الأحد، 5 فبراير 2012

الارتجال الاداري

خلاصة فكرية بعنوان:
الارتجــــــــال الاداري
المتابع لواقع العديد من منظمات العالم العربي, يجد بأن أداء أي عمل محكوم لعدد من القرارات المنصوصة, والتي في الغالب قد تكون صماء وعمياء لا تشعر بمتغيرات الواقع المحيط للأداء ولكنها تمت زمان معين من وجهة نظر معينة ومن زاوية محددة, وما على الاخرين الا ان ينفذوها كما جاءت حرفيا, وذلك يمثل عبئا كبيرا على كاهل الاداريين المنفذين لتلك القرارات, لأن أي نتوء او خروج عن نصيتها سيضع الاداري أمام المساءلة الادارية ودفع الثمن, والسؤال هنا هل باستطاعة جميع الاداريين استيعاب وفهم تلك القرارات بشكل تفصيلي وموحد ما يجعلهم يتصرفون نفس التصرف؟ يسوقنا هذا التساؤل الى التفريق بين مصطلحين هامين في علم الادارة وهم "المدير, القائد" بخصوص ما يتعلق بتنفيذ القرارات, فالمدير هو من يتناول القرارات الادارية كمسلمات وما عليه الا ان يقوم بتنفيذها حرفيا, أما القائد فهو الذي يؤثر في الاخرين دون الضغط عليهم فيتناول القرارات مضفياً عليها سماته الشخصية في تطبيقها, بمعنى ان القائد يستغل هامشا معينا لتفعيل سماته الشخصية عند تنفيذ القرارات, ما يجعله يتصرف خارج النص الحرفي لتلك القرارات بطريقة غير مبرمجة وغير مدروسة مسبقا مستغلا متغيرات الموقف وتسخيرها لتحقيق الهدف وتنفيذ تلك القرارات, وهو ما يسمى بالارتجال الاداري . فالارتجال الاداري يترك المجال للقائد المنفذ ان ينفذ القرارات المنصوصة بطريقته التي يراها تتناسب مع موقف التنفيذ اعتمادا على قدراته ومهاراته وسماته الشخصية, ولكن من المفترض الا تتعدى نتائج الارتجال الاطار العام للقرارات المنصوصة, وان تكون في عباءتها, وبالعودة الى ما تساءلنا سابقا هل جميع من يقومون على التنفيذ سينفذون بنفس التصرف؟ ترتبط الاجابة عن هذه الجزئية بمدى تطبيق المنظمات مفهوم التمكين الاداري الذي يعتمد على اعداد وتدريب وتمكين العاملين من امتلاك القدرات التي تؤهلهم بالقيام للمهام الملقاة على عاتقهم. فالعامل الممكن يكون باستطاعته التعامل مع المتغيرات الموقفية في ضوء الانظمة والقرارات المنصوصة, فيمكن اعتبار التمكين مدخلا هاما لعملية الارتجال الاداري والتي تعتمد على الذات وما تملكه من امكانات عند الاداري. ولكن ليس من الضروري ان تكون الارتجال الاداري نتائجه ايجابية, فمن الممكن ان تنعكس نتائجه سلبيا على المنظمة, حيث تعتمد نتيجة الارتجال الاداري على طبيعة ممارسته من قبل الادراي, ويمكن حصر ايجابيات وسلبيات الارتجال الاداري على سبيل السرد لا الحصر على النحو التالي:
اولا: ايجابيات الارتجال الاداري
-         القدرة على التعامل مع المتغيرات الموقفية غير المتوقعة.
-         العمل ضمن الاطار العام للانظمة والقرارات المنصوصة لا بحرفيتها.
-         ابراز ابداعات ومهارات الاداري الكامنة .
-         تعزيز الثقة بين المنظمة والاداري بمنحه امكانية الارتجال.
-         الخروج من حالة الجمود الاداري.
-         تعزز واقع المرونة الادارية بالتعامل مع المتغيرات المحيطة.
ثانيا: سلبيات الارتجال الاداري
-         وضع القرارات المنصوصة موضع التقدير حسب خلفيات وقدرات الاداري.
-         اضفاء صفة الشخصنة للعمل الاداري الى حد كبير.
-         اعطاء الفرصة للاداري ان ينفذ مخططات خاصة به تحت غطاء الانظمة والقرارات المنصوصة.
-         تعطي الاداري هامشا من الانتقام او التعظيم لشخص او مجموعة في المنظمة.
-         فتح المجال للتحريف والالتواء لنصوص القرارات.
-         اعطاء فرصة للاداري بالتذرع بتعقيد التعامل مع المتغيرات الموقفية عند فشل التنفيذ.
ولتعزيز حالة الارتجال عند العاملين فلا بد من تمكينهم من أعمالهم بالشكل الذي يضمن قدرتهم على التعامل مع أي من المتغيرات غير المتوقعة وغير المدروسة مسبقا, ولكن يجب ان يتعاملوا مع تلك المتغيرات في ضوء الانظمة والقوانين التي نصت عليها المنظمة من قبل, ضمانا لتنفيذ الاهداف التي حددتاها المنظمة بدون الانحراف عن عن استراتيجيات التنفيذ المعدة, وضمانا للحفاظ على مقدرات المنظمة.
بقلم الدكتور: محمد عبد اشتيوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق