توضيح ذلك على النحو التالي:-
1- الطوباوية وعملية التخطيط: يمكننا القول بان التخطيط لا يلتقي مع الطوباوية من حيث الجوهر نظرا للعديد من الاسباب يمكن ذكر التالي منها:
-         التخطيط مبني على المعلومات الدقيقة, أما الطوباوية فهي مبنية على العاطفة والتقدير والخيال .
-         التخطيط يتمتع بالمرونة لزوم التطبيق, أما الطوباوية في صورة مثالية جامدة ليس لها ان تتأثر باي من المتغيرات المختلفة.
-         يعتبر التخطيط وسيلة لتحقيق أهداف محددة, أما الطوباوية فهي غاية او هدف بحد ذاتها.
-         يلتقي التخطيط بالطوباوية كونهما يسعيان الى تحقيق أفضل الحالات.
-         يلتقي التخطيط بالطوباوية كونهما سيناريوهات غير محققة بعد.
2- الطوباوية وعملية التنظيم: يمكن أن تتضح العلاقة بينهما في النقاط التالية:
-         لما كانت ماهية التنظيم تقسيم وتخصيص الأعمال الفرعية في المنظمة, كانت الطوباوية نتاج كلي توقعي للعمل يتصف بالمثالية المطلقة.
-         تستند عملية التنظيم على مدخلات دقيقة وواضحة, أما الطوباوية لا تعتد بماهية المدخلات وانما تنظر الى المخرجات فقط.
-         يتم التنظيم في ضوء الاهداف الموضوعة سعيا لتحقيقها, أما الطوباوية لا تستند الى أي من المتغيرات ولكنها تأخذ بنجاحها كمسلمات.
3- الطوباوية وعملية التوجيه: ببساطة يمكننا اعتبار التوجيه بداية العمل الميداني من حيث تنفيذ الخطة في ضوء ما تم من تنظيم للموارد المتاحة. حيث يتم الاعتماد فيه على مجموعة من برامج العمل التي تحول الخطة الى واقع عملي. وهنا تتضح علاقة الطوباوية بعملية التوجيه في النقاط التالية:
-         تعتمد عملية التوجيه على  الواقعية, اما الطوباوية فهي حالة خيالية غير واقعية.
-         عملية التوجيه هي عملية جزئية من عمليات الادارة, أما الطوباوية نتاج كلي بغض النظر عن العمليات أو المتغيرات المؤدية اليه.
-         التوجيه يعتمد على المعلومات والخطط المستقبلية, أما الطوباوية تعتمد على العاطفة والتوقع والخيال.
4- الطوباوية وعملية الرقابة: تتضح العلاقة بينهما في النقاط التالية:
-         تتم الرقابة على عمل قد انجز وانتهى, أما الطوباوية فهي حالة مستقبلية مأمولة لم تحقق بعد.
-          تستند الرقابة الى اسس ومعايير محددة, والطوباوية هنا تتفق مع الرقابة كونهما يسعيان الى حالة الكمال للإنتاج.
-         تعتبر الرقابة وسيلة للوصول الى المثالية, أما الطوباوية فهي المثالية نفسها.
5- الطوباوية وعملية التقييم: التقييم هو تعبير عن وصف حالة قد تمت وانتهت وهدفت الى تحديد نقاط القوة والضعف فيها, وذلك ذهابا نحو تعزيز نقاط القوة واصلاح نقاط الضعف. أما عن علاقة عملية التقييم بالطوباوية يمكن أن تتضح في النقاط التالي:-
-         التقييم يهدف للتحسين وصولا لأفضل ما يمكن الوصول اليه, أما الطوباوية فهي تعبير عن المثالية المطلقة والكاملة التي لا تحتاج الى التحسين.
-         التقييم يحدد نقاط القوة والضعف في العمل, أما الطوباوية لا تعترف بنقاط الضعف.
-         التقييم وسيلة لتحقيق الطوباوية, أما الطوباوية فهي عمل منجز ومنتهي.
ومن الجميل ان ننظر الى نجاح العمليات الادارية نظرة طوباوية مبنية على الأمل بالنجاح الكامل, وهذا يبقى قيد التفكير والاعتقاد وفي نفس الوقت يجب ان نتساءل هل الطوباوية حالة صحية ام غير صحية عند تنفيذ العملية الادارية؟  مما سبق يتضح لنا بأنها غير صحية عند تنفيذ العملية الادارية نظرا لجمودها وعدم مرونتها وعدم اعترافها بقدرة العمليات الادارية التي من الممكن أن توصلنا الى الحالة المثالية المتكاملة, علما بأن الادارة تقوم على اساس انها علم وفن, فهي علم مبني على النظريات والاسس العلمية, ويتمثل الفن فيها عند تطبيق تلك النظريات والاسس العلمية على ارض الواقع, ففن تطبيق تلك النظريات يعتمد على الأخذ بالمتغيرات التي تحكم عملية التنفيذ ولا يعتمد على نظريات جامدة لا علاقة لها بالواقع, فالإدارة علم يحتاج المرونة في التطبيق لكي يتم تحقيق الاهداف بواقعية ومرونة, والواقعية والمرونة يجب ان تتصف بها جميع العمليات الادارية (التخطيط, التنظيم, التوجيه, الرقابة, التقييم) وذلك لتحقيق رؤيا ورسالة وأهداف المنظمة.
   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق