الاثنين، 9 يناير 2012

خلاصة فكرية بعنوان: النظارة الخضراء- نظارة السعادة




جميل أن نرى الأشياء على ما نحب ونرغب, بما يدخل الى قلوبنا السعادة والقبول لتلك الاشياء, وهنا يكون معدل القبول لها نسبياً ومرتبطاً بمستوى قبولنا وقناعتنا بما رأينا, علماً بان مستوى القبول مرتبط بالعديد من المتغيرات الذاتية للإنسان ويتأثر بها مثل: عامل الثقافة, والتحصيل العلمي, والعمر, والعديد من العوامل والمتغيرات الأخرى, وهذا يدلل على أن رؤية الأفراد تتفاوت نحو الأشياء اعتماداً على تلك المتغيرات.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام, هل كل ما يراه الفرد حقيقياً؟ الجواب عن هذا السؤال يدفعنا للتفكير في اتجاه التردد والتشكيك في واقع حقيقة الاشياء التي نراها والتي تصادفنا في حياتنا, علماً بأن سلوكنا كأفراد مرتبط بمثير أو مسبب للسلوك ارتباطاً وثيقا بغض النظر عن ماهيته أو مضمونه غير المرئي أو المخفي. ولكنه يعتمد على الحالة العامة التي تم اخراج ذاك المثير أو المسبب فيها, وهذا المفهوم يعود بنا الى ما كان يحكى بشكل قصصي, عندما كان رجلاً يمتلك شاةً مدللةً اعتادت تلك الشاة على المأكولات النضرة كالبرسيم الاخضر والأعشاب والحشائش الخضراء, ولما تعذر على الرجل توفير تلك الحشائش والاعشاب الخضراء لظروف مر بها, واضطر ان يقدم للشاة الحشائش المجففة( التبن) وشيء من الحطب اللين, عزفت الشاة عن الكل لمرات فنحلت وكادت ان تموت, ففكر الرجل ان يتحايل على الشاة بطريقة ملتوية, فأحضر نظارة لونها اخضر والبسها للشاة وقدم اليها الحشائش المجففة والحطب اللين, فباتت الشاة ترى لونها أخضر عبر النظارة التي لبستها. وذلك على غير لونها الحقيقي, فأقبلت عليها وأكلتها بشراهة ولم تعتد بحقيقتها, ولكنها تقبلتها بسعادة بما يحقق حاجتها ويسد رغبتها, اذاً هذا يدلل على أن ليس كل ما نراه حقيقياً, فقد تكون الحقيقة مغايرة تماما للواقع ولكن حالة التجميل والتنميق التي تتم عليها يمكن أن تخرجها بشكل يجعلها مقبولة عند الاخرين الذين من الممكن ألا يقبلوها لو كانت على حالتها الحقيقية, وهو ما أشار اليه علماء الانثروبولوجيا عندما تحدثوا عن مفهوم "النفاق الاجتماعي" الداعي الى إجراء عمليات تجميل وتنميق للأشياء بما يجعلنا نقبلها بسعادة ورغبة, فيكون الناس على غير حقيقتهم وكأنهم يفرضون علينا أن نلبس النظارة الخضراء كي نراهم عبرها ونتقبلهم برضا وسعادة, فالنظارة الخضراء قد تكون هي الاساس في توفير السعادة للعديد من الناس, لذا فالنظارة الخضراء هي نظارة السعادة.

                                                                  بقلم الدكتور: محمد اشتيوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق