الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

غزة أكبر من غزة


غزة أكبر من غزة
قليلة هي لحظات السعادة التي يشعر بها الفلسطيني الذي يعيش في قطاع غزة, فلطالما هو المتهم ولطالما هو المعاقب على عتبات التاريخ المتنوعة, الامر الذي جعل العديد من ابناء قطاع غزة تتجذر في نفوسهم بانهم هم الذين يجب ان يدفعوا الثمن دائما فجعلت المتأرجحين على حبال الأمل يذهبون نحو الاعتقاد بأن وجودهم على هذه الارض ربما يكون مغايرا لحقيقة التاريخ وللمحطات التي رسمت بمباركة اصحاب المصالح ممن يرون ان ابناء قطاع غزة يجب ان يكونوا هم الوقود وهم من يدفعون الثمن لأي حالة سلبية قد تطرأ على جنبات العالم الذي نعيش, فلو حدث في أي دولة من الدول سواء كانت عربية ام اجنبية تجد ابناء قطاع غزة هم اول المتهمين واول من يدفعون ثمن تلك الحالة سواء كانوا مشاركين فيها ام لم يكونوا كذلك, فيضرب عليهم الحصار وتغلق ابواب المطارات والمعابر في وجوههم وتفتح السجون واقبية التعذيب والترحيل وغير ذلك من الاساليب القمعية التي تهدف في النهاية الى تقزيم الانسان الفلسطيني وتجعله يتناسى قضيته الرئيسة ليصبح يلهث وراء براءته مما هو متهوم به على الدوام "الاخلال بالأمن".
ولكننا امام عتبة من عتبات التاريخ تستحق ان تتساوى هاماتنا مع ما حققته المقاومة في قطاع غزة دفاعا عن شرف العروبة اولا وعن كرامة وارض فلسطين المغتصبة, لنجد ان قطاع غزة بقيمته الاعتبارية اكبر بكثير من الحدود التي فرضها ورسمها الاحتلال لهذا القطاع المحاصر, لو تمحصنا قليلا في أيديولوجيات الفكر المتعددة نجد بان قضية فلسطين هي القضية المركزية للعالم العربي والاسلامي, والمتتبع للأحداث يجد بان طبيعة الصراع بين مراكز القوى في العالم العربي والاسلامي يتركز الى حد كبير بكل ما يتصل بالقضية الفلسطينية, وأن غزة باعتبارها جزء من فلسطين كانت ومازالت وستبقى العقبة الكأداء في وجه الاحتلال الاسرائيلي, حتى اعتقد الاسرائيليون بأن قمع قطاع غزة والسيطرة عليه بشتى السبل سيحقق الأمن في المنطقة باسرها, على اعتبار انها تسيطر عمليا على الاراضي المحتلة عام 48وان اراضي الضفة الغربية تحكمها معاهدات واتفاقات مثل اوسلو التي ضمنت لإسرائيل حق العيش بسلام.
ولكن وامام حالة الانتصار الاستثنائية المميزة التي حققها قطاع غزة في العدوان عليه في حرب الايام الثمانية نجد بان غزة اخذت على عاتقها ان تكون البؤرة التي تتمركز حولها حالة الصراع العربي الاسرائيلي فمثلت في نفسها كينونة العرب والمسلمين في هذا العالم الكبير فخرجت عن حدودها الجغرافية بنصرها لتجسد حالة من العزة والكرامة لكل الفلسطينيين وكل العرب وكل المسلمين, وفي المقابل كسرت اهزوجة الكذب الاسرائيلية التي لطالما عزفوها على الاوتار العربية بأن اسرائيل هي الدولة التي لا تقهر في المنطقة, فقطاع غزة قهر هذه الدولة وكسر كل النظريات الكذابة التي نقشها اليهود في عقول مواطني دولة اسرائيل المزعومة وكذلك في عقول المرتجفين والضعفاء من العرب.
وتجدر الاشارة هنا الى النصر الذي حققه قطاع غزة والذي اقترن بنصر جديد وهو نيل دولة فلسطين كدولة غير عضو ومراقب في الأمم المتحدة, والتي تحققت نتاج ركيزتين اساسيتين وما كان لها ان تتحقق بدونهما , أما الركيزة الاولى فتمثلت في الجهد السياسي والدبلوماسي الذي بذله السيد الرئيس ابو مازن وطاقمه على المستوى العالمي أما الركيزة الثانية تمثلت في قوة المقاومة ونوعيتها التي ادهشت العالم بأسره وحققت مالا يتوقع العديد منهم, فقد ساعدت حالة المقاومة في كشف الأراجيف والأكاذيب الاسرائيلية جعلت العالم يتعاطف مع الشعب الفلسطيني ويعترف بحقه في تقرير مصيره وقد تحقق فعلا دعم العالم في ولادة دولة فلسطين. وهنا يجب ان نقف ولو قليلا امام حالة من التحول الفكري التي يجب ان تفرض نفسها على عقول قادة شعبنا الفلسطيني فعليهم ان يقتنعوا بأن المقاومة لا غنى عنها في التي ترفد وتسند السياسيين, وان السياسة لا غنى عنها في التي تسوس المقاومة نحو تحقيق اهداف امتنا.
في ضوء هذه المفاهيم جدير  بكل من تذوق طعم العزة والنصر الذي حققه قطاع غزة أن يدعم باتجاه وحدة ابناء شعبنا وتجسيد اللحمة الوطنية والاسلامية التي تتكسر امامها كل المؤامرات على شعبنا وعلى قضيتنا, فمشوارنا طويل مع هذا العدو الغاشم فلا بد لنا ان نعزز وحدتنا وقوتنا وكل مقدراتنا وتعزيز التفكير في تقديم الواجب على الامكان .فواجبنا تجاه تحرير الانسان والارض الفلسطينية واجب مقدس لا يجدر لأحد منا التنازل عنه مهما حيينا ابدا.      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق